٦١

و قوله : أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ... (٦١)

أي الذي هو أقرب ، من الدّنوّ ، ويقال من الدّناءة. والعرب تقول :

إنه لدنىّ [ولا يهمزون «١»] يدنّى فى الأمور أي «٢» يتّبع خسيسها وأصاغرها. وقد كان زهير «٣» الفرقبى يهمز : «أ تستبدلون الّذى هو أدنى بالّذى هو خير» ولم نر العرب تهمز أدنى إذا كان من الحسّة ، وهم فى ذلك يقولون إنه لدانىء خبيث [إذا كان ماجنا «٤»] فيهمزون. وأنشدنى بعض بنى كلاب :

باسلة الوقع سرابيلها بيض إلى دانئها الظّاهر «٥» يعنى «٦» الدروع «٧» على خاصّتها - يعنى الكتيبة - إلى الخسيس منها ، فقال : دانئها يريد الخسيس. وقد كنا نسمع المشيخة يقولون : ما كنت دانئا ولقد دنات ، والعرب تترك الهمزة. ولا أراهم رووه إلّا وقد سمعوه.

(١) «و لا يهمزون» ساقط من أ.

(٢) سقط فى ش ، ج.

(٣) هو من القرّاء النحويين ، وكان فى زمن عاصم ، ويعرف بالكسائي. وانظر طبقات القراء لابن الجزري رقم ١٣٠١.

والفرقبىّ نسبة إلى فرقب ، كقنفذ. وفى القاموس : فرقب موضع ومنه الثياب الفرقبية : ثياب بيض من كتان. وقال شارحه : وردت هذه النسبة فى الثياب والرجال ، فيمكن أن تكون إلى موضع ، أو يكون الرجل منسوبا إلى حمل الثياب.

(٤) ما بين المربعين ساقط من أومن عبارة الفراء المنقولة فى اللسان. وهو صحيح لغة ، قال فى اللسان : دنؤ الرجل دناءة إذا كان ماجنا.

(٥) البيت من قصيدة طويلة للأعشى قالها فى منافرة عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة العامرىّ مطلعها :

شأقتك من قتلة أطلالها بالشط فالوتر إلى حاجر

و بسل الرجل بسولا فهو باسل وبسل إذا عبس غضبا أو شجاعة. والسربال : الدرع أو كل ما لبس والجمع سرابيل ، والمراد هنا الدروع كما قال المؤلف.

(٦) فى ج ، ش : «و فسر فقال يعنى ... إلخ».

(٧) فى ج ، ش : «فى خاصتها».

وقوله : اهْبِطُوا مِصْراً ... (٦١)

كتبت بالألف ، وأسماء البلدان لا تنصرف خفّت أو ثقلت ، وأسماء النساء «٨» إذا خفّ منها شىء جرى «٩» إذا كان على ثلاثة أحرف وأوسطها ساكن مثل دعد وهند

 (٨) فى ج ، ش : «الناس».

(٩) أي (انصرف) ونون. وهذا اصطلاح الكوفيين. فالجارى عندهم المنصرف ، وغير الجاري هو الممنوع من الصرف. ويعبرون أيضا بالمجرى وغير المجرى ، من الإجراء. [.....]

و جمل. وإنما انصرفت إذا سمّى بها النّساء لأنها تردّد وتكثر بها التّسمية فتخف لكثرتها ، واسماء البلدان لا تكاد تعود «١». فإن شئت جعلت الألف التي فى «مصرا» ألفا يوقف عليها ، فإذا وصلت لم تنوّن فيها ، كما كتبوا «سلاسلا» وَوارِيرَ»

«٢» بالألف ، وأكثر القراء على ترك الإجراء فيهما. وإن شئت جعلت «مصر» غير المصر التي تعرف ، يريد اهبطوا مصرا من الأمصار ، فإن الذي سألتم لا يكون إلا فى القرى والأمصار. والوجه الأوّل أحبّ إلىّ لأنها فى قراءة عبد اللّه «اهبطوا مصر» بغير ألف ، وفى قراءة أبىّ : «اهبطوا فإنّ لكم ما سألتم واسكنوا مصر» «٣» وتصديق ذلك أنها فى سورة يوسف بغير ألف : «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» «٤».

وقال الأعمش وسئل عنها فقال : هى مصر التي عليها صالح بن علىّ «٥».

(١) أي تتكرر فى الذكر والكلام.

(٢) آية ٤ وآية ١٥ سورة الإنسان.

(٣) هذه القراءة المنسوبة لأبى لم نقف عليها فى غير أصول الفرّاء مما بين أيدينا من المراجع.

(٤) آية ٩٩ من السورة المذكورة.

(٥) صالح بن على بن عبد اللّه بن العباس أوّل من ولى مصر من قبل أبى العباس السفاح سنة ١٣٣ وتوفى بقنسرين وهو عامل على حمص سنة ١٥٤.

﴿ ٦١