٢٩

هذا باب من المجاز

أما قوله {ثُمّ اسْتوى إ لى السّمآء فسوّاهُنّ} وهو انما ذكر سماء واحدة، فهذا لأن ذكر "السماء" قد دل عليهن كلّهنّ. وقد زعم بعض المفسرين ان "السماء" جميع مثل "اللبن". فما كان لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجماعة جازان يجمع فقال {سوّاهُنّ} فزعم بعضهم ان قوله {السّمآءُ مُنفط رٌ ب ه } جمع مذكر كـ"اللّبن". ولم نسمع هذا من العرب والتفسير الأول جيد. وقال يونس: {السّمآءُ مُنفط رٌ ب ه } ذكر كما يذكر بعض المؤنث كما

قال الشاعر: [من المتقارب وهو الشاهد الحادي والثلاثون]:

فلا مُزْنةٌ ودقتْ ودْقها * ولا أرضُ** أبقل إبقالها

وقوله: [من المتقارب وهو الشاهد الثاني والثلاثون]:

فإمّا تريْ ل مّتى بُدّ لتْ * فإنّ الحواد ث أوْدى ب ها

وقد تكون "السماء" يريد به الجماعة كما تقول: "هلك الشاةُ والبعيرُ" يعني كل بعير وكل شاة. وكما قال {خلق سبْع سماواتٍ وم ن الأرْض م ثْلهُنّ} أي: من الأرضين.

وأما قوله {اسْتوى إلى السمآء} فان ذلك لم يكن من اللّه تبارك وتعالى [٢٧ء] لتحول، ولكنه يعني فعله كما تقول: "كان الخل يفة في أهْل العراق يوليهم ثم تحوّل إلى أهل الشام" انما تريد تحول فعله.

﴿ ٢٩