ومن سورة المحرّم١قوله جلّ وعز. يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (١). «٤» نزلت فى ماريّة القبطية ، وكان النبي صلّى اللّه عليه يجعل لكل امرأة من نسائه يوما ، فلما كان يوم عائشة زارتها حفصة بنت عمر ، فخلا بيتها ، فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه إلى مارية القبطية ، وكانت «٥» مع النبي صلّى اللّه عليه فى منزل حفصة ، وجاءت حفصة إلى منزلها فإذا الستر مرخى ، وخرج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : أتكتمين علىّ؟ فقالت : نعم ، قال : فإنها علىّ حرام يعنى مارية ، وأخبرك : أن أباك وأبا بكر سيملكان من بعدي ، فأخبرت حفصة عائشة الخبر ، ونزل الوحى على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك ، فدعا حفصة فقال : ما حملك على ما فعلت؟ قالت له : ومن أخبرك أنى قلت ذلك لعائشة؟ قال : «نبأنى العليم الخبير» ثم طلق حفصة تطليقة ، واعتزل نساءه تسعة وعشرين يوما. ونزل عليه : «لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ» من نكاح مارية ، ثم قال : «قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ «٦» تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ» (٢) يعنى : كفارة أيمانكم ، فأعتق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رقبة ، وعاد إلى مارية. (٤) الأرجح أن (المحرم) تحريف المتحرم ، فهى سورة التحريم والمتحرم ، كما فى ح ، ش ، وبصائر ذوى التمييز : ١ : ٤٧١ ، وفى الإتقان (٢ : ٦٩) أنها تسمى أيضا : (لم تحرم). (٥) فى ح ش : فكانت. (٦) فى ش : اللّه تحلة ، سقط. قال [الفراء] «١» : حدثنى بهذا التفسير حبان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس ، ثم قال : «عرف بعضه» [يقول : عرف حفصة] «٢» بعض الحديث وترك بعضا ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمى «عرف» «٣» خفيفة «٤». [حدثنا محمد بن الجهم ] «٥» حدثنا الفراء قال : حدثنى محمد بن الفضل المروزي عن عطاء عن أبى عبد الرحمن السلمى «عرف» خفيفة. حدثنا «٦» الفراء ، وحدثنى شيخ من بنى أسد يعنى الكسائي عن نعيم عن «٧» أبى عمرو عن عطاء عن أبى عبد الرحمن قال : كان إذا قرأ عليه الرجل : «عرّف بعضه» بالتشديد حصبه بالحصباء «٨» ، وكأن الذين يقولون : عرف خفيفة يريدون : غضب من ذلك وجازى عليه ، كما تقول للرجل يسىء إليك : أما واللّه لأعرفن «٩» لك ذلك ، وقد لعمرى جازى حفصة بطلاقها ، وهو وجه حسن ، [وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ] «١٠» عرف بالتخفيف «١١» كأبى عبد الرحمن. (١) زيادة من ح ش. (٢) سقط فى ح ش. (٣) وهى أيضا قراءة الكسائي (الاتحاف ٤١٩) وعلى وطلحة بن مصرّف ، والحسن ، وقتادة ، والكلبي والأعمش عن أبى بكر (تفسير القرطبي : ١٨/ ١٨٧). (٤ و٧) سقط فى ش. (٥) زيادة من ب ، وفى ش : حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء : (٦) فى ب ش : قال. (٨) فى ا ، ش بالحصى. (٩) فى ش : لأعرفك تحريف. (١٠) فى ح ، ش كما يأتى : وقد ذكر أن الحسن البصري قرأ. (١١) فى ح ، ش : بالتخفيف عرف. ٤وقوله : إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ (٤). يعنى : عائشة وحفصة ، وذلك : أن عائشة قالت : يا رسول اللّه ، أما يوم غيرى فتتمه «١٢» ، وأما يومى فتفعل فيه ما فعلت؟ فنزل : إن تتوبا إلى اللّه من تعاونكما على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم «فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما» زاغت ومالت وإن تظاهرا عليه» تعاونا عليه ، قرأها عاصم والأعمش بالتخفيف ، (١٢) فى ب : فتتممه. [.....] و قرأها أهل الحجاز : «تظاهرا» بالتشديد «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ» : وليه عليكما «وَ جِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» مثل أبى بكر وعمر الذين ليس فيهم نفاق ، ثم قال : «وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ «١» ذلِكَ ظَهِيرٌ» بعد أولئك ، يريد أعوان ، ولم يقل : ظهراء ، ولو قال قائل «٢» : إن ظهيرا «٣» لجبريل ، ولصالح المؤمنين ، والملائكة «٤» - كان صوابا ، ولكنه حسن أن يجعل الظهير للملائكة خاصة ، لقوله : (والملائكة) بعد نصرة هؤلاء ظهير. وأما قوله : «وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» فإنه موحد فى