٣

إِلهِ النَّاسِ معبودهم هما عطف بيان لرب الناس فان المربى قد يطلق على الوالد و رب الدار و يطلق على المالك و هو لا يكون ملكا و لا معبودا و الملك قد يطلق على السلطان و هو لا يكون معبودا مستحقا للعبادة و اللام فى الناس للعهد و المراد به النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم و اتباعه و تخصيصهم بالذكر مع كونه تعالى ربا و ملكا و الها بكل شى ء لاظهار شرفهم و لان المقصود بانزال السورتين دفع شر السحر و غيره عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و عن اتباعه لان من حق الرب و الملك و الا له حفظ المربوب و المملوك و العائد عن الشر قال غوث الثقلين أ يدركني صنم و أنت ظهرى أ أظلم فى الدنيا و أنت نصيرى فعار على حامى الحمى و هو قادر إذا أضاع فى البيداء عقال بعيري و الكفار و ان كانوا مربوبين مملوكين لكن لعدم اعترافهم به غير مستحقين للحماية ولدا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم يوم الأحزاب اللّه مولانا و لا مولا لكم و تكرير الناس بالإظهار من غير إضمار لان عطف البيان موضوع للبيان و فى الإظهار زيادة البيان و للاشعار بشرف النبي صلى اللّه عليه و سلم و اتباعه و

قال البيضاوي و لما كانت الاستعاذة فى السورة المتقدمة من المضار البدنية و هى تعم الإنسان و غيره و الاستعاذة فى هذه السورة من الإضرار اللتي تعرض النفوس البشرية و تخصها عمم الاضافة ثمه و خصصها بالناس هاهنا فكانه قال أعوذ من شر الموسوس الى الناس بربهم الذي يملك أمورهم و يستحق عبادتهم و قيل وجه التكرير لفظ الناس ان المراد بالناس الاول الأطفال و معنى الربوبية يدل عليه و بالثاني الشاب المجاهدين فى سبيل اللّه و لفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه و بالثالث الشيوخ المنقطعين الى اللّه تعالى و لفظ الإله المنبئ عن العبادة يدل عليه و بالرابع الصالحون إذا الشيطان حريص على عداوتهم و بالخامس المفسدون لعطفه على معوذ منه و فى ذكر أطفال المؤمنين و الرجال الصالحين استجلاب للرحمة و استدفاع للعذاب قال رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم لو لا رجال ركع و أطفال وضع و بهائم رتع نصب عليكم صبا رواه ابو يعلى و البزار و البيهقي من حديث ابى هريرة و له شاهد مرسل أخرجه ابو نعيم عن الزهري و قال اللّه تعالى لو لا رجال مومنون و نساء مومنات لم تعلموهم الاية

قال البيضاوي فى هذا النظم دلالة على انه تعالى حقيق بالاعادة قادر عليها غير ممنوع عنها و اشعار على مراتب الناظر فى العارف فانه يعلم اولا بما يرى عليه من النعم الظاهرة و الباطنة ان لم ربا ثم بعد النظر يتحقق انه غنى عن الكل ذوات كل شى ملكه و مصارف أمورهم منه فهو الملك الحق ثم يستدل على انه هو المستحق للعبادة.

﴿ ٣