٢١٩

قال: {ويسْألُونك ماذا يُنف قُون قُل الْعفْو} اذا جعلت {ماذا} بمنزلة (ما). وان جعلت {ماذا} بمنزلة "الذي" قلت: {قُلْ الْعفْوُ} والأُولى منصوبة وهذا مرفوعة كأنه قال: {ما الذي يُنْف قُون} فقال: "الذي يُنْف قون العفُو". واذا نصبت فكأنه قال: "ما يُنْف قُون" فقال: "يُنْف قُون العفْو" لأن {ما} اذا لم تجعل بمنزلة "الذي" فـ"العفْو" منصوب بـ"يُنْف قُون". وان جعلت بمنزلة "الذي" فهو مرفوع بخبر الابتداء كما قال {مّاذآ أنْزل ربُّكُمْ قالُواْ أساط يرُ الأوّل ين} جعل {مّاذآ} بمنزلة "الذي"

وقال {ماذا أنْزل ربُّكُمْ قالُواْ خيْراً} جعل {ماذا} بمنزلة "ما". وقد يكون اذا جعلها بمنزلة "ما" وحدها الرفع على المعنى. لانه لو قيل له: "ما صنعْت"؟ فقال: "خيرٌ"، أي: الذي صنعت خيرٌ، لم يكن به بأس. ولو نصبت اذا جعلت "ذا" بمنزلة "الذي" كان ايضاً جيدا لانه لو قيل لك: "ما الذي صنعت" فقلت: "خيراً" أي: صنعتُ خيراً. كان صوابا.

قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثلاثون]:

دع ي ماذا عل مْتُ سأتّق يه * ولك نْ ب المُغيّب نبئّ يني

[٧٥ء] جعل "ما" و"ذا" بمنزلة "ما" وحدها، ولا يجوز ان يكون "ذا" بمنزلة "الذي" في هذا البيت لانك لو قلت: "دعي ما الذي علمت" لم يكن كلاما. وقال أهل التأويل في قوله {ماذا أنْزل ربُّكُمْ قالُواْْ أساط يرُ الأوّل ين } لأن الكفار جحدوا أنْ يكون ربهم أنزل شيئا فقالوا لهم: "ما تقولون أنتُم أساطيرُ الأوّلين" أي: "الذي تقولون أنْتُم أساطيرُ الأولين" ليس على "أنزل ربُّنا أساطير الأولين". وهذا المعنى فيما نرى و اللّه أعلم - كما قال {وإ نْ تُخال طُوهُمْ فإ خْوانُكُمْ}[٢٢٠] أي: فهم اخوانكم.

﴿ ٢١٩