ومن سورة إبراهيم

قول اللّه عزّ وجلّ : إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [١] اللَّهِ الَّذِي [٢].

يخفض فى الإعراب ويرفع «٣». الخفض على أن تتبعه (الْحَمِيدِ) والرّفع على الاستئناف لانفصاله من الآية كقوله عزّ وجلّ (إِنَّ «٤» اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) إلى آخر الآية ، ثم قال (التَّائِبُونَ «٥») وفى قراءة عبد اللّه (التائبين) كل ذلك صواب.

(١) هى قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف.

(٢) هى قراءة الحسن والمطوعى ، كما فى الإتحاف.

(٣) الرفع قراءة نافع وابن عامر وأبى جعفر. والخفض قراءة غيرهم.

(٤) الآية ١١١ سورة التوبة.

(٥) فى الآية ١١٢ سورة التوبة.

٤

وقوله : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [٤].

يقول : ليفهمهم وتلزمهم الحجّة. ثم قال عزّ وجلّ (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ) فرفع لأنّ النيّة فيه الاستئناف لا العطف على ما قبله. ومثله (لِنُبَيِّنَ «٦» لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) ومثله

(٦) الآية ٥ سورة الحج.

فى براءة (قاتِلُوهُمْ «١» يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) ثم قال (وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) فإذا رأيت الفعل منصوبا وبعده فعل قد نسق عليه بواو أو فاء أو ثمّ أو أو فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكل لمعناه استأنفته فرفعته.

فمن المنقطع ما أخبرتك به. ومنه قول اللّه عز وجل (وَ اللَّهُ «٢» يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) رفعت (وَ يُرِيدُ الَّذِينَ) لأنها لا تشاكل (أَنْ يَتُوبَ) ألا ترى أن ضمّك إيّاهما لا يجوز ، فاستأنفت أو رددته على قوله (وَ اللَّهُ يُرِيدُ) ومثله (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ «٣») فيأبى فى موضع رفع لا يجوز إلا ذلك.

ومثلهقوله :

و الشعر لا يسطيعه من يظلمه يريد أن يعربه فيعجمه «٤»

و كذلك تقول : آتيك أن تأتينى وأكرمك فتردّ (أكرمك) على الفعل الأول لأنه مشاكل له وتقول آتيك أن تأتينى وتحسن إلىّ فتجعل (وتحسن) مردودا على ما شاكلها ويقاس على هذا.

(١) الآية ١٤ من سورة التوبة.

(٢) الآية ٢٧ سورة النساء.

(٣) الآية ٣٢ سورة التوبة.

(٤) هذا من رجز ينسب إلى الحطيئة قاله حين احتضاره. وانظر الخزانة فى الشاهد ١٤٩.

٥

وقوله : وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [٥].

يقول : خوّفهم بأيّام عاد وثمود وأشباههم بالعذاب وبالعفو عن آخرين. وهو فى المعنى كقولك :

خذهم بالشدّة واللين.

٦

وقوله هاهنا : وَيُذَبِّحُونَ [٦] وفى موضع آخر (يذبحون «٥») بغير واو وفى موضع آخر

(٥) الآية ٤٩ سورة البقرة. [.....]

(يقتلون «١») بغير واو. فمعنى الواو أنهم يمسّهم العذاب غير التذبيح كأنه قال : يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب. وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملا فى كلمة ثم فسرته فاجعله بغير الواو. وإذا كان أوّله غير آخره فبالواو. فمن المجمل قول اللّه عز وجل (وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ «٢» يَلْقَ أَثاماً) فالأثام فيه نيّة العذاب قليله وكثيره. ثم فسّره بغير الواو فقال (يُضاعَفْ «٣» لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيرا له ، ألا ترى أنك تقول عندى دابّتان بغل وبرذون ولا يجوز عندى دابّتان وبغل وبرذون وأنت تريد تفسير الدّابتين بالبغل والبرذون ، ففى هذا كفاية عمّا نترك من ذلك فقس عليه.

