٧٥

وقوله : وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ (٧٥) كان الأعمش وعاصم يجزمان الهاء فى يؤدّه ، و«نُوَلِّهِ «٣» ما تَوَلَّى» ، و«أَرْجِهْ وَأَخاهُ» «٤» ، و«خَيْراً يَرَهُ» ، و«شَرًّا «٥» يَرَهُ». وفيه لهما مذهبان أمّا أحدهما فإن القوم ظنّوا أن الجزم فى الهاء ، وإنما هو فيما قبل الهاء. فهذا وإن كان توهّما ، خطأ. وأما الآخر فإن من العرب من يجزم الهاء إذا تحرّك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا ، أو يترك الهاء إذ سكّنها وأصلها الرفع بمنزلة رأيتهم وأنتم ألا ترى أن الميم سكنت وأصلها الرفع. ومن العرب من يحرّك الهاء حركة بلا واو ، فيقول ضربته (بلا واو) ضربا شديدا. والوجه الأكثر أن توصل بواو فيقال كلمتهو كلاما ، على هذا البناء ، وقد قال الشاعر فى حذف الواو :

أنا ابن كلاب وابن أوس فمن يكن قناعه مغطيّا فإنّى لمجتلى «٦»

 (٣) آية ١١٥ سورة النساء.

(٤) آية ١١١ سورة الأعراف.

(٥) آيتا ٧ ، ٨ سورة الزلزلة.

(٦) فى ج : «معطيا» وهو تصحيف عما أثبتناه.

والبيت فى اللسان (غطى). ومغطيا : مستورا من قولهم : غطى الشيء : ستره وعلاه.

و أمّا إذا سكن ما قبل الهاء فإنهم يختارون حذف الواو من الهاء فيقولون : دعه يذهب ، ومنه ، وعنه. ولا يكادون يقولون : منهو ولا عنهو ، فيصلون بواو إذا سكن ما قبلها وذلك أنهم لا يقدرون على تسكين الهاء وقبلها حرف ساكن ، فلمّا صارت متحرّكة لا يجوز تسكينها اكتفوا بحركتها من الواو.

وقوله إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً يقول : ما دمت له متقاضيا. والتفسير فى ذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا بايعهم أهل الإسلام أدّى بعضهم الأمانة ، وقال بعضهم : ليس للأمّيّين - وهم العرب - حرمة كحرمة أهل ديننا ، فأخبر اللّه - تبارك وتعالى - أنّ فيهم أمانة وخيانة فقال تبارك وتعالى «وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» فى استحلالهم الذهاب بحقوق المسلمين.

﴿ ٧٥