٢١٣

وقوله : وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ... (٢١٣)

ففيها معنيان أحدهما أن تجعل اختلافهم كفر بعضهم بكتاب بعض «فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» للإيمان بما أنزل كلّه وهو حقّ. والوجه الآخر أن تذهب باختلافهم إلى التبديل كما بدّلت التوراة. ثم قال «فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» به للحق مما اختلفوا فيه. وجاز «٢» أن تكون اللام فى الاختلاف ومن فى «٣» الحق كما قال اللّه تعالى : «وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ» والمعنى - واللّه أعلم - كمثل المنعوق به لأنه وصفهم فقال تبارك وتعالى : «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ» كمثل البهائم ، وقال الشاعر «٤» :

كانت فريضة ما تقول كما كان الزناء فريضة الرجم

و إنما الرجم فريضة الزناء ، وقال :

إن سراجا لكريم مفخره تحلى به العين إذا ما تجهره

 (٢) يريد أن الأصل فى تأليف الآية :

فهدى اللّه الذين آمنوا مما اختلفوا فيه للحق ، فجعل كل الحرفين من واللام فى مكان صاحبه ، على طريقة القلب المكانىّ. وقد أبان أن هذا منهج مألوف فى القرآن وكلام العرب.

(٣) سقط هذا الحرف (فى) فى أ.

(٤) انظر ص ٩٩ من هذا الجزء لهذا البيت وما بعده.

و العين لا تحلى إنما يحلى بها سراج ، لأنك تقول : حليت بعيني ، ولا تقول حليت عينى بك إلّا فى الشعر.

﴿ ٢١٣