وقوله (وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) يقول : فيما كان يصنع بكم فرعون من أصناف العذاب بلاء عظيم من البليّة. ويقال : فى ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبلاء قد يكون نعما ، وعذابا. ألا ترى أنك تقول : إن فلانا لحسن البلاء عندك تريد الإنعام علي

(١) الآية ١٤١ سورة الأعراف.

(٢) الآية ٦٨ سورة الفرقان.

(٣) الآية ٦٩ سورة الفرقان.

ك.

٧

وقوله : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ [٧] معناه : أعلم ربّكم وربما قالت العرب فى معنى أفعلت تفعّلت فهذا من ذلك واللّه أعلم. ومثله : أوعدنى وتوعّدنى وهو كثير.

٩

وقوله فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [٩] جاء فيها أقاويل. حدثنا محمّد قال حدّثنا الفراء قال :

حدّثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : كانوا إذا جاءهم الرسول قالوا له :

اسكت وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم كما تسكّت أنت - قال : وأشار لنا الفراء بأصبعه السبّابة على فيه - ردّا عليهم وتكذيبا. وقال بعضهم : كانوا يكذّبونهم ويردّون القول بأيديهم إلى أفواه الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يخاطبه. قال : وأرانا ابن عبد اللّه الإشارة فى الوجهين (وأرانا «٤» الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم : فردّوا

(٤) سقط ما بين القوسين فى ا

أيديهم فى أفواههم يقول ردّوا ما لو قبلوه لكان نعما وأيادى من اللّه فى أفواههم ، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (فى) موضع الباء فيقول : أدخلك اللّه بالجنّة يريد :

فى الجنة. قال : وأنشدنى بعضهم :

و أرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنّنى عن سنبس لست أرغب

فقال : أرغب فيها يعنى بنتا له. أي إنى أرغب بها عن لقيط «١».

وقوله : وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا [١٣] قال (أَوْ لَتَعُودُنَّ) فجعل فيها لا ما كجواب اليمين وهى فى «٢» معنى شرط ، مثله من الكلام أن تقول : واللّه لأضربنّك أو تقرّ لى : فيكون معناه معنى حتّى أو إلّا ، إلا أنها جاءت بحرف نسق. فمن العرب من يجعل الشرط متبعا للذى قبله ، إن كانت فى الأول لام كان فى الثاني لام ، وإن كان الأول منصوبا أو مجزوما نسقوا عليه كقوله : (أَوْ لَتَعُودُنَّ) ومن العرب من ينصب ما بعد أو ليؤذن نصبه بالانقطاع عمّا قبله. وقال الشاعر «٣» :

لتقعدنّ مقعد القصىّ منّى ذى القاذورة المقلىّ

أو تحلفي بربّك العلىّ أنيّ أبو ذيّالك الصبىّ

فنصب (تحلفي) لأنه أراد : أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفنّ كان صوابا ومثله قول امرئ القيس :

بكى صاحبى لمّا رأى الدرب دونه وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا «٤»

(١) فى الطبري بعده : «و لا أرغب بها عن قبيلتى» فأفاد أن الشاعر من سنبص. وسنبس حى من طىء.

(٢) سقط فى ا.

(٣) هو بعض العرب ، قدم من سفر فوجد امرأته قد ولدت غلاما فانكره. وانظر اللسان (ذا) فى حرف الألف اللينة فى أواخر الجزء العشرين وفى ب : «ليقعدن».

(٤) من قصيدة له قالها حين ذهب إلى قيصر. وانظر الديوان ص ٦٥ وما بعدها.

