معاني القرآن الكريم

  ابو جعفر احمد بن محمد بن اسماعيل النحوي

 النحاس

(ت ٣٣٨ هـ ٩٥٠ م) 

_________________________________

قصد المؤلف في هذا الكتاب تفسير المعاني والغريب واحكام القرآن والناسخ والمنسوخ عن المتقدمين من الأئمه وذكر من قول الجله من العلماء باللغه واهل النظر ما حضره وبين من تصريف الكلمه واشتقاقها ان علم ذلك واتى من القراءات بما يحتاج الى تفسير معناه وما احتاج اليه المعنى من الاعراب وبما احتج به العلماء في مسائل سأل عنها المجادلون وبين ما فيه حذف او اختصار او اطاله لافهامه وما كان فيه تقديما أو تاخير وشرح ذلك حتى يتبينه المتعلم وينتفع به كما ينتفع العالم بتوفيق اللّه وتسديده .

بسم اللّه اللّه الرحمن الرحيم

 اخبرنا ابو جعفر احمد بن محمد بن اسماعيل النحوي المعروف بالنحاس قال الحمدللّه الذي من علينا بهدايته واستنقذنا من الضلاله بشريعته وأرشدنا الى سبيل النجاه بنبيه صلى اللّه عليه وسلم ووفقنا لنتهاج سبيله المرتضى وعلمنا ما لم نكن نعلم من كتابه الذي جعله فرقا بين الحق والباطل أذل به الجاحدين عند عجزهم عن الآتيان بسورة مثله وجعله الشفاء والحجة على خلقه بما بين فيه فقال جل وعز { بلسان عربي مبين } وقال { قرآنا عربيا غير ذي عوج } وقال { كتاب مصدق لسانا عربيا }

 فدل على ان معانيه إنما وردت من اللغة ألعربيه وقال صلى اللّه عليه وسلم أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه

 وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الذي يقراء القرآن ولا يحسن تفسيره كالأعرابي يهذ الشعر هذا  فقصدت في هذا الكتاب تفسير المعاني والغريب واحكام القرآن والناسخ والمنسوخ عن المتقدمين من الأئمه واذكر من قول الجله من العلماء باللغه واهل النظر ما حضرني وابين من تصريف الكلمه واشتقاقها ان علمت ذلك واتي من القراءات بما يحتاج الى تفسير معناه وما احتاج

اليه المعنى من الاعراب وبما احتج به العلماء في مسائل سأل عنها المجادلون وابين ما فيه حذف او اختصار او اطاله لافهامه وما كان فيه تقديما أو تاخير واشرح ذلك حتى يتبينه المتعلم وينتفع به كما ينتفع العالم بتوفيق اللّه وتسديده فأول ذلك

 

سورة الفاتحه

مكيه وآياتها سبع باتفاق

سورة الحمد وهي مكيه على قول ابن عباس  وقال مجاهد هي مدنيه

 اعلم ان لها اربعة اسماء هي سورة الحمد و فاتحة الكتاب و ام القرآن وهذا روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم من حديث عمر وعلي وابن عباس

 وروى ابن ابي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال فاتحة الكتاب هي السبع المثاني  والاسم الرابع انه يقال لها السبع من المثاني روى ذلك سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي رضي اللّه عنه

 وروى اسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريره ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ عليه ابي بن كعب فاتحة الكتاب فقال والذي نفسي بيده ما انزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها انها السبع من المثاني والقرآن العظيم الذي ا عطيته

 وقيل لها فاتحة الكتاب لانه يفتتح بها المصحف ويفتتح بها القرآن وتقرأ في كل ركعه

 وقيل لها ام القران لان ام الشيء ابتداؤه واصله فسميت بذلك لابتدائهم لها في اول القرآن فكانها اصل وابتداء ومكة ام القرى لان الارض دحيت من تحتها

 وقال الحجاج ما فيهم من الكتاب ام أي اصل من الكتاب

 وروى اسماعيل ابن جعفر عن العلاء عن ابيه عن ابي هريره عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه قرأ عليه ابي فاتحة الكتاب فقال والذي نفسي بيده ما انزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولافي الفرقان مثلها انها السبع من المثاني والقرآن العظيم الذي اعطيته

