ومن سورة عسققوله عز وجل : عسق «٢». ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول : حم سق ، ولا يجعل فيها عينا ، ويقول : السين كل فرقة تكون ، والقاف كل جماعة تكون. قال الفراء : [و] «٣» رأيتها فى بعض مصاحف (عبد اللّه) «حم سق» «٤» كما قال ابن عباس. (١) ما بين المعقوفتين ساقط فى ش. (٢) وهى قراءة الأعمش عن ابن مسعود (انظر المحتسب ٢/ ٢٤٩). (٣) الزيادة من ب ، ح ، ش. (٤) انظر الطبري ٢٥/ ٥. ٣وقوله : كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ (٣). (حم عسق) يقال : إنها أوحيت إلى كل نبى ، كما أوحيت إلى محمد صلى اللّه عليه. قال ابن عباس : وبها كان على بن أبى طالب يعلم الفتن. وقد قرأ بعضهم : «كذلك يوحى» ، لا يسمّى فاعله «٥» ، ثم ترفع «٦» اللّه العزيز الحكيم يرد الفعل إليه. كما قرأ أبو عبد الرحمن السّلمى «وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ» «٧» ثم قال : (شركاؤهم) «٨» أي زينه «٩» (٥) هى قراءة مجاهد وابن كثير وأبى عمرو (البحر المحيط ٧/ ٥٠٨) و(الاتحاف ٣٨٢). (٦) فى ح ، ش يرفع. (٧) سورة الأنعام آية ١٣٧. [.....] (٨) وهى قراءة الحسن البصري وآخرين ، وهكذا خرجه سيبويه (البحر المحيط ٤/ ٢٢٩). (٩) فى ب ، ح ، ش : زين. لهم شركاؤهم ومثله قول من قرأ : «يُسَبِّحُ لَهُ «١» فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ» «٢» ثم تقول «٣» : (رجال) فترفع «٤» يريد : يسبّح له رجال. (١) وهى قراءة ابن عامر والبحتري عن حفص ومحبوب عن أبى عمرو (البحر المحيط ٦/ ٤٥٨). (٢) سورة النور آية ٣٦. (٣) فى ب يقول. (٤) فى ب ، ش فيرفع. ٧وقوله : لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها (٧) وأمّ القرى : مكة ومن حولها من العرب «وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ». معناه : وتنذرهم يوم الجمع ، ومثله قوله : «إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ» «٥» معناه : يخوفكم أولياءه. (٥) سورة آل عمران آية ١٧٥. وقوله : فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧). رفع بالاستئناف كقولك : رأيت الناس شقى وسعيد ، ولو كان فريقا فى الجنة ، وفريقا فى السعير كان صوابا ، والرفع أجود فى العربية. ١١وقوله : جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً (١١). يقول : جعل لكل شىء من الأنعام زوجا ليكثروا ولتكثروا. وقوله «٦» : يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ (١١) معنى فيه : أي به ، واللّه أعلم. وقوله : فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ (١٥) ، أي فلهذا القرآن ومثله كثير فى القرآن «٧» ، قد ذكرناه ، هذا فى موضع ذلك ، وذلك فى موضع هذا ، والمعنى : فإلى ذلك فادع. كما تقول [١٦٧/ ب ] دعوت إلى فلان ، ودعوت لفلان. (٦) فى ب ، ح ، ش معنى قوله. (٧) قوله : ومثله كثير فى القرآن ، ساقط فى ح. ٢٣وقوله : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (٢٣). ذكر : أن الأنصار جمعت للنبى صلى اللّه عليه - نفقة يستعين بها على ما ينوبه فى أصحابه ، فأتوا بها النبي - صلى اللّه عليه - ، فقالوا : إن اللّه عز وجل قد هدانا بك ، وأنت ابن أختنا فاستعن بهذه النفقة على ما ينوبك ، فلم يقبلها ، وأنزل اللّه فى ذلك : قل لهم «١» لا أسألكم على الرسالة أجرا إلا المودة فى قرابتى بكم. وقال ابن عباس : «لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فى قرابتى من قريش. (١) سقط فى ح ، ش لفظ لهم. ٢٤وقوله : وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ (٢٤). ليس بمردود على «يختم» ، فيكون مجزوما «٢» ، هو مستأنف فى موضع رفع ، وإن لم تكن فيه واو فى الكتاب ، ومثله مما حذفت منه الواو «٣» وهو فى موضع رفع قوله : «وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ» «٤» وقوله : «سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ» «٥». (٢) فى ب ، ح ، ش جزما. (٣) سقط فى ح لفظ الواو. (٤) سورة الاسراء الآية ١١. (٥) سورة العلق الآية ١٨. [.....] ٢٥وقوله : وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥). ذكر العباد ، ثم قال : (ويعلم ما تفعلون) كأنه خاطبهم ، والعوام يقرءونها بالياء «٦». حدثنا الفراء «٧» قال : حدثنى قيس عن رجل قد سماه عن بكير بن الأخنس عن أبيه قال : قرأت من الليل : «و يعلم ما تفعلون» فلم أدر أأقول : يفعلون أم تفعلون؟ فغدوت إلى عبد اللّه بن مسعود لأسأله عن ذلك ، فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، رجل ألمّ بامرأة فى شبيبة ، ثم تفرقا وتابا ، أيحل له أن يتزوجها؟ قال ، فقال عبد اللّه رافعا صوته : «وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ، وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» (٢٥). قال الفراء : وكذلك قرأها علقمة «٨» بن قيس وإبراهيم ويحيى بن وثاب «٩» وذكر عن أبى عبد الرحمن السلمى : أنه قرأ كذلك بالتاء. (٦) قرأ حفص وحمزة والكسائي بالتاء ، ووافقهم الحسن والأعمش ، والباقون بالياء (الاتحاف ٣٨٣). (٧) زاد فى ح ، ش : حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال. (٨) هو علقمة بن قيس بن عبد اللّه بن مالك أبو شبل النخعي الفقيه الأكبر ، ولد فى حياة النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ، وأخذ القرآن عن ابن مسعود ، وسمع عن على وعمر وأبى الدرداء وعائشة ، وعرض عليه أبو اسحق السبيعي ، ويحيى ابن وثاب ، كان أشبه الناس بابن مسعود سمتا وهديا وعلما مات سنة اثنتين وستين (طبقات القراء ١/ ٥١٦). (٩) هو يحيى بن وثاب الأسدى مولاهم الكوفي تابعي ثقة كبير من العباد والأعلام ، روى عن ابن عمر وابن عباس ٢٦و قوله : وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا [وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ] «١» (٢٦). يكون الذين فى موضع نصب بمعنى : ويجيب اللّه الذين آمنوا ، وقد جاء فى التنزيل : «فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ» «٢» ، والمعنى ، واللّه أعلم : فأجابهم ربهم ، إلّا أنك إذا قلت : استجاب أدخلت اللام فى المفعول به ، وإذا قلت : أجاب حذفت اللام ، ويكون استجابهم بمعنى : استجاب لهم ، كما قال : «وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ» «٣» المعنى ، واللّه أعلم : وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم ، يخسرون ويكون الذين - فى موضع رفع يجعل الفعل لهم أي : الذين آمنوا يستجيبون للّه ويزيدهم اللّه على إجابتهم والتصديق من فضله. و حدث عنه عاصم ، وكان مقرىء أهل الكوفة فى زمانه مات سنة ثلاث ومائة (طبقات القراء ٢/ ٣٨٠). (١) زيادة فى ب ، ح. (٢) سورة آل عمران الآية ١٩٥. (٣) سورة المطففين الآية ٣. ٢٩وقوله : خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ [١٦٨/ ١] فِيهِما مِنْ دابَّةٍ (٢٩). أراد : وما بث فى الأرض دون السماء ، بذلك جاء فى التفسير ومثله مما ثنى ومعناه واحد قوله : «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ» «٤» وإنما يخرج من الملح دون العذاب. (٤) سورة الرحمن الآية ٢٢. ٣٤وقوله : وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) ويعلم الذين مردودة على الجزم إلا أنه صرف والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب كقول الشاعر : فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام و نمسك بعده بذناب عيش أجبّ الظهر ليس له سنام «٥» و الرفع جائز فى المنصوب على الصرف «٦». وقد قرأ بذلك قوم فرفعوا «٧» : «وَ يَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ» (٣٥) ومثله مما استؤنف فرفع (٥) الخزانة ٤/ ٩٥ ، والبيتان للنابغة الذبياني ، وقبلهما بيت يخاطب فيه عصاما حاجب النعمان بن المنذر ، و هو : ألم أقسم عليك لتخبرنى أمحمول على النعش الهمام (الديوان ، وابن عقيل ٣/ ١٠١). (٦) انظر كلاما فى الصرف على مذهب الكوفيين فى البحر المحيط ٧/ ٥٢١. (٧) هم نافع وابن عامر وأبو جعفر قرءوا برفع الميم على القطع والاستئناف بجملة فعلية ، والباقون بنصبها. (الإتحاف ٣٨١). قوله : «ثُمَّ «١» يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ» فى براءة ولو جزم ويعلم - جازم كان مصيبا (١) فى ب ، ش ويتوب ، وهو خطأ ، والآية فى سورة التوبة : ٢٧. ٣٧و قوله : وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كبير «٢» الإثم (٣٧). قرأه يحيى بن وثاب «كبير» «٣» : وفسر عن ابن عباس : أن كبير الإثم هو الشرك فهذا موافق لمن قرأ : كبير [الإثم ] «٤» بالتوحيد