فقلت له لا تبك عينك إما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

فنصب آخره ورفع (نحاول) على معنى إلّا أو حتى. وفى إحدى القراءتين : (تقاتلونهم «١» أو يسلموا) والمعنى - واللّه أعلم - تقاتلونهم حتى يسلموا. وقال الشاعر «٢» :

لا أستطيع نزوعا عن مودّتها أو يصنع الحبّ بي غير الذي صنعا

و أنت قائل فى الكلام : لست لأبى إن لم أقتلك أو تسبقنى فى الأرض فتنصب (تسبقنى) وتجزمها. كأنّ الجزم فى جوازه : لست لأبى إن لم يكن أحد هذين ، والنصب على أنّ آخره منقطع عن أوّله كما قالوا : لا يسعنى شىء ويضيق عنك ، فلم يصلح أن تردّ (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها. كذلك قول العرب : لو تركت والأسد لأكلك لمّا جاءت الواو تردّ اسما على اسم قبله ، وقبح أن تردّ الفعل الذي رفع الأوّل على الثاني نصب ألا ترى أنك لا تقول لو تركت وترك الأسد لأكلك. فمن هاهنا أتاه النصب. وجاز الرفع لأن الواو حرف نسق معروف فجاز فيه الوجهان للعلّتين.

(١) الآية ١٦ سورة الفتح. وهذه القراءة فى قراءة أبى وزيد بن على كما فى البحر ٨/ ٩٤. وهى من القراءات الشاذة.

(٢) هو الأحوص.

١٤

وقوله : ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي [١٤] معناه : ذلك لمن خاف مقامه بين يدىّ ومثلهقوله :

(وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ «٣») معناه : رزقى إيّاكم أنكم تكذّبون والعرب تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه ، فيقولون : قد ندمت على ضربى إيّاك وندمت على ضربك فهذا من ذلك واللّه أعلم.

(٣) الآية ٨٢ سورة الواقعة.

١٧

وقوله : وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ [١٧] فهو يسيغه. والعرب قد تجعل (لا يَكادُ) فيما قد فعل وفيما لم يفعل. فأما ما قد فعل فهو بيّن هنا من ذلك لأن اللّه عزّ وجلّ يقول لما جعله لهم طعاما

(إِنَّ «١» شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) فهذا أيضا عذاب فى بطونهم يسيغونه. وأما ما دخلت فيه (كاد) ولم يفعل فقولك فى الكلام : ما أتيته ولا كدت ، وقول اللّه عزّ وجلّ فى النور (إِذا «٢» أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) فهذا عندنا - واللّه أعلم - أنه لا يراها. وقد قال ذلك بعض الفقهاء لأنها لا ترى فيما هو دون هذا من الظلمات ، وكيف بظلمات قد وصفت بأشدّ الوصف.

وقوله : ويأتيه الموت من كلّ مكان : حدّثنا الفراء : قال : حدثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : (يأتيه الموت) يعنى : يأتيه العذاب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. حدثنى هشيم عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم التّيمىّ قال : من كل شعرة.

وقوله : (وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ) العرب إذا كان الشيء قد مات قالوا : ميت وميّت. فإن قالوا :

هو ميت إن ضربته قالوا : مائت وميّت. وقد قرأ بعض القراء (إنّك «٣» مائت وإنّهم مائتون) وقراءة العوامّ على (ميّت). وكذلك يقولون هذا سيّد قومه وما هو بسائدهم عن قليل ، فيقولون :

بسائدهم وسيّدهم ، وكذلك يفعلون فى كل نعت مثل طمع ، يقال : طمع إذا وصف بالطمع ، ويقال هو طامع أن «٤» يصيب منك خيرا ، ويقولون : هو سكران إذا كان فى سكره ، وما هو ساكر عن كثرة الشراب ، وهو كريم إذا كان موصوفا بالكرم ، فإن نويت كرما يكون منه فيما يستقبل قلت : كارم.

(١) الآيات ٤٣ - ٤٥ سورة الدخان

(٢) الآية ٤٠ سورة النور

(٣) فى الآية ٣٠ سورة الزمر. وهذه القراءة قراءة الحسن وابن محيصن ، كما فى الإتحاف [.....]

(٤) ا : «إذ»

١٨

وقوله : مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ [١٨].

