١٥وقوله : قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ ... (١٥) ثم قال لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ فرفع الجنات باللام «٥». ولم يجز ردّها على أوّل الكلام لأنك حلت بينهما باللام ، فلم يضمر خافض وقد حالت اللام (٥) يريد أن «جنات» مبتدأ خبره «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا» والمبتدأ والخبر عندهم يترافعان ، فرافع المبتدأ هو الخبر. بينهما. وقد يجوز أن تحول باللام ومثلها بين الرافع وما رفع ، والناصب وما نصب. فتقول : رأيت لأخيك مالا ، ولأبيك إبلا. وترفع باللام إذا لم تعمل الفعل ، وفى الرفع : قد كان لأخيك مال ولأبيك إبل. ولم يجز أن تقول فى الخفض : قد أمرت لك بألف ولأخيك ألفين ، وأنت تريد (بألفين) لأن إضمار الخفض غير جائز ألا ترى أنك تقول : من ضربت؟ فتقول : زيدا ، ومن أتاك؟ فتقول : زيد. فيضمر الرافع والناصب. ولو قال : بمن مررت؟ لم تقل : زيد لأن الخافض مع ما خفض بمنزلة الحرف الواحد. فإذا قدّمت الذي أخرته بعد اللام جاز فيه الخفض لأنه كالمنسوق على ما قبله إذا لم تحل بينهما بشىء. فلو قدّمت الجنّات قبل اللام فقيل : (بخير من ذلكم جنات للذين اتقوا) لجاز الخفض والنصب على معنى تكرير الفعل بإسقاط الباء كما قال الشاعر : أتيت بعبد اللّه فى القدّ موثقا فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر «١»! كذلك تفعل بالفعل إذا اكتسب الباء ثم أضمرا جميعا نصب كقولك : أخاك ، وأنت تريد امرر بأخيك. وقال الشاعر «٢» [فى ] استجازة العطف إذا قدّمته ولم تحل بينهما بشىء : ألا يا لقوم كلّ ما حمّ واقع وللطير مجرى والجنوب مصارع «٣» (١) فالأصل : فهلا أتيت بسعيد فلما حذف الخافض انتصب المخفوض. ومقتضى كلامه جواز الخفض ، فيقال : فهلا سعيد أي فهلا أتيت بسعيد. (٢) هو البعيث. وانظر اللسان (حمم) (٣) حمّ : قدّر. والجنوب جمع الجنب ، وهو جنب الإنسان. وانظر شرح شواهد الهمع ٢/ ١٩٢ أراد : وللجنوب مصارع ، فاستجاز حذف اللام ، وبها ترتفع المصارع إذ لم تحل بينهما بشىء. فلو قلت : (ومصارع الجنوب) لم يجز وأنت تريد إضمار اللام. وقال الآخر «١» : أوعدنى بالسجن والأداهم رجلى ورجلى شثنة المناسم أراد : أوعد رجلى بالأداهم. وقوله : فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «٢» والوجه رفع يعقوب. ومن نصب «٣» نوى به النصب ، ولم يجز الخفض إلا بإعادة الباء : ومن وراء إسحاق بيعقوب. وكلّ شيئين اجتمعا قد تقدّم [أحدهما] «٤» قبل المخفوض الذي ترى أن الإضمار فيه يجوز على هذا. ولا تبال أن تفرق بينهما بفاعل أو مفعول به أو بصفة. فمن ذلك أن تقول : مررت بزيد وبعمرو ومحمد [أو] «٥» وعمرو ومحمد. ولا يجوز مررت بزيد وعمرو وفى الدار محمد ، حتى تقول : بمحمد. وكذلك : أمرت لأخيك بالعبيد ولأبيك بالورق. ولا يجوز : لأبيك الورق. وكذلك : مرّ بعبد اللّه موثقا ومطلقا زيد ، وأنت تريد : ومطلقا بزيد. وإن قلت : وزيد مطلقا جاز ذلك على شبيه بالنسق إذا لم تحل بينهما بشىء. (١) هو العديل بن الفرخ العجلىّ. كان الحجاج قد توعده ففرّ إلى قيصر ملك الروم. والأداهم جمع الأدهم وهو القيد ، وشثنة أي غليظة خشنة. والمناسم جمع المنسم ، وهو فى الأصل طرف خف البعير ، استعاره لأسفل رجله. وانظر شرح شواهد الهمع ٢/ ١٦٤ (٢) آية ٧١ سورة هود. (٣) يريد أن من فتح «يعقوب» فهو منصوب لا مخفوض بالفتحة لامتناعه من الصرف للعلمية والعجمة. ونصبه على تقدير ناصب يوحى به المعنى ، أي وهبنا له من وراء إسحاق يعقوب. وانظر اللسان فى عقب. [.....] (٤ ، ٥) زيادة اقتضاها الساق. و قوله : قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا «١» فيها ثلاثة أوجه أجودها الرفع ، والنصب من جهتين : من وعدها إذ لم تكن النار مبتدأة ، والنصب الآخر بإيقاع الإنباء عليها بسقوط الخفض. والخفض جائز لأنك لم تحل بينهما بمانع. والرفع على الابتداء. فإن قلت : فما تقول فى قول الشاعر : الآن بعد لجاجتى تلحوننى هلا التقدّم والقلوب صحاح بم رفع التقدّم قلت : بمعنى «٢» الواو فى قوله : (والقلوب صحاح) كأنه قال : العظة والقلوب فارغة ، والرطب والحرّ شديد ، ثم أدخلت عليها هلّا وهى على ما رفعتها ، ولو نصبت التقدّم بنية فعل كما تقول : أتيتنا بأحاديث لا نعرفها فهلا أحاديث معروفة «٣». ولو جعلت اللام فى قوله : لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ من صلة الإنباء جاز خفض الجنات والأزواج والرضوان. (١) آية ٧٢ سورة الحج. (٢) يريد أن خبر المبتدأ فى مثل هذا - وهو الذي بعده واو هى نص فى المعية - هو معنى الاقتران والصحبة ، فإذا قلت : كل رجل وصنعته. فكأنك قلت : كل رجل مع صنعته. وبذلك يستغنى عن تقدير الخبر الذي يقول به البصريون. وما ذكره هو مذهب الكوفيين. وترى أنه يرى أن (هلا) تدخل على الجملة الاسمية. (٣) جواب لو محذوف : أي لجاز. |
﴿ ١٥ ﴾