١٥٣

و قوله : إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ ... (١٥٣)

الإصعاد فى ابتداء الأسفار والمخارج. تقول : أصعدنا من مكة ومن بغداد إلى خراسان ، وشبيه ذلك. فإذا صعدت على السلم أو الدّرجة ونحوهما قلت :

صعدت ، ولم تقل أصعدت. وقرأ الحسن البصرىّ : «إذ تصعدون ولا تلوون» جعل الصعود فى الجبل كالصعود فى السلم.

وقوله : وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ ومن العرب من يقول : أخراتكم ، ولا يجوز فى القرآن لزيادة التاء فيها على كتاب المصاحف وقال الشاعر :

و يتّقى السيف بأخراته من دون كفّ الجار والمعصم «١»

و قوله : فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ الإثابة هاهنا [فى ] معنى عقاب ، ولكنه كما قال الشاعر «٢» :

أخاف زيادا أن يكون عطاؤه أداهم سودا أو محدرجة سمرا

و قد يقول الرجل الذي قد اجترم إليك : لئن أتيتنى لأثيبنّك ثوابك ، معناه : لأعاقبنّك ، وربما أنكره من لا يعرف مذاهب العربية. وقد قال اللّه تبارك وتعالى :

فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «٣» والبشارة إنما تكون فى الخير ، فقد قيل ذاك فى الشرّ.

(١) ورد فى اللسان (أخر) دون عزو.

(٢) هو الفرزدق. وزياد هو ابن أبيه ، كان توعد الفرزدق ثم أظهر الرضا عنه وأنه سيحبوه إن قصده ، فلم يركن لذلك الفرزدق. والأداهم جمع أدهم وهو القيد. والمحدرجة : السياط ، وهو وصف من حدرجه إذا أحكم فتله. وسوط محدرج : مغار محكم الفتل.

(٣) آية ٢١ سورة آل عمران ، ٣٤ سورة التوبة.

و معنى قوله (غمّا بغمّ) ما أصابهم يوم أحد من الهزيمة والقتل ، ثم أشرف عليهم خالد بن الوليد «١» بخيله فخافوه ، وغمّهم ذلك.

وقوله : وَلا ما أَصابَكُمْ (ما) فى موضع خفض على «ما فاتَكُمْ» أي ولا على ما أصابكم.

(١) أي وأبو سفيان كما فى القرطبي. وعند الطبري أن ذلك كان من إشراف أبى سفيان وعلوّه الجبل.

﴿ ١٥٣