أضاف المثل إليهم ثم قال (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) والمثل للأعمال والعرب تفعل

ذلك : قال اللّه عزّ وجلّ (وَ يَوْمَ «١» الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) والمعنى ترى وجوههم مسودّة. وذلك عربىّ لأنهم يجدون المعنى فى آخر الكلمة فلا يبالون ما وقع على الاسم المبتدأ. وفيه أن تكرّ ما وقع على الاسم المبتدأ على الثاني كقوله (لَجَعَلْنا لِمَنْ «٢» يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً) فأعيدت اللام فى البيوت لأنها التي تراد بالسقف ولو خفضت ولم تظهر اللام كان صوابا كما قال اللّه عز وجل (يَسْئَلُونَكَ «٣» عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ).

فلو خفض قارئ الأعمال فقال (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ) كان جائزا ولم أسمعه فى القراءة. وقد أنشدنى بعضهم :

ما للجمال مشيها وئيدا أجندلا يحملن أم حديدا «٤»

أراد ما للجمال ما لمشيها وئيدا. وقال الآخر «٥» :

ذرينى إن أمرك لن يطاعا وما ألفيتنى حلمى مضاعا

فالحلم منصوب بالإلقاء على التكرير ولو رفعته كان صوابا.

وقال (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) فجعل العصوف تابعا لليوم فى إعرابه ، وإنما العصوف للريح. وذلك جائز على جهتين ، إحداهما أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم يوصف به لأن الريح فيه تكون ، فجاز أن تقول يوم عاصف كما تقول : يوم بارد ويوم حارّ. وقد أنشدنى بعضهم :

يومين غيمين ويوما شمسا

(١) الآية ٦٠ سورة الزمر

(٢) الآية ٣٣ سورة الزخرف

(٣) الآية ٢١٧ سورة البقرة

(٤) من رجز للزباء فى قصة لها. ووئيدا : له صوت شديد يريد شدة وطئها الأرض من ثقل ما تحمله فيسمع لوقعها صوت. وانظر شواهد العيني على هامش الخزانة ٢/ ٤٤٨.

(٥) هو عدى بن زيد العبادي ، كما فى شواهد العيني فى البدل.

فوصف اليومين بالغيمين وإنما يكون الغيم فيهما. والوجه الآخر أن يريد فى يوم عاصف الريح فتحذف الريح لأنها قد ذكرت فى أوّل الكلمة كما قال الشاعر :

فيضحك عرفان الدروع جلودنا إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف

يريد كاسف الشمس فهذان وجهان. وإن نويت أن تجعل (عاصف) من نعت الريح خاصّة فلمّا جاء بعد اليوم أتبعته إعراب اليوم وذلك من كلام العرب أن يتبعوا الخفض الخفض إذا أشبهه.

قال الشاعر :

كأنّما ضربت قدّام أعينها قطنا بمستحصد الأوتار محلوج «١»

و قال الآخر«٢» :

تريك سنّة وجه غير مقرفة ملساء ليس بها خال ولا ندب

قال : سمعت الفراء قال : قلت لأبى ثروان وقد أنشدنى هذا البيت بخفض : كيف تقول : تريك سنّة وجه غير مقرفة؟ قال : تريك سنّة وجه غير مقرفة. قلت له : فأنشد فخفض (غير) فأعدت القول عليه فقال : الذي تقول أنت أجود ممّا أقول أنا وكان إنشاده على الخفض. وقال آخر «٣» :

(١) أراد بمستحصد الأوتار مندفا متينا. وقوله : «محلوج» من صفة (قطنا) وكان حقه

النصب ، ولكنه جره على المجاورة.

(٢) هو ذو الرمة فى بائيته المشهورة. والسنة : الصورة. والمقرفة. التي دنت من الهجنة ، وهو عيب. والندب الأثر من الجراح. وانظر الديوان ٤

(٣) هو الحطيئة كما فى اللسان (سوا) والهمز : العض. وسى : مساو وانظر الخصائص ٣ هما ٢٢

و إيّاكم وحيّة بطن واد هموز الناب ليس لكم بسىّ

و ممّا يرويه نحويّونا الأوّلون أن العرب تقول : هذا جحر ضبّ خرب. والوجه أن يقول :

سنّة وجه غير مقرفة ، وحيّة بطن واد هموز الناب ، وهذا جحر ضبّ خرب. وقد ذكر عنيحيى بن وثّاب أنه قرأ (إِنَّ «١» اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) فخفض المتين وبه أخذ الأعمش.

