١٨

وقوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) رفعن وأسماؤهن «٣» فى أوّل الكلام منصوبة لأن الكلام تمّ وانقضت به آية ، ثمّ استؤنفت «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ» فى آية أخرى ، فكان أقوى للأستئناف ، ولو تمّ الكلام ولم تكن آية لجاز أيضا الاستئناف قال اللّه تبارك وتعالى : «جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً. رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ» «٤» «الرَّحْمنِ» يرفع ويخفض فى الإعراب ، وليس الذي قبله بآخر آية. فأما ما جاء فى رءوس الآيات مستأنفا فكثير من ذلك قول اللّه : «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ» إلى قوله : «وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» «٥».

ثم قال جل وجهه : «التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ» بالرفع فى قراءتنا ، وفى حرف ابن مسعود «٦» «التائبين العابدين الحامدين». وقال : «أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ» «٧». يقرأ بالرفع والنصب على ما فسّرت لك. وفى قراءة عبد اللّه : «صمّا بكما عميا» بالنصب.

ونصبه على جهتين إن شئت على معنى : تركهم صمّا بكما عميا ، وإن شئت اكتفيت بأن توقع الترك عليهم فى الظلمات ، ثم تستأنف «صما» بالذمّ لهم.

والعرب تنصب بالذمّ وبالمدح لأن فيه مع الأسماء مثل معنى قولهم : ويلا له ، وثوابا له ، وبعدا وسقيا ورعيا.

 (٣) كأنه يريد الضمير المنصوب فى قوله : «و تركهم» وجعله أسماءهم إذ كان ضميرا مجموعا ، فكأنه عدّة ضمائر ، كل ضمير اسم ، أو أراد بالمنصوبة غير المرفوعة.

(٤) آية ٣٧ سورة النبأ.

(٥) آية ١١١ سورة التوبة.

(٦) فى ج ، ش : «و فى قراءة عبد اللّه». [.....]

(٧) آية ١٢٥ - ١٢٦ سورة الصافات.

﴿ ١٨