١٥٤

وقوله : وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ ... (١٥٤)

رفع بإضمار مكنىّ من أسمائهم كقولك : لا تقولوا : هم أموات بل هم أحياء.

ولا يجوز فى الأموات النصب لأن القول لا يقع على الأسماء إذا أضمرت وصوفها أو أظهرت كما لا يجوز قلت عبد اللّه قائما ، فكذلك لا يجوز نصب الأموات لأنك مضمر لأسمائهم ، إنما يجوز النصب فيما قبله القول إذا كان الاسم فى معنى قول من ذلك : قلت خيرا ، وقلت شرّا. فترى الخير والشرّ منصوبين لأنهما قول ، فكأنك قلت : قلت كلاما حسنا أو قبيحا. وتقول : قلت لك خيرا ، وقلت لك خير ، فيجوز ، إن جعلت الخير قولا نصبته كأنك قلت : قلت لك كلاما ، فإذا رفعته فليس بالقول ، إنما هو بمنزلة قولك : قلت لك مال.

فابن على ذا ما ورد عليك من المرفوع قوله : «سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ» «١» و«خَمْسَةٌ» و«سَبْعَةٌ» ، لا يكون نصبا لأنه إخبار عنهم فيه أسماء مضمرة كقولك :

هم ثلاثة ، وهم خمسة. وأما قوله - تبارك وتعالى - : «وَ يَقُولُونَ طاعَةٌ» «٢» فإنه رفع على غير هذا المذهب. وذلك أن العرب كانوا يقال لهم : لا بدّ لكم من الغزو فى الشتاء والصيف ، فيقولون : سمع وطاعة معناه : منّا السمع والطاعة ، فجرى الكلام على الرفع. ولو نصب على : نسمع سمعا ونطيع طاعة كان صوابا.

وكذلك قوله تبارك وتعالى فى سورة محمد صلى اللّه عليه وسلّم : «فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ» «٣». عيّرهم وتهدّدهم بقوله : «فَأَوْلى لَهُمْ» ، ثم ذكر ما يقولون فقال : يقولون إذا أمروا «طاعَةٌ». «فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ» نكلوا

(١) آية ٢٢ سورة الكهف.

(٢) آية ٨١ سورة النساء.

(٣) آية ٢١ من السورة. [.....]

و كذبوا فلم يفعلوا. فقال اللّه تبارك وتعالى «فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» ، وربما قال بعضهم : إنما رفعت الطاعة بقوله : لهم طاعة ، وليس ذلك بشىء.

واللّه أعلم. ويقال أيضا : «وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ» و«طاعَةٌ» فأضمر الواو ، وليس ذلك عندنا من مذاهب العرب ، فإن يك موافقا للتفسير فهو صواب.

﴿ ١٥٤