والوجه أن يرفع (المتين) أنشدنى أبو الجرّاح العقيلىّ :

يا صاح بلّغ ذوى الزوجات كلّهم أن ليس وصل إذا انحلّت عرا الذنب «٢»

فأتبع (كلّ) خفض (الزوجات) وهو منصوب لأنه نعت لذوى.

(١) الآية ٥٨ سورة الذاريات

(٢) هو لأبى الغريب وهو أعرابى أدرك دولة العباسيين. وانظر الخزانة ٢/ ٣٢٥.

٢٢

وقوله : ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ [٢٢] أي الياء منصوبة لأن الياء من المتكلّم تسكن إذا تحرك ما قبلها وتنصب إرادة الهاء «٣» كما قرئ (لَكُمْ «٤» دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (ولى دين) فنصبت وجزمت. فإذا سكن ما قبلها ردّت إلى الفتح الذي كان لها. والياء من (مصرخىّ) ساكنة والياء بعدها من المتكلم ساكنة فحرّكت إلى حركة قد كانت لها. فهذا مطّرد فى الكلام.

ومثله (يا بَنِيَّ «٥» إِنَّ اللَّهَ) ومثله (فَمَنْ تَبِعَ «٦» هُدايَ) ومثله (مَحْيايَ «٧» وَمَماتِي).

وقد خفض الياء من قوله (بمصرخىّ) الأعمش «٨» ويحيى بن وثّاب جميعا. حدّثنى القاسم بن معن عن الأعمش عن يحيى أنه خفض الياء. قال الفراء : ولعلها من وهم القرّاء طبقة يحيى فإنه قل من سلم منهم من الوهم. ولعله ظن أن الباء فى (بمصرخىّ) خافضة للحرف كله ، والياء من المتكلّم خارجة من ذلك. ومما نرى أنهم أوهموا فيه قوله (نُوَلِّهِ «٩» ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) ظنّوا - واللّه

(٣) أي هاء السكت كأن تقول فى غلامى : غلاميه

(٤) الآية ٦ سورة الكافرين. وهو يريد القراءة بالياء (دينى) وهى قراءة سلام كما فى البحر المحيط ، وهى من الشواذ

(٥) الآية ١٣٢ سورة البقرة [.....]

(٦) الآية ٣٨ سورة البقرة

(٧) الآية ١٦٢ سورة الأنعام

(٨) وقرأ به حمزة كما فى الإتحاف

(٩) الآية ١١٥ سورة النساء. وهو يريد قراءة تسكين الهاء فى (نوله) و(نصله) وهى قراءة أبى عمرو وأبى بكر وحمزة كما فى الإتحاف

أعلم - أن الجزم فى الهاء والهاء فى موضع نصب ، وقد انجزم الفعل قبلها بسقوط الياء منه.

وممّا أوهموا فيه قوله (وما «١» تنزّلت به الشياطون) وحدّث مندل بن علىّ العنزىّ عن الأعمش قال : كنت عند إبراهيم النخعىّ وطلحة بن مصرّف [يقرأ] (قال «٢» لمن حوله ألا تستمعون) بنصب اللام من (حوله) فقال إبراهيم : ما تزال تأتينا بحرف أشنع ، إنما هى (لِمَنْ حَوْلَهُ) قال قلت : لا ، إنما هى (حوله) قال : فقال إبراهيم يا طلحة كيف تقول؟ قال : كما قلت (لِمَنْ حَوْلَهُ) قال الأعمش

قلت : لحنتما لا أجالسكما اليوم. وقد سمعت بعض العرب ينشد :

قال لها هل لك يا تافيّ قالت له ما أنت بالمرضىّ «٣»

فخفض الياء من (فىّ) فإن يك ذلك صحيحا فهو مما يلتقى من الساكنين فيخفض الآخر منهما ، وإن كان له أصل فى الفتح : ألا ترى أنهم يقولون : لم أره مذ اليوم ومذ اليوم والرفع فى الذال هو الوجه لأنه أصل حركة مذ والخفض جائز ، فكذلك الياء من مصرخىّ خفضت ولها أصل فى النصب.

