٨٣وقوله : وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ... (٨٣) رفعت تَعْبُدُونَ لأنّ دخول «أن» يصلح فيها ، فلمّا حذف الناصب رفعت ، كما قال اللّه : «أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ» «٣» (قرأ الآية) «٤» وكما قال : «وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ» «٥» وفى قراءة عبد اللّه «و لا تمنن أن تستكثر» فهذا وجه من الرفع ، فلما لم تأت بالناصب رفعت. وفى قراءة أبىّ : «و إذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدوا» ومعناها الجزم بالنهى ، وليست بجواب لليمين. ألا ترى أنه قد قال : «وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ» «٦» فأمروا ، والأمر لا يكون جوابا لليمين لا يكون فى الكلام أن تقول : واللّه قم ، ولا أن تقول : واللّه لا تقم. ويدلّ على أنه نهى وجزم أنه قال : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً كما تقول : افعلوا ولا تفعلوا ، أو لا تفعلوا وافعلوا. وإن شئت جعلت (٣) آية ٦٤ سورة الزمر. (٤) أي قرأ الفرّاء الآية كلها ، وهذا من المستملي. وسقط هذا فى ش ، ج. (٥) آية ٦ سورة المدثر. (٦) آية ٦٣ من سورة البقرة. «لا تَعْبُدُونَ» جوابا لليمين لأنّ أخذ الميثاق يمين ، فتقول : لا يعبدون ، ولا تعبدون ، والمعنى واحد. وإنّما جاز أن تقول لا يعبدون ولا تعبدون وهم غيّب كما قال : «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سيغلبون» «١» و«سَتُغْلَبُونَ» بالياء والتاء «سيغلبون» بالياء على لفظ الغيب ، والتّاء على المعنى لأنّه إذا أتاهم أو لقيهم صاروا مخاطبين «٢». وكذلك قولك : استحلفت عبد اللّه ليقومنّ لغيبته ، واستحلفته لتقومنّ (لأنى) «٣» قد كنت خاطبته. ويجوز فى هذا استحلفت عبد اللّه لأقومنّ أي قلت له : احلف لأقومنّ ، كقولك : قل لأقومنّ «٤». فإذا قلت : استحلفت فأوقعت فعلك على مستحلف جاز فعله أن يكون بالياء والتاء والألف ، وإذا كان هو حالفا وليس معه مستحلف كان بالياء وبالألف ولم يكن بالتاء من ذلك حلف عبد اللّه ليقومنّ فلم يقم ، وحلف عبد اللّه لأقومنّ لأنّه كقولك قال لأقومنّ ، ولم يجز بالتّاء لأنّه لا يكون مخاطبا لنفسه لأنّ التاء لا تكون إلّا لرجل تخاطبه ، فلما لم يكن مستحلف سقط الخطاب. وقوله : «قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ» «٥» فيها ثلاثة أوجه : «لتبيّتنّه» و«ليبيّتنّه» و«لَنُبَيِّتَنَّهُ» بالتاء والياء والنون. إذا جعلت «تَقاسَمُوا» على وجه فعلوا «٦» ، فإذا جعلتها فى موضع جزم «٧» قلت : تقاسموا لتبيتنه ولنبيتنه ، ولم يجز بالياء ، ألا ترى أنّك تقول للرجل : أحلف لتقومنّ ، أو احلف لأقومنّ ، كما تقول : قل لأقومنّ. ولا يجوز أن تقول للرّجل احلف ليقومنّ ، فيصير كأنّه لآخر ، فهذا ما فى اليمين. (١) آية ١٢ سورة آل عمران. [.....] (٢) فى أ: «الذي تلقاهم به فصاروا مخاطبين». (٣) كذا فى الأصول ، وفى الطبري : «لأنك» ولكل وجه. (٤) وجدت العبارة الآتية بهامش نسخة (أ) ولم يشر إلى موضعها : «و لا يجوز احلف لأقومنّ ، ولكن احلف لتقومنّ ، وقل لأقومنّ». (٥) آية ٤٩ سورة النمل. (٦) أي فعلا ماضيا فى معنى الحال كأنه قال : قالوا متقاسمين باللّه. (٧) أي فعل أمر أي قال بعضهم لبعض احلفوا. |
﴿ ٨٣ ﴾