٦١باب زيادة "م نُ". أما قوله {يُخْر جْ لنا م مّا تُنْب تُ الأرْضُ م ن بقْل ها وق ثّآئ ها} فدخلت فيه (م نْ) كنحو ما تقول في الكلام: "أهلْ البصْرة يأكلون من البُرّ والشعير" وتقول: "ذهبتُ فأصبْتُ من الطّعام" تريد "شيْئا" ولم تذكر الشيء. وكذلك {يُخْر جْ لنا م مّا تُنْب تُ الأرْضُ} شيئا، ولم يذكر الشيء وان شئت [٤٤ب] جعلته على قولك: "ما رأيت م نْ أحدٍ" تريد: "ما رأيتُ أحداً" و"هلْ جاءك م نْ رجْلٍ" تريد هل جاءك رجُلٌ. فان قلت: "انما يكون هذا في النفي والاستفهام" فقد جاء في غير ذلك ، قال {ويُكفّ رُ عنكُم مّ ن سيّ ئات كُمْ} فهذا ليس باستفهام ولا نفي. وتقول: "زيدْ م نْ أفْضل ها" تريد: هو أفضلها، وتقول العرب: "قد كان م نْ حد يثٍ فخلّ عنّي حتّى أذهب" يريدون: قدْ كان حديثٌ. ونظيره قولهم: "هلْ لك في كذا وكذا" ولا يقولون: "حاجةُ، و: لا عليْك" يريدون: لا بأس عليْك*. وأما قوله {اهْب طُواْ م صْراً} وقال {ادْخُلُواْ م صْر إ ن شآء اللّه} فزعم بعض الناس انه يعني فيهما جميعا "م صْر" بعينها، ولكن ما كان من اسم مؤنث على هذا النحو "ه نْد" و"جُمْل" فمن العرب من يصرفه ومنهم من لا يصرفه. وقال بعضهم: "أما التي في "يوسف" فيعني بها "م صْر" بعينها، والتي في "البقرة" يعني بها م صْراً من الأمصار. وأما قوله {وبآءُو ب غضبٍ مّ ن اللّه} يقول: "رجعُوا ب ه " اي صار عليهم، وتقول "باء ب ذنْب ه يبُوءُ بوْءاً". وقال {إ نّ ي أُر يدُ أن تبُوء ب إ ثْم ي وإ ثْم ك} مثله. باب من تفسير الهمز. أما قوله {ويقْتُلُون النّب يّ ين ب غيْر الْحقّ } [و] {ويقْتُلُون الأنْب يآء} كل ذلك [٤٥ء] جماعة العرب تقوله. ومنهم من يقول {النُّباء} أولئك الذين يهمزون "النب ىء" فيجعلونه مثل "عريف" و"عُرفاء". والذين لم يهمزوه جعلوه مثل بنات الياء فصار مثل "وص يّ" و"أوْص ياء" ويقولون ايضاً: "هُمْ وص يُّون". وذلك ان العرب تحوّل الشيء من الهمزة حتى يصير كبنات الياء، يجتمعون على ترك همزة نحو "الم نْسأة " ولا يكاد أحد يهمزها الا في القرآن فان اكثرهم قرأها بالهمز وبها نقرأ، وهي من "نسأْتُ". وجاء ما كان من "رأيْتُ" على"يفْعلُ" أو"تفْعلُ" أو"نفْعلُ" أو"أفْعلُ" غير مهموز، وذلك ان الحرف الذي كان قبل الهمزة ساكن، فحذفت الهمزة وحرك الحرف الذي قبلها بحركتها كما تقول: "من ابوك". قال {أفتُمارُونهُ على ما يرى} وقال {لتروُنّ الْجح يم} وقال {إ نّي أرى ما لا تروْن} وقال {إ نّا لنراك ف ي ضلالٍ مُّب ينٍ}. واما قوله {أرأيْت الّذ ي يُكذّ بُ ب الدّ ين } و{أرأيْت إ ن كان على الْهُدى} وما كان من "أرأيْت" في هذا المعنى ففيه لغتان، منهم من يهمز ومنهم من يقول "أريْت". وانما يفعل هذا في "أرأيْت" هذه التي وضعت للاستفهام لكثرتها. فأما "أرأيْت زيْداً" اذا أردت "أبْصرْت زيداً" فلا يتكلم بها إلاّ مهموزة [٤٥ب] أو مخففة. ولا يكاد يقال "أريْت" لأنّ تلك كثرت في الكلام فحذفت كما حذفت في "[أمانّه] ظريف" يريدون: "أما إ نّه ظريفٌ" [ف] يحذفون ويقولون أيضاً "له نّك لظريفٌ" يريدون: " [لـ] إنّك لظريفٌ". ولكن الهمزة حذفت كما حذفوا في قولهم: [من البسيط وهو الشاهد الحادي والثمانون]: لاه ابنُ عمّ ك لا أفْضلْت في حسبٍ * عنّي ولا أنت ديّاني فتخْزُوني و قال الشاعر "من الكامل وهو الشاهد الثاني والثمانون]: أرأيْت إنْ أهْلكْتُ مال ي كُلّهُ * وتركْتُ ما لك فيم أنْت تلُومُ [فهمز] وقال الآخر: [من المتقارب وهو الشاهد الثالث والثمانون]: اريْت امْرءاً كنتُ لمْ أبْلُهُ * أتان يْ وقال اتّخ ذْن ي خل يلا فلم يهمز. وقال [من الكامل وهو الشاهد الرابع والثمانون]: يا خاتم النُّباء إ نّك مُرْسلٌ * ب الحقّ كُلُّ هُدى السّبيل هُداكا واما قوله {ب ما عصوْا} [فـ] جعله اسما هنا كالعصيان يريد: بعصيانهم، فجعل "ما" و"عصوْا" اسما. |
﴿ ٦١ ﴾