٢٦قوله: {إ نّ اللّه لا يسْتحْى أنْ} فـ"يستحي" لغة أهل الحجاز بياءين وبنو تميم يقولون "يسْتحى" بياء واحدة، والأولى هي الاصل لان ما كان من موضع لامه معتلا لم يعلّوا عينه. الا ترى انهم قالوا: "حي يْتُ" و "جو يْتُ" فلم تُقلّ العين. ويقولون: "قُلْتُ" و "ب عْتُ" فيعُلُّون العين لما لم تعتلّ اللام، وانما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة كما قالوا "لمْ يكُ" و "لمْ يكُنْ" و "لا أدْر " و "لا أدْر ي". وقال {مثلاً مّا بعُوضةً} لان "ما" زائدة في الكلام وانما هو إنّ اللّه لا يستحي أن يضر ب بعوضةً مثلاً". وناس من بني تميم يقولون {مثلاً مّا بعُوضةً} يجعلون (ما) بمنزلة "الذي" ويضمرون "هو" كأنهم قالوا: "لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي هو بعوضةٌ" يقول: "لا يستحي أن يضرب الذي هو بعوضةٌ مثلاً. وقوله {فما فوْقها} قال بعضهم: "أعظم منها" وقال بعضهم: كما تقول: "فلان صغ ير" فيقول: "وفوق ذلك " [٢٦ء] يريد: "وأصغرُ * من ذلك ". وقوله {ماذآ أراد اللّه ب هذا مثلاً} فيكون "ذا" بمنزلة "الذي". ويكون "ماذا" اسما واحدا ان شئت بمنزلة "ما" كما قال {ماذا أنْزل ربُّكُمْ قالُواْ خيْراً} فلو كانت "ذا" بمنزلة "الذي" لقالوا "خيرٌ" ولكان الرفع وجه الكلام. وقد يجوز فيه النصب لانه لو قال "ما الذي قلت"؟ فقلت "خيراً" أي: "قلت خيراً" لجاز. ولو قلت: "ما قلت": "فقلت: "خيرٌ" أي: "الذي قلت خيرٌ" لجاز، غير انه ليس على اللفظ الأول كما يقول بعض العرب اذا قيل له: "كيف أصبحت"؟ قال: "صالحٌ" أي: "أنا صالحٌ". ويدلك على أن "ماذا" اسم واحد قول الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثلاثون]: دع ي ماذا علمتُ سأتّقيه * ولكنْ بالمغيّب نبّ ئ يني فلو كانت "ذا" ها هنا بمعنى (الذي) لم يكن كلاما. |
﴿ ٢٦ ﴾