وقوله (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ) هذا قول إبليس. قال لهم : إنى كنت كفرت بما أشركتمون يعنى باللّه عز وجل (مِنْ قَبْلُ) فجعل (ما) فى مذهب ما يؤدّى عن الاسم ٨٩ ب.

(١) الآية ٢١٠ سورة الشعراء. وهذه القراءة تنسب إلى الحسن

(٢) الآية ٢٥ سورة الشعراء

(٣) من أرجوزة للأغلب العجلى ، وانظر الخزانة ٢/ ٢٥٧

٢٧

وقوله : وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ [٢٧] رفعت المثل بالكاف التي فى شجرة.

ولو نصبت المثل «٤». تريد : وضرب اللّه مثل كلمة خبيثة. وهى فى قراءة أبيّ (وضرب مثلا كلمة خبيثة) كشجرة خبيثة وكل صواب.

(٤) الجواب محذوف أي لجاز. وفى الكشاف أنها قراءة

و قوله : يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [٢٧] يقال : بلا إله إلا اللّه فهذا فى الدنيا. وإذا سئل عنها فى القبر بعد موته قالها إذا كان من أهل السّعادة ، وإذا كان من أهل الشقاوة «١» لم يقلها. فذلك قوله - عزّ وجلّ - (وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ) عنها أي عن قول لا إله إلا اللّه (وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ) [٢٩] أي لا تنكروا له قدرة «٢» ولا يسأل عما يفعل. اءة الحسن والأعمش كما فى الإتحافعزّ وجل شمسا ولا قمرا ولا كثيرا من نعمه ، فقال : وآتاكم من كلّ ما لم تسألوه فيكون (ما) جحدا. والوجه الأوّل أعجب إلىّ لأن المعنى - واللّه أعلم - آتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه ، كأنك قلت : وآتاكم كل سؤلكم ، ألا ترى أنك تقول للرجل لم يسأل شيئا : واللّه لأعطينّك سؤلك : ما بلغته مسألتك وإن لم تسأل.

٣٥

وقوله : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [٣٥] أهل الحجاز يقولون : جنبنى «١» ، هى خفيفة.

وأهل نجد يقولون : أجنبنى شرّه وجنّبنى شرّه. فلو قرأ «٢» قارئ : (وأجنبنى وبنىّ) لأصاب ولم أسمعه من قارئ.

[قوله : إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي .. [٣٧]] وقال (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) ولم يأت منهم بشىء يقع عليه الفعل. وهو جائز : أن تقول : قد أصبنا من بنى فلان ، وقتلنا من بنى فلان وإن لم تقل : رجالا ، لأن (من) تؤدّى عن بعض القوم كقولك : قد أصبنا من الطعام وشربنا من الماء. ومثله (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ «٣» الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ).

وقوله (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يقول : اجعل أفئدة من الناس تريدهم كقولك : رأيت فلانا يهوى نحوك أي يريدك. وقرأ بعض القرّاء (تهوى إليهم) بنصب الواو ، بمعنى تهواهم كما قال (رَدِفَ «٤» لَكُمْ) يريد ردفكم ، وكما قالوا : نقدت لها مائة أي نقدتها.

(١) سقط فى ب

(٢) فى الكشاف أنه قرئ بها

(٣) الآية ٥٠ سورة الأعراف

(٤) الآية ٧٢ سورة النمل

٤٣

وقوله : لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [٤٣] رفعت الطرف بيرتد واستأنفت الأفئدة فرفعتها بهواء كما قال فى آل عمران (وَ ما يَعْلَمُ «٥» تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) استأنفتهم فرفعتهم بيقولون لا بيعلم.

