٤٦

باب اسم الفاعل.

قال {الّذ ين يظُنُّون أنّهُم مُّلاقُو ربّ ه مْ} فأضاف قوله {مُّلاقُو ربّ ه مْ} ولم يقع الفعل. وانما يضاف اذا كان قد وقع الفعل تقول: "هم ضاربوا ابيك" اذا كانوا قد ضربوه. واذا كانوا في حال الضرب او لم يضربوا قلت: "هم ضاربون أخاك" الا ان العرب قد تستثقل النون فتحذفها في معنى اثباتها وهو نحو {مُّلاقُو ربّ ه مْ} مثل { كُلُّ نفْسٍ ذآئ قةُ الْموْت } ولم تذق بعد.

وقد قال بعضهم: {ذائقةٌ الموت} على ما فسرت لك. وقال اللّه جل ثناؤه {إ نّا مُرْس لُو النّاقة } وهذا قبل الارسال ولكن حذفت النون استثقالا.

وقال {وكلْبُهُمْ باس طٌ ذ راعيْه } فأثبت التنوين لانه كان في الحال.

وقال {إ نّا كاش فُو الْعذاب قل يلاً} على ذلك ايضاً. وزعموا [٣٨ب] ان هذا البيت ينشد هكذا: [من البسيط وهو الشاهد الثاني والستون]:

هل أنت باعثُ دينارٍ لحاجت نا * او عبد ربٍّ أخا عمرو بن م خْراق

فأضاف ولم يقع الفعل ونصب الثاني على المعنى لان الأول فيه نية التنوين، كقول اللّه جل وعزّ {وجعل الْلّيْل سكناً والشّمْس والْقمر حُسْباناً} ولو جررت "الشمس" و"القمر" و"عبد رب اخا عمرو" على ما جررت عليه الأول جاز وكان جيدا.

وقال {إ نّا مُنجُّوك وأهْلك إ لاّ امْرأتك} فالنصب وجه الكلام لأنّك لا تجرى الظاهر على المضمر، والكاف في موضع جرّ لذهاب النون. وذلك لان هذا اذا سقط على اسم مضمر ذهب منه التنوين والنون ان كان في الحال وان لم يفعل، تقول: "هو ضاربُك الساعة أو غداً" و"هم ضاربوك". واذا أدخلت الالف واللام قلت: "هو الضارب زيداً" ولا يكون ان تجرّ زيداً لأن التنوين كأنه باق في "الضارب" اذا كان فيه الالف واللام، لأن الالف واللام تعاقبان التنوين. وتقول: "هما الضاربان زيداً" و"هما الضاربا زيدٍ" لأن الألف واللام لا تعاقبان التنوين في الاثنين والجمع. فاذا أخرجت النون من الاثنين والجمع من اسماء الفاعلين [٣٩ء] أضفت وان كان فيه الالف واللام، لأن النون تعاقب الاضافة وطرح النون ها هنا كطرح النون في قولك: "هما ضاربا زيد" ولم يفعلا، لأن الأصل في قولك: "الضاربان" اثبات النون لأن معناه واعماله مثل معنى "الذي فعل" واعماله.

قال الشاعر: "من المنسرح وهو الشاهد الثالث والستون]:

الحافظو عورة العشير لا * يأتيُهمُ من ورائ نا نطف

وفي كتاب اللّه {والْمُق يم ي الصّلاة } وقد نصب بعضهم فقال {والْمُق يم ي الصّلاة} و"الحافظو* عورة" استثقالاً للاضافة كما حذفت نون "اللذين " و "الذين".

قال الشاعر: [ من الكامل وهو الشاهد الرابع والستون]:

أبن ي كُليْبٍ إنّ عمّيّ اللذا * قتلا المُلوك وفكّكا الأغْلالا

وقال: {من الطويل وهو الشاهد الخامس والستون]:

فإنّ الذي حانتْ بفلْجٍ دماؤُهم * همُ القومُ كلُّ القوم يا أُمّ خالد

فالقى النون. وزعموا أن عيسى بن عمر كان يجيز: [من المتقارب وهو الشاهد السادس والستون]

فألفيتُهُ غير مُستعْت بٍ * ولا ذاك ر اللّه الاّ قليلا

كأنه انما طرح التنوين لغير معاقبة اضافة وهو قبيح الا في كل ما كان معناه "اللذين" و "الذين" فحينئذ يطرح منه ما طرح من ذلك . ولو جاز هذا البيت لقلت: "هم ضاربو زيدا" وهذا لا يحسن. وزعموا أن بعض [٣٩ب] العرب قال {واعْلمُواْ أنّكُمْ غيْرُ مُعْج ز ي اللّه} وهو أبو السمّال وكان فصيحا. وقد قرىء هذا الحرف {إ نّكُمْ لذآئ قُو الْعذاب الأل يم } وهو في البيت أمثل لانه اسقط التنوين لاجتماع الساكنين. واذا ألحقْت النون نصبت لان الاضافة قد ذهبت، قال {والْمُق يم ين الصّلاة والْمُؤْتُون الزّكاة} [و]

وقال {والذّاك ر ين اللّه كث يراً}

قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع والستون]

النازلون بكلّ معترك * والطيبونُ معاقد الأُزْر

﴿ ٤٦