٧٤قال {فه ي كالْح جارة أوْ أشدُّ قسْوةً} وليس قوله: {أوْ أشدُّ} كقولك: "هُو زيدٌ أو عمرو" إنّما هذه {أوْ} التي في معنى الواو، نحو قولك: "نحْنُ نأكُل البُرّ أوْ الشعير أو الأُرُزّ، كلّ هذا نأْكُلُ" فـ{أشدُّ} ترفع على خبر المبتدأ. وانما هو "وهي أشدُّ قسْوةً" وقال بعضهم {فهْي كالح جارة } فأسكن الهاء وبعضهم يكسرها. وذلك ان لغة العرب في "هي" و"هو" ولام الأمر اذا كان قبلهن واو أو فاء أسكنوا أوائلهن. ومنهم من يدعها. قال {وهُو اللّه لا اله إ لاّ هُو} [و] قال {وهُو الْعز يزُ الْحك يمُ}. [و] قال {ولْيتوبوا} وقف وكسر. وقال {فلْيعْبُدُواْ}. وقف وكسر. باب إ نّ وأنّ. قال {وإ نّ م ن الْح جارة لما يتفجّرُ م نْهُ الأنْهارُ وإ نّ م نْها لما يشّقّقُ فيخْرُجُ م نْهُ الْمآءُ وإ نّ م نْها لما يهْب طُ} فهذه اللاّم لام التوكيد وهي منصوبة تقع على الاسم الذي تقع عليه "إنّ" اذا كان بينها وبين "إ نّ" حشو نحو هذا. [و] هو مثل: "إنّ في الدار لزيْداً". وتقع أيضاً في خبر "إنّ" وتصرف "إ نّ" الى الابتداء، تقول: "أشْهدُ إنّهُ لظريفٌ "قال اللّه عزّ وجل {واللّه يعْلمُ إ نّك لرسُولُهُ واللّه يشْهدُ إ نّ الْمُناف ق ين [٤٨ب] لكاذ بُون} وقال {أفلا يعْلمُ إ ذا بُعْث ر ما ف ي الْقُبُور [٩] وحُصّ ل ما ف ي الصُّدُور [١٠] إ نّ ربّهُم ب ه مْ يوْمئ ذٍ لّخب يرٌ} وهذا لو لم تكن فيه اللام كان "أنّ ربّهُمْ" لان "أنّ" الثقيلة اذا كانت هي وما عملت فيه بمنزلة "ذاك" أوْ بمنزلة اسم فهي أبدا "أنّ" مفتوحة. وإنْ لم يحسن مكانها وما عملت فيه اسم فهي "إنّ" على الابتداء. ألا ترى إلى قوله {اذْكُرُواْ ن عْمت ي الّت ي أنْعمْتُ عليْكُمْ وأنّ ي فضّلْتُكُمْ على الْعالم ين} يقول: "اذْكُرُوا هذا" وقال {فلوْلا أنّهُ كان م ن الْمُسبّ ح ين للب ث} لانه يحسن في مكانه "لولا ذاك" وكل ما حسن فيه "ذاك" أنْ تجعله مكان "أنّ" وما عملت فيه فهو "أنّ". واذا قلت {يعْلمُ إ نّك لرسُولُهُ} لم يحسن أنْ تقول: "يعْلم لذال ك". فان قلت: "ا طْرح اللام أيضاً وقل "يُعْلمُ ذاك" فاللام ليست مما عملت فيه "إ نّ". واما قوله {إ لاّ إ نّهُمْ ليأْكُلُون الطّعام} فلم تنكسر هذه من اجل اللام [و] لو لم تكن فيها لكانت "إنّ" أيْضاً لأنّهُ لا يحسن أنْ تقول "ما أرْسلْنا قبْلك إلاّ ذاك" و"ذاك" هو القصة. قال الشاعر: [من المنسرح وهو الشاهد التاسع والثمانون]: ما أعْطيان ي ولا سألْتُهُما * إلاّ وإني لحاج ز ي كرمي فلو أُلْق يتْ من هذه اللام ايضاً لكانت "أن". وقال {ذال كُمْ فذُوقُوهُ [٤٩ء] وأنّ ل لْكاف ر ين عذاب النّار } كأنه قال: "ذاك الأمْر" وهذا قوله {وأنّ ل لْكاف ر ين عذاب النّار } تقع في مكانه "هذا". وقال {ذال كُمْ وأنّ اللّه مُوه نُ كيْد الْكاف ر ين} كأنه على جواب من قال: "ما الأمْرُ"؟ أو نحو ذلك فيقول للذين يسألون: "ذلك م ..." كأنه قال: "ذل كُمْ الأمرُ وأنّ اللّه موهنُ كيد الكافرين" فحسن أن يقول: "ذلك م" و"هذا". وتضمر الخبر او تجعله خبر مضمر. وقال {إ نّ لك ألاّ تجُوع ف يها ولا تعْرى} {وأنّك لا تظْمأُ ف يها ولا تضْحى} لانه يجوز ان تقول: "إنّ لك ذاك" و"هذا" وهذه الثلاثة الأحرفُ يجوز فيها كسر "إ نّ" على الابتداء. {فنادتْهُ الْملائ كةُ . . أنّ اللّه يُبشّ رُك} فيجوز أن تقول: "فنادته الملائكة ب ذاك" وان شئت رفعته على الحكاية كأنه يقول: "فنادتْهُ الملائكةُ فقالتْ: "إ نّ اللّه يُبشّ رُك" لأنّ كُلّ شيء بعد القول حكاية، تقول: " قُلْتُ: "عبدُ اللّه مُنْطل قٌ" وقلت: "إنّ عبد اللّه زيداً مُنْطل قٌ" إلاّ في لُغة من أعمل القول من العرب كعمل الظن فذاك ينبغي [له] أنْ يفتح "أنّ". وقال {إ نّ هاذ ه أُمّتُكُمْ أُمّةً واح دةً} فيزعمون أنّ هذا "ولأنّ هذه أمّتكُم أُمّةٌ واحدةٌ وأنا ربُّكُّمْ فاتّقُون " يقول: "فاتّقُون لأنّ هذ ه أُمّتكُمْ" [٤٩ب] وهذا يحسن فيه كذاك، فان قلت: "كيف تلحق اللام ولم تكن في الكلام". فان طرح اللام واشباهها من حروف الجرّ من "أنّ" حسن ألا تراه يقول "أشْهد أنّك صاد قٌ" وإنّما هو "أشهد على ذلك ". وقال {وأنّ الْمساج د للّه فلا تدْعُواْ مع اللّه أحداً} يقول: "فلا تدعوا مع اللّه أحدا لأنّ المساجد للّه"، وفي هذا الاعراب ضعف، لانه عمل فيه ما بعده، أضافه اليه بحرف الجر. ولو قلت "أنّك صال حٌ بلغن ي" لم يجز، وان جاز في ذلك . لأنّ حرف الجر لما تقدم ضميره قوي. وقد قرىء مكسورا. قال بعضهم: "إنّما هذا على {أُوح ي إ ليّ أنّهُ اسْتمع نفرٌ مّ ن الْج نّ } و"أُوح ي إلي أنّ المساج د للّه" و"أُوْح ي إليّ أنهُ لمّا قام عبْدُ اللّه". وقد قرىء {وأنّهُ تعالى جدُّ ربّ نا} ففتح كل "أنْ" يجوز فيه على الوحي. وقال بعضهم {وإ نّهُ تعالى جدُّ ربّ نا} فكسروها من قول الجن. فلما صار بعد القول صار حكاية وكذاك ما بعده مما هو من كلام الجن. وأما "إنّما" فاذا حسن مكانها "أنّ" فتحتها، واذا لم تحسن كسرْتها. قال {إ نّمآ أناْ بشرٌ مّ ثْلُكُمْ يُوحى إ ليّ أنّمآ الهكُمْ اله واح دٌ} فالاخرة يحسن مكانها "أنّ" فتقول: "يُوحى إليّ أنّ إلهكُم إلهٌ واحد" قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد التسعون]: [٥٠] أران ي - ولا كُفْران للّه - إنّما * أُواخ ي من الأقْوام كُلّ بخ يل لأنّهُ لا يحْسُنُ ها هُنا "أنّ" [فـ] لو قلت: "أراني أنما أواخي من الأقْوام" لم يحسن. وقال: [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والتسعون]: أبْل غ الحارث بن ظال م المُو * ع د والناذ ر النُّذُور عليّا أنّما تقْتُلُ النّ يام، ولا تقْـ * ـتُلُ يقْظان ذا س لاحٍ كم يّا فحسن أن تقول: "أنّك تقْتُلُ النّ يام". وأمّا قوله عز وجل {أيع دُكُمْ أنّكُمْ إ ذا م تٌّمْ وكُنتُمْ تُراباً وع ظاماً أنّكُمْ مُّخْرجُون} فالآخرةُ بدلٌ من الأُولى. وأمّا "إنْ" الخفيفة فتكون في معنى "ما" كقول اللّه عز وجل {إ ن الْكاف رُون إ لاّ ف ي غُرُورٍ} أيْ: ما الكافرون. وقال {إ ن كان ل لرّحْمان ولدٌ} أيْ: ما كان للرحمن ولد {فأناْ أوّلُ الْعاب د ين} م نْ هذه الامة للرّحْمن، ب نفْي الولد عنْهُ. أي: أنا أوّلُ العاب د ين بأنّهُ ليْس للرحمن ولد. وقال بعضُهُمُ {فأنا أوّلُ العب د ين} يقول: "أنا أوّلُ منْ يغْضبُ من ادّعائ كُمْ للّه ولدا". ويقول: "عب د" "يعْبدُ" "عبدا" أي: غض ب. وقال {وتظُنُّون إ ن لّب ثْتُمْ إ لاّ قل يلاً} فهي