(٥) الآية ٧ سورة آل عمران

٤٤

و قوله : يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ : [٤٤] رفع تابع ليأتيهم وليس بجواب للأمر ولو كان جوابا لجاز نصبه ورفعه ، كما قال الشاعر «١» :

يا ناق سيرى عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحا

و الرفع على الاستئناف. والائتناف بالفاء فى جواب الأمر حسن ، وكان شيخ لنا يقال له : العلاء بن سيابة - وهو الذي علم معاذا الهرّاء وأصحابه - يقول : لا أنصب بالفاء جوابا للأمر.

وقوله : وَتَبَيَّنَ لَكُمْ [٤٥] وأصحاب عبد اللّه : (ونبيّن «٢» لكم).

(١) هو أبو النجم العجلى. كما فى شواهد العيني وكما فى كتاب سيبويه ١/ ٤٢١

(٢) أي بالجزم ، وقد نسب القرطبي هذه القراءة إلى أبى عبد الرحمن السلمى. انظر تفسيره ٩/ ٣٧٩ والجزم بالعطف على قوله : «أو لم تكونوا» وفى البحر المحيط ٥/ ٤٣٦ أنه روى عنه أيضا الرفع

٤٦

وقوله : وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ [٤٦].

فأكثر القراء على كسر اللام ونصب الفعل من قوله (لِتَزُولَ) يريدون : ما «٣» كانت الجبال لتزول من مكرهم. وقرأ عبد اللّه بن مسعود (وما كان مكرهم لتزول منه الجبال) حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى جاز لنا من القراء يقال له غالب بن نجيح - وكان ثقة ورعا - أن عليّا كان يقرأ : (وإن كان مكرهم لتزول منه) بنصب «٤» اللام الأولى ورفع الثانية. فمن قرأ :

(وإن كان مكرهم لتزول منه) فعلى معنى قراءة علىّ أي مكروا مكرا عظيما كادت الجبال تزول منه.

(٣) أي أن «إن» نافية

(٤) هى قراءة الكسائي

٤٧

وقوله : فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ [٤٧] أضفت (مخلف) إلى الوعد ونصبت الرسل على التأويل «٥». وإذا كان الفعل يقع على شيئين مختلفين مثل كسوتك الثوب وأدخلتك الدار فابدأ

(٥) جعله على التأويل إذا كان الأصل تقديمه على «وعده»

بإضافة الفعل إلى الرجل فتقول : هو كاسى عبد اللّه ثوبا ، ومدخله الدار. ويجوز : هو كاسى الثوب عبد اللّه ومدخل الدار زيدا ، جاز ذلك لأن الفعل قد يأخذ «١» الدار كأخذه عبد اللّه فتقول : أدخلت الدار وكسوت الثوب. ومثله قول الشاعر :

ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه وسائره باد إلى الشمس أجمع «٢»

فأضاف (مدخل) إلى (الظل) وكان الوجه أن يضيف (مدخل) إلى (الرأس) ومثله :

ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعلّ طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل «٣»

و مثله :

فرشنى بخير لا أكونن ومدحتى كناحت يوم صخرة بعسيل «٤»

و قال آخر :

يا سارق الليلة أهل الدار «٥»

فأضاف سارقا إلى الليلة ونصب (أهل الدار) وكان بعض النحويّين ينصب (الليلة) ويخفض (أهل) فيقول : يا سارق الليلة أهل الدار.

وكناحت يوما صخرة

(١) أن يعمل وينصب

(٢) يصف هاجرة ألجأت الثيران إلى كنسها ، فترى الثور قد أدخل رأسه فى ظل كناسه لما يجده من شدة الحرارة وسائر جسده بارز للشمس وانظر سيبويه ١/ ٩٢ [.....]

