١٨

وقوله : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ... (١٨)

قد فتحت القرّاء الألف من (أنه) ومن قوله إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «٤».

وإن شئت جعلت (أنه) على الشرط «٥» وجعلت الشهادة واقعة على قوله : «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» ، وتكون (أنّ) الأولى يصلح فيها الخفض كقولك : شهد اللّه بتوحيده أن الدين عنده الإسلام.

 (٤) على أن الواو تراد فى قوله «إِنَّ الدِّينَ» كأنه قال : شهد اللّه أنه لا إله إلا هو وأن الدين عند اللّه الإسلام. وهذا توجيه الكسائي. قال : «أنصبهما جميعا ، بمعنى شهد اللّه أنه كذا وأن الدين عند اللّه كذا». وهذا التخريج فيه ضعف ، فإن حذف العاطف فى الكلام ليس بالقويّ. وخير من هذا أن يخرج «إِنَّ الدِّينَ ...» على البدل من «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» كما هو رأى ابن كيسان. وذلك أن الإسلام تفسير التوحيد الذي هو مضمون الكلام السابق ، وانظر القرطبي ٤/ ٤٣.

(٥) يريد بالشرط العلة والسبب ، فلا يكون الفعل واقعا عليه إذ يكون التقدير : لأنه أو بأنه لا إله إلا هو.

و إن شئت استأنفت (إن الدين) بكسرتها ، وأوقعت الشهادة على «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ». وكذلك قرأها حمزة. وهو أحبّ الوجهين إلىّ. وهى فى قراءة عبد اللّه «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ». وكان الكسائىّ يفتحهما كلتيهما.

وقرأ ابن عباس بكسر الأوّل وفتح (أن الدين عند اللّه الإسلام) ، وهو وجه جيّد جعل (إنه لا إله إلا هو) مستأنفة معترضة - كأنّ الفاء تراد فيها - وأوقع الشهادة على (أن الدين عند اللّه). ومثله فى الكلام قولك للرجل : أشهد - إنى أعلم الناس بهذا - أنّك عالم ، كأنك قلت : أشهد - إنى «١» أعلم بهذا من غيرى - أنك عالم. وإذا جئت بأنّ قد وقع عليها «٢» العلم أو الشهادة أو الظن وما أشبه ذلك كسرت إحداهما ونصبت التي يقع عليها الظنّ أو العلم وما أشبه ذلك نقول للرجل :

لا تحسبن أنك عاقل إنك جاهل ، لأنك تريد فإنك جاهل ، وإن صلحت الفاء فى إن السابقة كسرتها وفتحت الثانية. يقاس على هذه ما ورد.

وقوله وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ منصوب «٣» على القطع لأنه نكرة نعت به معرفة. وهو فى قراءة عبد اللّه «القائم بالقسط» رفع لأنه معرفة نعت لمعرفة.

(١) فى تفسير الطبري : «فإنى» وهو أنسب.

(٢) أي على مثلها أي أن أخرى.

(٣) أي (قائما).

﴿ ١٨