١٧وقوله : مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ... (١٧) فإنما ضرب المثل - واللّه أعلم - للفعل لا لأعيان الرجال ، وإنما هو مثل للنفاق فقال : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ولم يقل : الذين استوقدوا. وهو كما قال اللّه : «تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ» «٣». وقوله : «ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ» «٤» فالمعنى - واللّه أعلم - : إلا كبعث نفس واحدة ولو كان التشبيه للرجال لكان مجموعا «٥» كما قال : «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ» «٦» أراد القيم «٧» والأجسام ، وقال : «كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ» «٨» فكان مجموعا إذ «٩» أراد تشبيه أعيان الرجال فأجر الكلام على هذا. وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحّدا فى شعر فأجر الكلام على هذا. وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحّدا فى شعر فأجزه. وإن جاءك التشبيه للواحد مجموعا فى شعر فهو «١٠» أيضا يراد به الفعل فأجزه كقولك : ما فعلك إلا كفعل الحمير ، وما أفعالكم إلا كفعل الذّئب فابن على «١١» هذا ، ثم تلقى الفعل فتقول : ما فعلك إلا كالحمير وكالذّئب. وإنما قال اللّه عزّ وجلّ : «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ» لأن المعنى ذهب إلى المنافقين فجمع لذلك. ولو وحّد لكان صوابا كقوله : «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثِيمِ. (٣) آية ١٩ سورة الأحزاب. [.....] (٤) آية ٢٨ سورة لقمان. (٥) العبارة فى ج ، ش : «و لو كان التشبيه للرجال أراه لكان مجموعا ... إلخ». (٦) آية ٤ سورة المنافقون. (٧) القيم (جمع قامة أو قيمة) : وهى قوام الإنسان وقدّه وحسن طوله. (٨) آية ٧ سورة الحاقة. (٩) فى الأصول : «إذا» والمقام للتعليل. (١٠) كذا فى الأصول. والأنسب : «و هو». (١١) فى ج ، ش : «هذين». كَالْمُهْلِ تغلى فِي الْبُطُونِ» «١» و«يَغْلِي» فمن أنّث ذهب إلى الشجرة ، ومن ذكّر ذهب إلى المهل. ومثله قوله عز وجل : «أَمَنَةً نُعاساً تغشى طائِفَةً مِنْكُمْ» «٢» للأمنة ، و«يَغْشى » للنعاس. (١) آية ٤٣ - ٤٥ سورة الدخان. (٢) آية ١٥٤ سورة آل عمران. |
﴿ ١٧ ﴾