 وقيل لها السبع المثاني لانها سبع ايات تثنى في كل ركعه من ثنيته اذ رددته وفي هذا قول اخر غريب وله اسناد حسن قوي عن جعفر بن محمدالفاريابي عن مزاحم بن سعيد قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا ابن جريح قال اخبرني ابي ان سعيد بن جبير اخبره قال لابن عباس ما المثاني قال هي ام القرآن استثناها اللّه تعالى لامة محمد صلى اللّه عليه وسلم في ام الكتاب فادخرها لامة محمد صلى اللّه عليه وسلم حتى اخرجها لهم ولم يعطيها احدا قبل امة محمد صلى اللّه عليه وسلم

 وقيل ان من قال السبع المثاني ذهب الى من زائده للتوكيد واجود من هذا القول ان يكون المعنى انها السبع من القرأن الذي هو مثان ومما قصدنا له قوله عز وجل  

١

{ بسم اللّه الرحمن الرحيم }

 قال اكثر البصرين المعنى اول ما افتتح ب بسم اللّه واول كلامي بسم اللّه قال سيبويه معنى الباء الالصاق

 قال الفراء موضع الباء نصب والمعنى بدأت باسم اللّه وابدأ باسم اللّه  وفي اشتقاق اسم قولان 

أحدهما  من السمو وهو العلو والارتفاع فقيل اسم لان صاحبه بمنزلة المرتفع به

 وقيل وهو من وسمت فقيل اسم لانه لصاحبه بمنزلة السمه أي يعرف به

 والقول الثاني خطأ لان الساقط منه لامه فصح انه من سما يسمو

 قال احمد ابن يحى يقال سم وسم ويقال اسم بكسر الالف ويقال بضمها فمن ضم الالف اخذه من سموت اسمو ومن كسر اخذه من سميت اسمي

 قال الكسائي والفراء معنى بسم اللّه باسم الاله وتركوا الهمزه وادغموا اللام الاولى في الثانيه فصارت لاما مشدده كما قال جل عز وجل { لكن هو اللّه ربي } ومعناه لكن انا هو اللّه ربي كذلك قرأها الحسن  ولسيبويه في هذا قولان  

أحدهما  ان الاصل اله ثم جيء بالالف واللام عوضا من الهمزه وكذلك الناس عنده الاصل فيه اناس

والقول الاخر هو ايضا قول اصحابه ان الاصل اله ثم دخلت عليه الالف واللام وانشدو

  لاه ابن عمك لا فضلت في حسب  عني ولا انت دياني فتخزوني 

ويسأل عن التكرير في قواه عز وجل { الرحمن الرحيم }

 فروي عن ابن عباس انه قال { الرحمن الرحيم } اسمان رقيقان

أحدهما  ارق من الاخر فالرحمن الرقيق والرحيم العاطف على خلقه بالرزق

 قال محمد بن كعب القرظي الرحمن بخلقه الرحيم بعباده فيما ابتداهم به من كرامته وحجته

 وقال عطاء الخرساني كان الرحمن فلما اختزل الرحمن من اسمائه صار الرحمن الرحيم

 وقال العرزمي الرحمن بجميع الخلق الرحيم بالمؤمنين

 وقال ابو عبيده هما من الرحمه كقولهم ندمان ونديم

 وقال قطرب يجوز ان يكون جمع بينهما للتوكيد وهذا قول حسن وفي التوكيد اعظم الفائده وهو كثير في كلام العرب يستغني عن الاستشهاد

 والفائده في ذلك ما قاله محمد بن يزيد انه تفضل بعد تفضل وانعام بعد انعام وتقوية لمطامع الداعين ووعد لايخيب آمله

 وقول العرزمي ايضا حسن لان فعلان فيه معنى المبالغه فكانه واللّه اعلم الرحمن بجميع خلقه ولهذا لم يقع الا للّه تعالى لان معناه الذي وسعت رحمته كل شيء ولهذا قدم قبل الرحيم

 وصار الرحيم اولى من الراحم لان الرحيم ألزام في المدح لانه يدل على ان الرحمه لازمه له غير مفارقة والراحم يقع لمن رحم مرة واحده

 وقال احمد ابن يحيى الرحيم عربي والرحمن عبراني فلهذا جمع بينهما  وهذا القول مرغوب عنه

 وروى مطرعن قتاده في قوله { بسم اللّه الرحمن الرحيم } قال مدح نفسه وهذا قول حسن

 قال ابو العباس النعت قد يقع للمدح كما تقول قال جرير الشاعر

﴿ ١