ومن سورة ص

١

قوله ص ، وَالْقُرْآنِ [١] جزمها القراء ، إلّا الحسن فإنه خفضها بلا نون لاجتماع السّاكنين.

كانت بمنزلة من قرأ (ن وَالْقَلَمِ) و(يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) جعلت بمنزلة الأداة كقول العرب :

تركته (حاث «٢» باث) و(خاز باز «٣») يخفضان لأن الذي بلى آخر الحرف ألف. فالخفض مع الألف ، والنصب مع غير الألف. يقولون : تركته حيث بيث ، ولأجعلنّك حيص «٤» بيص إذا ضيّق عليه.

وقال الشاعر :

لم يلتحصنى حيص بيص الحاصى «٥»

يريد الحائص فقلب كما قال : (عاق «٦») يريد : عائق.

وص فى معناها «٧» كقولك : / ١٦١ ب وجب واللّه ، ونزل واللّه ، وحقّ واللّه. فهى جواب

(٢) أي إذا تركته مختلط الأمر كما فى التاج.

(٣) من معانى الخازباز أنه ذباب يكون فى الروض. [.....]

(٤) الذي فى كتب اللغة أن يقال : تركته فى حيص بيص.

(٥) الذي فى اللسان بيت لأمية بن أبى عائذ الهذلي هو :

قد كنت خراجا ولو جا صيرفا لم تلتحصتى حيص بيص الحاص

و هو من قصيدة فى ديوان الهذليين ٢/ ١٩٢. و«لم تلتحصنى» : لم تثبطنى. والحاص من أسماء الشدة والداهية.

والرواية هنا : «يلتحصنى» و«الحاصى» يريد كما يقول الفراء - : الحائص كأنه قال : لم يثبطنى المثبط :

(٦) أي فى قول الشاعر :

فلو أنى رميتك من بعيد لعاقك عن دعاء الذئب عاقى

(٧) ا : «معناهما».

لقوله (وَ الْقُرْآنِ) كما تقول : نزل واللّه. وقد زعم قوم أنّ جواب (وَ الْقُرْآنِ) (إِنَّ ذلِكَ «١» لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) وذلك كلام قد تأخّر تأخّرا كثيرا عن قوله (والقرآن) وجرت بينهما قصص مختلفة ، فلا نجد ذلك مستقيما فى العربيّة واللّه أعلم.

ويقال : إن قوله (وَ الْقُرْآنِ) يمين اعترض كلام دون موقع جوابها ، فصار جوابها جوابا للمعترض ولها ، فكأنه أراد : والقرآن ذى الذكر لكم أهلكنا ، فلمّا اعترض قوله : بل الذين كفروا فى عزّة وشقاق : صارت (كم) جوابا للعزّة ولليمين. ومثله قوله (وَ الشَّمْسِ «٢» وَضُحاها) اعترض دون الجواب قوله (وَ نَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها) فصارت (قَدْ أَفْلَحَ) تابعة لقوله (فَأَلْهَمَها) وكفى من جواب القسم ، وكأنه كان : والشمس وضحاها لقد أفلح.

(١) فى الآية ٦٤.

(٢) صدر سورة الشمس.

﴿ ١