سورة  فصلت

٣

قال {ك تابٌ فُصّ لتْ آياتُهُ} فالكتاب خبر المبتدأ أخبر [به] أن التنزيل كتاب ثم قال {فُصّ لتْ آياتُهُ قُرْآناً عرب يّاً} شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل فنصب القرآن.

٤

وقوله {بش يراً ونذ يراً} حين شغل عنه. وان شئت جعلته نصبا على المدح كأنه حين أقبل على مدحه فقال "ذكرْنا قُرْآناً عرب يّاً بش يراً ونذ يراً" أوْ "ذكرْناهُ قُرآناً عرب يّاً" وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر [١٦٧ ء]

وقال {وم ن بيْن نا وبيْن ك ح جابٌ} معناه - و اللّه أعْلمُ - "وبيْننا وبيْنك ح جابٌ" ولكن دخلت "م نْ" للتوكيد.

٩

وأما قوله {خلق الأرْض ف ي يوْميْن } ثم قال {أرْبعة أيّامٍ} [١٠] فانما يعني ان هذا مع الأول اربعة ايام كما تقول "تزوّجْتُ أمْس امرأةً، واليوم ث نْتيْن " واحداهما التي تزوجتها امس.

قال {ووصّيْنا الإ نْسان ب وال ديْه } يقول: "ب خيْرٍ".

 سورة ( فصلت )

١٠

وأمّا من نصب {سوآءً لّ لسّآئ ل ين} فجعله مصدرا كأنه قال "ا سْت واءً" وقد قرىء بالجرّ وجعل اسما للمستويات أي: في أرْبعة أيّامٍ تامّةٍ.

١٢

وقال {وزيّنّا السّمآء الدُّنْيا ب مصاب يح وح فْظاً} كأنه قال "وحف ظْناها ح فْظاً" لأنه حين قال: "زينّاها ب مصاب يح" قد أخبر أنه نظر في امرها وتعاهدها فذا يدل على الح فْظ كأنه قال: "وحف ظْناهاً ح فْظاً".

١٦

وقال {ف ي أيّامٍ نّح ساتٍ} وهي لغة من قال "نحْس" و{نح سات} لغة من قال "نح س".

 سورة ( فصلت )

٢١

وقال {قالُواْ أنطقنا اللّه الّذ ي أنطق كُلّ شيْءٍ} فجاء اللفظ بهم مثل اللفظ في الانس لما خبّر عنهم بالنطق والفعل كما قال {ياأيُّها النّمْلُ ادْخُلُواْ مساك نكُمْ} لما عقلن وتكلمن صرن بمنزلة الانس في لفظهم. و

قال الشاعر: [من الرجز وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المئتين]:

[١٦٧ ب] فصبّحتْ والطّيْر لمْ تكلّم * جاب يةً طُمّتْ ب سيْلٍ مُفْعم

٢٦

وقال {لا تسْمعُواْ ل هذاالْقُرْآن والْغوْاْ ف يه } أي: لا تطيعوه. كما تقول "سم عْتُ لك" وهو - و اللّه اعلم - على وجه "لا تسْمعُوا القرآن".

وقال {والْغوْاْ ف يه } لأنها من "لغوْتُ" "يلْغا" مثل "محوْتُ" "يمْحا"

وقال بعضهم {والْغُوا ف يه } وقال "لغوْت" "تلْغُو" مثل "محوْت" "تمْحُو" وبعض العرب يقول: "لغ ي" "يلْغى" وهي قبيحة قليلة ولكن "لغ ي ب كذا وكذا" أي: أُغْر ي به فهو يقوله ونصْنعُه.

٢٨

وقال {ذل ك جزآءُ أعْدآء اللّه النّارُ} رفع على الابتداء كأنه تفسيرا للجزاء.

 سورة ( فصلت )

٣٠

وقال {ألاّ تخافُواْ} يقول: بأن لا تخافوا.

٣٢

 [وقال] {نُزُلاً} لأنه شغل {لكُمْ} بـ {ما تشْته ي أنفُسُكُمْ} [٣١] حتى صارت بمنزلة الفاعل وهو معرفة

وقوله {نُزُلاً} ينتصب على "نزّلْنا نُزُلا" نحو قوله {رحْمةً مّ ن رّبّ ك}.

٣٤

وقال {ولا تسْتو ي الْحسنةُ ولا السّيّ ئةُ} وقد يجوزُ، لأنك تقول: "لا يسْتو ي عبدُ اللّه ولا زيْدٌ" اذا أردت: لا يسْتو ي عبدُ اللّه وزيْدٌ" لأنهما جميعاً لا يستويان. وان شئت قلت ان الثانية زائدة تريد: لا يسْتو ي عبدُ اللّه وزيْدٌ. فزيدت [لا] توكيدا كما قال {لّ ئلاّ يعْلم أهْلُ الْك تاب } أي: لأن يعلم. وكما قال {لا أُقْس مُ ب يوْم الْق يامة }.[١٦٨ ء].

 سورة ( فصلت )

٤١

وقال {إ نّ الّذ ين كفرُواْ ب الذّ كْر لمّا جآءهُمْ} فزعم بعض المفسرين ان خبره {أُوْلائ ك يُنادوْن م ن مّكانٍ بع يدٍ} [٤٤] وقد يجوز ان يكون على الاخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت اشياء عن الخبر اذ طال الكلام وعرف المعنى نحو قوله {ولوْ أنّ قُرْآناً سُيّ رتْ ب ه الْج بالُ} وما أشبهه. وحدثني شيخ من أهل العلم قال: "سمعت عيسى بن عمر يسأل عمرو بن عبيد": {إ نّ الّذ ين كفرُواْ ب الذّ كْر لمّا جآءهُمْ} اين خبره؟" فقال عمرو: "معناه في التفسير {إ نّ الّذ ين كفرُواْ ب الذّ كْر لمّا جآءهُمْ} كفروا به {وإ نّهُ لك تابٌ عز يزٌ}" فقال عيسى: "جاء يا أبا عثمان".

٤٤

وقال {ولوْ جعلْناهُ قُرْآناً أعْجم يّاً لّقالُواْ لوْلا فُصّ لتْ آياتُهُ ءاعْجم يٌّ وعرب يٌّ} يقول: {هلاّ فُصّ لتْ آياتُهُ أأعْجم يٌّ} يعني القرآن {وعرب يٌّ} يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد قرئت [من] غير استفهام وكلٌّ جائز في معنى واحد.

٤٨

وقال {وظنُّواْ ما لهُمْ مّ ن مّح يصٍ} أي: فاستيقنوا، لأن {ما} ها هنا حرف وليس باسم والفعل لا يعمل في مثل هذا فلذلك جعل الفعل ملغى.