٣٠وقوله : قَدْ شَغَفَها حُبًّا [٣٠] أي قد خرق شغاف «٢» قلبها وتقرأ «٣» (قد شعفها) بالعين وهو من قولك : شعف بها. كأنّه «٤» ذهب بها كلّ مذهب. والشعف : رءوس الجبال. وقوله : (وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) يقال : اتخذت لهنّ مجلسا. ويقال : إنّ متكا غير مهموز ، فسمعت «٥» أنه الأترجّ. وحدّثنى شيخ من ثقات أهل البصرة أنه قال : الزّماورد «٦». وقوله : وقطّعن أيديهنّ يقول : وخدشنها ولم يبنّ أيديهن ، من إعظامه ، وذلك قوله : (حاشَ لِلَّهِ) أعظمته أن يكون بشرا ، وقلن : هذا ملك. وفى قراءة «٧» عبد اللّه (حاشا للّه) بالألف ، وهو فى معنى معاذ اللّه. وقوله : (ما هذا بَشَراً) نصبت (بَشَراً) لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء ، فلمّا حذفوها أحبّوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك ألا ترى أن كلّ ما فى القرآن أتى بالباء إلّا هذا ، وقوله : (ما هُنَّ «٨» أُمَّهاتِهِمْ) وأما أهل نجد فيتكلّمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا. وهو أقوى الوجهين فى العربية. أنشدنى بعضهم : لشتّان ما أنوى وينوى بنو أبى جميعا فما هذان مستويان (٢) شغاف القلب غلافه. (٣) ش : «يقرأ» وهى قراءة الحسن وابن محيصن. (٤) هذا تفسير لقراءة العين فى الآية. (٥) ا : «و سمعت». (٦) هو طعام يتخذ من البيض واللحم. (٧) قرأ أبو عمرو بالألف فى الوصل. (٨) الآية ٢ سورة المجادلة. [.....] تمنّوا لى الموت الذي يشعب الفتى وكلّ فتى والموت يلتقيان «١» و أنشدونى : ركاب حسيل أشهر الصيف بدّن وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل و يزعم حسل أنه فرع قومه وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل «٢» و قال الفرزدق : أما نحن راءو دارها بعد هذه يد الدهر إلا أنّ يمرّ بها سفر «٣» و إذا قدّمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت : ما سامع هذا وما قائم أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل هاهنا ولم تدخل ألا ترى أنه قبيح أن تقول : ما بقائم أخوك لأنها إنما تقع فى المنفىّ إذا سبق الاسم ، فلمّا لم يمكن فى (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسن ذلك فى (ليس) : أن تقول : ليس بقائم أخوك لأنّ (ليس) فعل يقبل المضمر ، كقولك : لست ولسنا ولم يمكن ذلك فى (ما). فإن قلت : فإنى أراه لا يمكن فى (لا) وقد أدخلت العرب الباء فى الفعل التي تليها «٤» فقالوا «٥» : لا بالحصور ولا فيها بسوّار قلت : إن (لا) أشبه بليس من (ما) ألا ترى أنك تقول : عبد اللّه لا قائم ولا قاعد ، كما تقول : عبد اللّه ليس قاعدا ولا قائما ، ولا يجوز عبد اللّه ما قائم ولا قاعد فافترقتا هاهنا. (١) ورد هذا البيت الثاني فى شواهد النحو فى مبحث المبتدأ ، ونسبه العيني إلى الفرزدق. ويشعب : يفرق. (٢) فرع القوم : الشريف فيهم. (٣) من قصيدة له في مدح بنى ضبة. وانظر ديوانه ٣١٥ : وقوله : «بها» فى ا : «لها» والسفر : المسافرون ويد الدهر : طول الدهر. (٤) أراد بالفعل الكلمة فأنث اسم الموصول لها. وأراد بالفعل هنا الوصف وفى ب : «الفعل يليها» (٥) الشطر من بيت تقدم للأخطل. ونسبه إلى العرب لما سمعهم ينشدونه هكذا ويقرونه و لو حملت الباء على (ما) إذا وليها الفعل تتوهّم فيها ما توهّمت فى (لا) لكان وجها ، أنشدتنى امرأة من غنىّ : أما واللّه أن لو كنت حرّا وما بالحرّ أنت ولا العتيق «١» فأدخلت الباء فيما يلى (ما) فإن ألقيتها رفعت ولم يقو النصب لقلّة هذا. قال : وحدّثنا الفرّاء قال : وحدّثنى دعامة بن رجاء التّيمىّ - وكان غرّا - عن أبى الحويرث الحنفىّ أنه قال : (ما هذا بشرى) أي ما هذا بمشترى. |
﴿ ٣٠ ﴾