٧٨

باب من الاستثناء.

{وم نْهُمْ أُمّ يُّون لا يعْلمُون الْك تاب إ لاّ أمان يّ} منصوبة لانه مستثنى ليس من أول الكلام، وهذا الذي يجيء في معنى "لكن" خارجا من أول الكلام انما يريد "لكنْ أمانيّ" و"لك نّهُم يتمنّون". وانما فسرناه بـ"لكن" لنبين خروجه من الأول. الا ترى أنك اذا ذكرت "لكن" وجدت الكلام منقطعاً من أوله، ومثل ذلك في القرآن كثير [منه قوله عز وجل] {وما لأحدٍ ع ندهُ [٥٢ء] م ن نّ عْمةٍ تُجْزى} {إ لاّ ابْت غآء وجْه ربّ ه }

وقال {ما لهُمْ ب ه م نْ ع لْمٍ إ لاّ اتّ باع الظّنّ }

وقال {فلوْلا كان م ن الْقُرُون م ن قبْل كُمْ أُوْلُواْ بق يّةٍ ينْهوْن عن الْفساد ف ي الأرْض إ لاّ قل يلاً} يقول: "فهلاّ كان منهُمْ منْ ينْهى" ثم قال: "ولكنْ قليلاً م نْهُمْ منْ ينْهى" ثم قال "ولكنْ* قليلٌ م نْهُمْ قدْ نهوْا" فلما جاء مستثنى خارجاً من الأول انتصب. ومثله {فلوْلا كانتْ قرْيةٌ آمنتْ فنفعهآ إ يمانُها إ لاّ قوْم يُونُس} يقول "فُهلاّ" كانت ثم قال: "ولكنّ* قوم يونس" فـ"إلا" تجيء في معنى "لكنّ"*. واذا عرفت انها في معنى "لكنّ" فينبغي أن تعرف خروجها من أوله. وقد يكون {إ لاّ قوْمُ يُونُس} رفعا، تجعل "إلاّ" وما بعده في موضع صفة بمنزلة "غير" كأنه قال: "فهلا كانتْ قريةٌ آمنتْ غيرُ قرية قوم يونس" ومثلها {لوْ كان ف يه مآ آل هةٌ إ لاّ اللّه لفسدتا} فقوله {إ لاّ اللّه} صفة [و] لولا ذلك لانتصب لأنه مستثنى مقدم يجوز القاؤه من الكلام. وكل مستثنى مقدم يجوز القاؤه من الكلام نصب، وهذا قد يجوز القاؤه [فـ] لو قلت "لو كان ف يه ما آل هةٌ لفسدتا" جاز، فقد يجوز فيه النصب ويكون مثل قوله "ما مرّ بي أحدٌ إلاّ زيداً مثلُك".

قال الشاعر فيما هو صفة: [من الطويل وهو الشاهد الرابع والتسعون]:

[٥٢ب] أُن يختْ فألقتْ بلْدةً فوْق بلْدةٍ * قليلٌ بها الأصْواتُ إلاّ بُغامُها

وقال: [من الوافر وهو الشاهد الخامس والستعون]:

وكُلُّ أخٍ مُفار قُهُ أخُوه * لعمْرُ إ بيك إلا الفرْقدان

ومثل المنصوب الذي في معنى "لكنْ" قول اللّه عز وجل {وإ ن نّشأْ نُغْر قْهُمْ فلا صر يخ لهُمْ ولا هُمْ يُنقذُون} {إ لاّ رحْمةً مّ نّا} وهو في الشعر كثير وفي الكلام. قال الفرزدق: [من الطويل وهو الشاهد السادس والتسعون]:

وما سجنُوني غير أني ابْنُ غال ب * وأني من الأثرين غيْر الزعان ف

يقول: "ولكنّني"، وهو مثل قولهم: "ما فيها أحدٌ إلا حماراً" لما كان ليس من أول الكلام جعل على معنى "لكنّ"

ومثله: [من الخفيف وهو الشاهد السابع والتسعون]:

ليس بيْن ي وبين قيسٍ ع تاب * غير طعْن الكُلا وضرْب الر قاب

وقوله: [من الطويل وهو الشاهد الثامن والتسعون]:

حلفْتُ يميناً غير ذ ي مثْنو يّةٍ * ولا ع لْم إلاّ حُسْن ظنٍّ ب غاي ب

وبصاحب.

باب الجمع.

وأمّا تثْق يلُ {الأمان يُّ} فلأن واحدها "أُمْن يّة" مُثْقّل. وكلُّ ما كان واحده مثقلا مثل: "بُخْت يّة" و"بخات يّ" فهو مُثقّل. وقد قرأ بعضهم {إلاّ أمان ي} فخفف وذلك جائز لان الجمع على غير واحده وينقص منه ويزاد فيه. فأما "الأثاف ي" فكُلُّهُم يخفّفها وواحدها "أُث فيّة" مثقّلة [٥٣ء] وانما خففوها لانهم يستعملونها في الكلام والشعر كثيرا، وتثقيلها في القياس جائز. ومثل تخفيف "الأمان ي" قولهم: "م فْتاح" و"مفات ح" وفي "م عْطاء" "معاطٍ" قال الأخفش: "قد سمعت بلعنبر تقول: "صحار ي" و"معاط يّ" فتثقل.

وقوله {وإ نْ هُمْ إ لاّ يظُنُّون} اي: فماّ هُمْ إلاّ يظُنُّون".

﴿ ٧٨