(٣) من رجز لجبار بن جزء ابن أخى الشماخ. والمشمعل : الجاد فى الأمور الخفيف فيما يأخذ فيه. والكرى النوم. وهو يصف عمه الشماخ وسلمى امرأة الشماخ وكان ابن عمها. يمدح الشماخ بخفته فى خدمة إخوانه فهو يطبخ زاد الكسلان فى وقت النوم ويكفيه أمره. وانظر ديوان الشماخ ١٠٩ ، وكتاب سيبويه ١/ ٩٠ والخزانة ٢/ ١٧٢ -

(٤) راشه : نفعه وأصلح حاله والعسيل : مكنسة العطار ، وهو شعر يكنس به الطيب ، والمراد أنه لا فائدة فيه كمن ينحت الصخرة بهذه المكنسة.

(٥) رجز ورد فى كتاب سيبويه ١/ ٨٩.

و ليس ذلك «١» حسنا فى الفعل ولو كان اسما لكان الذي قالوا أجوز. كقولك : أنت صاحب اليوم ألف دينار ، لأن الصّاحب إنما يأخذ واحدا ولا يأخذ الشيئين ، والفعل قد ينصب الشيئين ، ولكن إذا اعترضت صفة بين خافض وما خفض جاز إضافته مثل قولك : هذا ضارب فى الدار أخيه ، ولا يجوز إلّا فى الشعر ، مثل قوله :

تروّح فى عمّيّة وأغاثه على الماء قوم بالهراوات هوج «٢»

مؤخّر عن أنيابه جلد رأسه لهنّ كأشباه الزّجاج خروج «٣»

و قال الآخر«٤» :

و كرّار دون المجحرين جواده إذا لم يحام دون أنثى حليلها

و زعم الكسائي أنهم يؤثرون النصب إذا حالوا بين الفعل المضاف بصفة فيقولون : هو ضارب فى غير شىء أخاه ، يتوهّمون إذ حالوا بينهما أنهم نوّنوا. وليس قول من قال (مخلف وعده رسله) ولا (زَيَّنَ «٥» لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) بشىء ، وقد فسّر «٦» ذلك. ونحويّو أهل المدينة ينشدون قوله :

فزججتها متمكّنا زجّ القلوص أبى مزاده «٧»

(١) ا : «بحسن».

(٢) العمية : الضلالة والكبر. والهراوات العصى. و«هوج» ضبط في ا : «هوج» وهو لا يستقيم مع البيت الذي بعده «خروج» فالظاهر أن يضبط «هوج» بسكون الواو جمع أهوج ، ويراد به المتسرع العجل.

(٣) كأنه يريد بتأخير جلد رأسه عن أنيابه أنه كالأسد يكشر عن أسنانه ويبديها ولا يطبق رأسه على أسنانه فيخفيها.

وبذكر أن أنيابه لها خروج أي بروز وظهور كأطراف الزجاج. والزجاج جمع زج ، وهو الحديدة فى أسفل الرمح.

(٤) هو الأخطل يمدح همام بن مطرف التغلبي. والمحجر : الملجأ الذي غشيه عدوه. يصفه بالشجاعة والإقدام ، فاذا فر الرجال عن أزواجهم منهزمين وأسلموهن للعدو كر جواده يدافع عنهم. وانظر كتاب سيبويه ١/ ٩٠.

(٥) هذه قراءة ابن عامر.

(٦) انظر ص ٣٥٧ من الجزء الأول.

(٧) انظر ص ٣٥٨ من الجزء الأول من هذا الكتاب ، وشرح المفصل ٣/ ١٩.

قال الفراء : باطل والصواب :

زجّ القلوص أبو مزاده

٥٠

قوله : سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ [٥٠] عامّة القراء مجمعون على أن القطران حرف «١» واحد مثل الظّربان. حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : وحدّثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح أن ابن عباس فسّرها (مِنْ قَطِرانٍ) : قد انتهى حرّه ، قرأها ابن عبّاس كذلك. قال أبو زكريّا ، وهو من قوله : (قالَ «٣» آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً).

﴿ ٠