٨٩

قال {ولمّا جآءهُمْ ك تابٌ مّ نْ ع ند اللّه مُصدّ قٌ لّ ما معهُمْ وكانُواْ م ن قبْلُ يسْتفْت حُون على الّذ ين كفرُواْ فلمّا جآءهُمْ مّا عرفُواْ كفرُواْ ب ه } فان قيل فأين جواب {ولمّا جآءهُمْ [٦٠ء] ك تابٌ مّ نْ ع ند اللّه مُصدّ قٌ لّ ما معهُمْ} قلت: "جوابه في القرآن كثير، [و] استغني عنه في هذا الموضع اذ عرف معناه. كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به ** نحو قول اللّه عز وجل {ولوْ أنّ قُرْآناً سُيّ رتْ ب ه الْج بالُ أوْ قُطّ عتْ ب ه الأرْضُ أوْ كُلّ م ب ه الْموْتى بل للّه الأمْرُ جم يعاً} فيذكرون [ان] تفسيره: "لوْ سُيّ رتْ الج بالُ بقرآنٍ غير هذا لكان هذا القرآنُ ستُسيّر ب ه الج بالُ" فاستُغْن ي عن اللّفْظ بالجواب إذْ عُر ف المعْنى.

وقال {لا تحْسبنّ الّذ ين يفْرحُون ب مآ أتوْاْ وّيُح بُّون أن يُحْمدُواْ ب ما لمْ يفْعلُواْ فلا تحْسبنّهُمْ ب مفازةٍ مّ ن الْعذاب } ولم يجيء لـ"تحسبنّ" الأول بجواب وتُر ك للاستغناء بما في القرآن من الأجوبة.

وقال {ولا يحْسبنّ الّذ ين يبْخلُون ب مآ آتاهُمُ اللّه م ن فضْل ه هُو خيْراً لّهُمْ} معناه "لا يحسبُنّهُ خيْراً لهُمْ" وحذف ذلك الكلام وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله {وإ ذا ق يل لهُمُ اتّقُواْ ما بيْن أيْد يكُمْ وما خلْفكُمْ لعلّكُمْ تُرْحمُون} ثم قال {وما تأْت يه م مّ نْ آيةٍ} من قبل أن يجيء بقوله "فعلُوا كذا وكذا" لان ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله {وما تأْت يه م مّ نْ آيةٍ مّ نْ آيات ربّ ه مْ إ لاّ كانُواْ عنْها مُعْر ض ين} دليل على أنّهُمْ أعرضُوا فاستغني بهذا [٦٠ب] وكذلك جميع ما جاز

فيه نحو هذا.

وقال {فإ ذا جآء وعْدُ الآخ رة ل يسُوءُواْ وُجُوهكُمْ ول يدْخُلُواْ الْمسْج د كما دخلُوهُ أوّل مرّةٍ ول يُتبّ رُواْ ما علوْاْ تتْب يراً}

وقال {ل يُتبرّ واْ} على معنى: "خلّيْناهُمْ وإيّاكُمْ لمْ نمْنعْكُمْ م نْهُم ب ذُنُوب كُم".

وقال {ل يسُوءُواْ وُجُوهكُمْ} ولم يذكر أنه خلاهم واياهم على وجه الترك في حال الابتلاء بما أسْلفوا ثم لم يمنعهم من أعدائهم أن يسلطوا عليهم بظلمهم.

وقال {ولوْ ترى إ ذ الظّال مُون ف ي غمرات الْموْت } فليس لهذا جواب.

وقال {ولوْ يرى الّذ ين ظلمُواْ إ ذْ يروْن الْعذاب} فجواب هذا انما هو في المعنى، وهذا كثير. وسنفسر كل ما مررنا به إن شاء اللّه. وزعموا ان هذا البيت ليس له جواب: [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المئة]:

ودوّ يّةٍ قفْرٍ تمشّى نعامُها * كمشْي النّصارى في خ فاف الأرنْدج

يريد: "ورُبّ دوّ يّةٍ" ثم لم يأت له بجواب.

وقال: [من البسيط وهو الشاهد الثالث والعشرون بعد المئة]:

حتى إذا أسْلكُوهُ في قُتائ دةٍ * شلاًّ كما تطْرُدُ الجمالةُ الشرُدُا

فهذا ليس له جواب الا في المعنى. وزعم بعضُهم أنّ هذا البيت: [من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المئة]:

فإذا وذل ك يا كُبيْشةُ لمْ يكنْ * إلاّ كلمّة حال مٍ ب خ يال

قالوا: الواو فيه ليست بزائدة ولكن الخبر مضمر.

﴿ ٨٩