مذهب الجميع «٥» ، كما تقول : لا يأتينى إلا سائس «٦» الحرب ، فمن كان ذا «٧» سياسة للحرب فقد أمر بالمجيء واحدا كان «٨» أو أكثر منه ، ومثله «٩» : «وَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» «١٠» ، هذا عامّ [٢٠١/ ب ] وليس بواحد ولا اثنين ، وكذلك قوله : «و اللّذان يأتيانها منكم فآذوهما «١١» ، وكذلك : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ» «١٢» ، و«إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً» «١٣» ، فى كثير من القرآن يؤدى معنى الواحد عن الجمع «١٤». وقرأ عاصم والأعمش : «أَنْ يُبْدِلَهُ» بالتخفيف ، وقرأ أهل الحجاز : «أَنْ يُبْدِلَهُ» [بالتشديد] «١٥» وكلّ صواب : أبدلت ، وبدّلت. (١) فى ش : والملائكة ذلك ، سقط (٢) فى ب : ولو قال إن سقط. (٣) فى ش : ظهير ، تحريف. (٤) فى ش : وصالح المؤمنين وللملائكة ، تحريف. (٥) فى ش : جمع. (٦) فى ش : السايس. (٧) فى ش : فرا خطأ. (٨) سقط فى (ا). (٩) فى ش : ومنه. (١٠) سورة المائدة الآية ٣٨. (١١) سورة النساء الآية : ١٦. (١٢) سورة العصر الآية : ٢. (١٣) سورة المعارج الآية : ١٩. (١٤) فى ش الجميع. [.....] (١٥) التكملة من ب بين السطرين. ٥وقوله : سائِحاتٍ (٥). هنّ الصائمات ، قال : ونرى أن الصائم إنما سمّى سائحا لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل حيث يجد ، فكأنه أخذ من ذلك «١٦» واللّه أعلم. (١٦) فى ب : ذاك. و العرب تقول للفرس إذا كان قائما على غير علف : صائم ، وذلك أن له قوتين [قوتا غدوة] «١» وقوتا عشية فشبه بتسحر الآدمي وإفطاره. (١) سقط فى ش. ٦وقوله : قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ (٦). علّموا أهليكم ما يدفعون به المعاصي ، علموهم ذلك. ٨وقوله : تَوْبَةً نَصُوحاً (٨). قرأها بفتح النون أهل المدينة والأعمش ، وذكر عن عاصم والحسن «نَصُوحاً» ، بضم النون ، وكأن الذين قالوا : «نَصُوحاً» أرادوا المصدر مثل : قعودا ، والذين قالوا : «نَصُوحاً» جعلوه «٢» من صفة التوبة ، ومعناها : يحدّث نفسه إذا تاب من ذلك الذنب ألّا يعود إليه أبدا. (٢) فى ش : جعلوا تحريف. وقوله : يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا (٨). لا يقوله كل من دخل الجنة ، إنما يقوله أدناهم منزلة وذلك : أن السابقين فيما ذكر يمرون كالبرق على الصراط ، وبعضهم كالريح ، وبعضهم كالفرس الجواد ، وبعضهم حبوا وزحفا ، فأولئك «٣» الذين يقولون : «رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا» حتّى ننجو. ولو قرأ قارئ : «وَ يُدْخِلَكُمْ «٤»» جزما لكان وجها لأن الجواب فى عسى فيضمر فى عسى - الفاء ، وينوى بالدخول أن يكون معطوفا على موقع الفاء ، ولم يقرأ به أحد «٥» ، ومثله : «فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ» «٦». ومثله قول الشاعر : فأبلونى بليتكم لعلى أصالحكم ، واستدرج نويّا «٧» فجزم [لأنه نوى الرد على لعلى ] «٨». (٣) فى ش : أولئك. (٤) قبلها : «تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ». (٥) قرأ به ابن أبى عبلة (تفسير القرطبي : ١٨/ ٢٠). (٦) المنافقون : ١٠ (٧) البيت لأبى دواد. أبلونى : أحسنوا صنيعكم إلى. والبلية : اسم منه. أستدرج : أرجع أدراجى. نوى : نواى ، والنوى : الوجه الذي يقصد. انظر الخصائص : ١/ ١٧٦. (٨) سقط فى ح ش. ١٠و قوله : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا (١٠). هذا مثل أريد به عائشة ، وحفصة فضرب لهما المثل ، فقال : لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط إيمان زوجيهما ، ولم يضر «١» زوجيهما نفاقهما ، فكذلك لا ينفعكما نبوّة النبي - صلى اللّه عليه - لو لم تؤمنا ، ولا يضره ذنوبكما ، ثم قال : «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ» فأمرهما أن تكونا «٢» : كآسية ، وكمريم ابنة عمران «٣» التي أحصنت فرجها. والفرج هاهنا : جيب درعها ، وذكر : أن جبريل - صلى اللّه عليه وسلم - نفخ فى جيبها ، وكل ما كان فى الدرع من خرق أو غيره يقع عليه اسم الفرج. قال اللّه تعالى : «وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ» «٤» يعنى السماء من فطور ولا صدوع. (١) فى ب ، ح ، ش : يضرر. (٢) كذا فى ش ، وفى غيرها يكونا ، تحريف. (٣) فى ش : بنت. (٤) سورة ق الآية ٦ ، وفى ش : وما لنا ، تحريف. [.....] |
﴿ ٠ ﴾