٢٣٦قوله : وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ... (٢٣٦) بالرفع. ولو نصب كان صوابا على تكرير الفعل على النيّة ، أي ليعط الموسع قدره ، والمقتر قدره. وهو مثل قول العرب : أخذت صدقاتهم ، لكل أربعين شاة شاة ولو نصبت الشاة الآخرة كان صوابا. و قوله مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ منصوب خارجا «١» من القدر لأنه نكرة والقدر معرفة. وإن شئت كان خارجا «٢» من قوله «مَتِّعُوهُنَّ» متاعا ومتعة. فأما حَقًّا فإنه نصب من نيّة «٣» الخبر لا أنه من نعت المتاع. وهو كقولك فى الكلام : عبد اللّه فى الدار حقّا. إنما نصب الحق من نيّة كلام المخبر كأنه قال : أخبركم خبرا حقا ، وبذلك حقا وقبيح أن تجعله تابعا للمعرفات أو للنكرات لأن الحق والباطل لا يكونان فى أنفس الأسماء إنما يأتى بالأخبار «٤». من ذلك أن تقول : لى عليك المال حقّا ، وقبيح أن تقول : لى عليك المال الحق ، أو : لى عليك مال حقّ ، إلا أن تذهب به إلى أنه حقّ لى عليك ، فتخرجه مخرج المال لا على مذهب الخبر. وكل ما كان فى القرآن مما فيه من نكرات الحق أو معرفته أو ما كان فى معنى الحق فوجه الكلام فيه النصب مثل قوله «وَعْدَ الْحَقِّ» «٥» و«وَعْدَ الصِّدْقِ» «٦» ومثل قوله «إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا» «٧» هذا على تفسير الأوّل. وأما قوله «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ» «٨» فالنصب فى الحقّ جائز يريد حقّا ، أي أخبركم أن ذلك حقّ. وإن شئت خفضت الحقّ ، تجعله من صفة اللّه تبارك وتعالى. وإن شئت رفعته فتجعله من صفة الولاية. وكذلك قوله «وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» «٩» تجعله من صفة اللّه عز وجلّ. ولو نصبت كان صوابا ، ولو رفع على نيّة الاستئناف كان صوابا كما قال «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ (١) يريد أنه حال من «قدره». (٢) يريد أنه مفعول مطلق. (٣) يوافق هذا قولهم : إنه مفعول مطلق مؤكد للجملة السابقة. (٤) كذا فى ش. وفى ج : «بأخبار». (٥) آية ٢٢ سورة إبراهيم. (٦) آية ١٦ سورة الأحقاف. [.....] (٧) آية ٤ سورة يونس. (٨) آية ٤٤ سورة الكهف. (٩) آية ٣٠ سورة يونس. فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» «١» وأنت قائل إذا سمعت رجلا يحدث : [حقّا أي ] «٢» قلت حقا ، والحقّ ، أي ذلك الحقّ. وأما قوله فى ص : «قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ» «٣» فإن الفرّاء قد رفعت الأوّل ونصبته. وروى عن مجاهد وابن عباس أنهما رفعا الأوّل وقالا تفسيره : الحقّ منى ، وأقول الحق فينصبان الثاني ب «أقول». ونصبهما جميعا كثير منهم فجعلوا الأوّل على معنى : والحقّ «٤» «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ» وينصب الثاني بوقوع القول عليه. وقوله «ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ» «٥» رفعه حمزة والكسائىّ ، وجعلا الحق هو اللّه تبارك وتعالى لأنها فى حرف عبد اللّه «ذلك عيسى ابن مريم قال اللّه» كقولك : كلمة اللّه ، فيجعلون (قال) بمنزلة القول كما قالوا : العاب والعيب. وقد نصبه قوم يريدون : ذلك عيسى بن مريم قولا حقّا. (١) آية ١٤٧ سورة البقرة. (٢) زيادة اقتضاها السياق خلت منها الأصول. (٣) آية ٨٤. (٤) ونصبه على طرح الخافض على نية القسم أي بالحق. (٥) آية ٣٤ سورة مريم. |
﴿ ٢٣٦ ﴾