٢

وقوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ... (٢)

كانت عامّة العرب لا يرون الصفا والمروة من الشعائر «٥» ، ولا يطوفون بينهما ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى : لا تستحلّوا ترك ذلك.

 (٥) كذا فى ش. وفى ج «شعائر».

و قوله : وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ : ولا القتال فى الشهر الحرام.

وَ لَا الْهَدْيَ وهو هدى المشركين : أن تعرضوا له ولا أن تخيفوا من قلّد بعيره. وكانت العرب إذا أرادت أن تسافر فى غير أشهر «١» الحرم قلّد أحدهم بعيره ، فيأمن بذلك ، فقال : لا تخيفوا من قلّد. وكان أهل مكّة يقلّدون بلحاء «٢» الشجر ، وسائر العرب يقلّدون بالوبر والشعر.

وقوله : وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ يقول : ولا تمنعوا من أمّ البيت الحرام أو أراده من المشركين. ثم نسخت هذه «٣» الآية التي فى التوبة فَاقْتُلُوا «٤» الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى آخر الآية.

وقوله : وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش : ولا يجرمنّكم ، من أجرمت ، وكلام «٥» العرب وقراءة القرّاء يَجْرِمَنَّكُمْ بفتح الياء. جاء التفسير : ولا يحملنّكم بغض قوم. قال الفرّاء : وسمعت العرب تقول :

فلأن جريمة أهله ، يريدون : كاسب لأهله ، وخرج يجرمهم : يكسب لهم. والمعنى فيها متقارب : لا يكسبنّكم بغض قوم أن تفعلوا شرّا. ف (أن) فى موضع تصب.

فإذا جعلت «٦» فى (أن) (على) ذهبت إلى معنى : لا يحملنّكم بغضهم على كذا وكذا ، على أن لا تعدلوا ، فيصلح طرح (على) كما تقول : حملتنى أن أسأل وعلى أن أسأل.

(١) كذا. والكوفيون يجيزون إضافة الموصوف للوصف.

(٢) لحاء الشجر : قشره.

(٣) كذا فى ج. وفى ش : «هى». [.....]

(٤) آية ٥.

(٥) فى اللسان (جرم) : «و قال أبو إسحق : يقال : أجرمنى كذا وجرمنى. وجرمت وأجرمت بمعنى واحد. وقيل فى قوله تعالى : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ) : لا يدخلنكم فى الجرم كما يقال : آثمته أي أدخلته فى الإثم» وأبو إسحق هو الزجاج ، وهو بصرى. فقول القرطبي : «و لا يعرف البصريون الضم» موضع نظر.

(٦) أي إذا قدّرت حرف الجرّ المحذوف الداخل على (أن) هو (على).

وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ وقد ثقّل «١» الشنان بعضهم «٢» ، وأكثر القرّاء على تخفيفه «٣».

وقد روى تخفيفه وتثقيله عن الأعمش وهو : لا يحملنكم بغض قوم ، فالوجه إذا كان مصدرا أن يثقّل ، وإذا أردت به بغيض قوم قلت : شنآن.

وأَنْ صَدُّوكُمْ فى موضع نصب لصلاح «٤» الخافض فيها. ولو كسرت «٥» على معنى الجزاء لكان صوابا. وفى حرف عبد اللّه إن يصدّوكم فإن كسرت جعلت الفعل مستقبلا ، وإن فتحت جعلته ماضيا. وإن جعلته جزاء بالكسر صلح ذلك كقوله»

أَ فَنَضْرِبُ «٧» عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ وأن ، تفتح وتكسر. وكذلك أَوْلِياءَ «٨» إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ تكسر. ولو فتحت لكان صوابا ، وقوله باخِعٌ «٩» نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [فيه ] «١٠» الفتح والكسر. وأما قوله بَلِ «١١» اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ ف (أن) مفتوحة لأنّ معناها ماض كأنك قلت :

منّ عليكم أن هداكم. فلو نويت الاستقبال جاز الكسر فيها. والفتح الوجه «١٢» لمضىّ أوّل الفعلين. فإذا قلت : أكرمتك أن أتيتنى ، لم يجز كسر أن لأنّ الفعل ماض.

وقوله : وَتَعاوَنُوا هو فى موضع جزم. لأنها أمر ، وليست بمعطوفة على تَعْتَدُوا.

(١) كذا فى ج. وفى ش : «تقول» وهو تحريف. وتثقيل الشنآن تحريك نونه بالفتح ، وتخفيفه : تسكينها.

(٢) من هؤلاء أبو عمرو والكسائىّ وابن كثير وحمزة وحفص.

(٣) وهى قراءة ابن عامر وأبى بكر.

(٤) كذا فى ج. وفى ش : «لصالح».

(٥) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو.

(٦) كذا فى ج. وفى ش : «قوله».

(٧) آية ٦ سورة الزخرف. والكسر قراءة نافع وحمزة والكسائىّ وأبى جعفر وخلف. ووافقهم الحسن والأعمش. والباقون بالفتح ، كما فى الإتحاف.

(٨) آية ٢٣ سورة التوبة.

(٩) آية ٣ سورة الشعراء.

(١٠) زيادة يقتضيها المقام.

(١١) آية ١٧ سورة الحجرات. [.....]

(١٢) فى ش ، ج : «و الوجه».

﴿ ٢