وقرأ العوام : «كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ». فيجعلون كبائر كأنه شىء عام ، وهو فى الأصل واحد ، وكأنى أستحبّ لمن قرأ : كبائر أن يخفض الفواحش لتكون الكبائر مضافة إلى مجموع إذ كانت جمعا قال : وما سمعت أحدا من القراء خفض الفواحش. (٢) فى ش كبائر. [.....] (٣) اختلف فى «كبير الإثم» هنا ، وفى النجم ، فحمزة والكسائي وخلف «كبير» بكسر الباء بلا ألف ولا همز بوزن قدير ، والباقون بفتح الباء ، وألف بعدها ثم همزة مكسورة فيما جمع كبيرة (الإتحاف ٣٨٤). (٤) زيادة من ب. ٣٩وقوله «٥» : وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩). نزلت خاصة فى أبى بكر الصديق (رحمه اللّه «٦») ، وذلك : أن رجلا من الأنصار وقع به عند رسول اللّه فسبّه ، فلم يردد عليه أبو بكر ولم ينه رسول اللّه صلى اللّه عليه الأنصاري فأقبل عليه أبو بكر فرد عليه ، فقام النبي - صلى اللّه عليه - كالمغضب واتبعه أبو بكر فقال : يا رسول اللّه ، ما صنعت بي أشدّ علىّ مما صنع بي : سبنى فلم تنهه ، ورددت عليه فقمت كالمغضب ، فقال النبي - صلى اللّه عليه - : كان الملك يرد عليه إذا سكتّ ، فلما رددت عليه رجع الملك ، فوثبت معه فنزلت هذه الآية. وفسرها شريك عن الأعمش عن إبراهيم فى قوله : «وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ» ، قالوا» : كانوا يكرهون أن بذلوا أنفسهم للفساق فيجترئوا عليهم. (٥) سقط فى ب ، ح ، ش. (٦) فى ب رحمة اللّه عليه. ٤١وقوله : وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ [١٦٨/ ب ] فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) نزلت أيضا فى أبى بكر. ٤٥وقوله : يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (٤٥). (٧) فى ب ، ش قال. قال بعضهم : يخفونه من الذل الذي بهم ، وقال بعضهم : نظروا إلى النار بقلوبهم ، ولم يروها بأعينهم لأنهم يحشرون عميا. ٤٨وقوله «١» : وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ (٤٨). وإنما ذكر قبلهم الإنسان مفردا ، والإنسان يكون واحدا ، وفى معنى جمع فردّ الهاء والميم على التأويل ، ومثل قوله : «وَ خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً «٢»» يراد به : كل الناس ، ولذلك جاز فيه الاستثناء وهو موحّد فى اللفظ كقول اللّه «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٣»» ، ومثله : «وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ «٤»» ثم قال : «لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ» وإنما ذكر ملكا لأنه فى تأويل جمع. (١) فى ا وقال (٢) النساء الآية ٢٨. (٣) العصر الآيتان ٢ ، ٣. (٤) النجم الآية ٢٦ ٤٩وقوله : يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً (٤٩). محضا لا ذكور فيهن ، ويهب لمن يشاء الذكور محضا لا إناث فيهم ، أو يزوجهم يقول : يجعل بعضهم بنين ، ويجعل بعضهم بنات ذلك التزويج فى هذا الموضع. والعرب تقول : له بنون شطرة «٥» إذا كان نصفهم ذكورا ، ونصفهم إناثا ، ومعنى هذا - واللّه أعلم - كمعنى ما فى كتاب اللّه. (٥) اللسان مادة شطر : ٥١وقوله : وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً (٥١). كما كان النبي صلى اللّه عليه يرى فى منامه ، ويلهمه ، أو من وراء حجاب ، كما كلّم موسى من وراء حجاب ، أو يرسل رسولا ملكا [من ملائكته «٦»] فيوحى بإذنه ، ويكلم النبي بما يشاء اللّه «٧» [وذلك «٨» فى قوله : «أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا» (٥١) الرفع والنصب أجود. قال الفراء : رفع نافع المدينىّ ، ونصبت العوام ] ومن رفع «يرسل» «٩» قال : «فيوحى» مجزومة الياء «١٠». (٦) سقط فى ش عبارة : من ملائكته. (٧) فى ش بما شاء. (٨) ما بين المعقوفتين ساقط فى ش. (٩) قرأ نافع وأهل المدينة : «أو يرسل رسولا فيوحى» بالرفع (البحر المحيط ٧/ ٥٢٧) والباقون بنصبهما (الاتحاف ٣٨٤) [.....] (١٠) فى ش مجذومة خطأ من الناسخ. ٥٢و قوله : ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً (٥٢). يعنى التنزيل ، وقال بعضهم : أراد القرآن والإيمان ، وجاز أن يقول «١» : جعلناه لاثنين لأن الفعل فى كثرة أسمائه يضبطه الفعل ، ألا ترى أنك تقول : إقبالك وإدبارك يغمنى ، وهما اثنان فهذا من ذلك. |
﴿ ٠ ﴾