مكسورة ابدا اذا كانت في معنى "ما" وكذلك {ولقدْ مكّناهُمْ ف يمآ إ ن [٥٠ب] مّكّنّاكُمْ ف يه } فـ"إنْ" بمنزلة "ما"، و"ما" التي قبلها بمنزلة "الذي". ويكون للمجازاة نحو قوله {وإ ن تُبْدُواْ ما ف ي أنْفُس كُمْ أوْ تُخْفُوهُ} {وإ ن تعْفُواْ وتصْفحُواْ }. وتزاد "إنْ" مع "ما", يقولون: "ما إنْ كان كذا وكذا" أي: "ما كان كذا وكذا"، و: "ما إنْ هذا زيْدٌ". ولكنها تغير "ما" "فلا يُنْصبُ ب ها الخبر. و قال الشاعر: من الوافر وهو الشاهد الثاني والتسعون]: وما إنْ ط بْنا جُبْنٌ ولك نْ * منايانا وطُعْمةُ آخر ينا وتكون خفيفة في معنى الثقيلة وهي مكسورة ولا تكون إلاّ وفي خبرها اللام، يقولون: "إنْ زيْدٌ لمنطل قٌ" ولا يقولونه بغير لام مخافة ان تلتبس بالتي معناها "ما". وقد زعموا ان بعضهم يقول: "إنْ زيداً لمنُْطل قٌ" يعملها على المعنى وهي مثل {إ ن كُلُّ نفْسٍ لّمّا عليْها حاف ظٌ} يقرأ بالنصب والرفع و "ما" زيادة للتوكيد، واللام زيادة للتوكيد وهي التي في قوله {وإ ن كان أصْحابُ الأيْكة لظال م ين} ولكنها انما وقعت على الفعل حين خففت كما تقع "لكنْ" على الفعل إذا خففت. ألا ترى أنك تقول: "لكن قد قال ذاك زيد". ولم يُعرُّوها من اللام في قوله {وإ ن كان أصْحابُ الأيْكة لظال م ين}[٥١ء] وعلى هذه اللغة فيما نرى - و اللّه أعلم - {إ نْ هاذان لساح ران } وقد شددها قوم فقالوا {إنّ هذان } وهذا لا يكاد يعرف إلا أنهم يزعمون أن بلحارث بن كعب يجعلون الياء في أشباه هذا ألفا فيقولون: "رأيت أخواك" و"رأيت الرجلان" وأوضعته علاه" و"ذهبت إلاهُ" فزعموا أنه على هذه اللغة بالتثقيل تقرأ. وزعم أبو زيد أنه سمع أعرابياً فصيحا من بلحارث يقول: "ضربْتُ يداهُ" و"وضعته علاه" يريد: يديْه وعليه . وقال بعضهم {إنّ هذيْن لساح ران} وذلك خلاف الكتاب. قال الشاعر: [من الرجز وهو الشاهد الثالث والتسعون]: طاروا عليهن فشُلٌ علاها * واشْدُدُ بمثْنى حقبٍ حقْواها ناجيةً وناج ياً أباها. وأمّا "أنْ" الخفيفة فتكون زائدةً مع "فلمّا" و"لمّا" قال {فلمّآ أن جآء الْبش يرُ} وانما هي "فلمّا جاء البش ير" وقال {ولمّا جآءتْ رُسُلُنا} يقول "ولمّا جاءتْ" وتزاد أيضاً مع "لوْ" يقولون: "أنْ لوْ ج ئْتني كان خيراً لك" يقول "لوْ ج ئْتني". وتكون في معنى "أي" قال {وانطلق الْملأُ م نْهُمْ أن امْشُواْ} يقول "أيْ امشوا". وتكون خفيفة في معنى الثقيلة في مثل قوله {أن الْحمْدُ للّه} و{أنّ [٥١ب] لعْنة اللّه عليْه } على قولك "أنْهُ لعْنةُ اللّه". و "أنْهُ الحمْدُ للّه". وهذه بمنزلة قوله* {أفلا يروْن ألاّ يرْج عُ إ ليْه مْ قوْلاً} [و] {وحس بُواْ ألاّ تكُون ف تْنةٌ} ولكن هذه اذا خففت وهي الى جنب الفعل لم يحسن الا ان معها "لا" حتى تكون عوضا من ذهاب التثقيل والاضمار. ولا تعوض "لا" في قوله {أن الْحمْدُ للّه} لانها لا تكون، وهي خفيفة، عاملة في الاسم. وعوّضتها "لا" اذا كانت مع الفعل لانهم أرادوا ان يبيّنوا أنها لا تعمل في هذا المكان وأنها ثقيلة في المعنى. وتكون "أنْ" الخفيفة تعمل في الفعل وتكون هي والفعل اسما للمصدر، نحو قوله {على أن نُّسوّ ي بنانهُ} انما هي "على تسوية ب نان ه ". |
﴿ ٧٤ ﴾