٢

وقوله تعالى { الحمد للّه } الفرق بين الحمد والشكر ان

الحمد اعمم لانه يقع على الثناء وعلى التحميد وعلى الشكر والجزاء

 والشكر مخصوص بما يكون مكافأه لمن اولاك معروفا خصار الحمد اثبت في الايه لانه يزيد على الشكر

 ويقال الحمد خبر وسبيل الخبر ان يفيد فما الفائده في هذا

 والجواب عن هذا ان سيبويه قال اذا قال الرجل الحمد للّه بالرفع ففيه من المعنى مثل ما في قوله حمدت اللّه حمدا الا ان الذي يرفع الحمد يخبر ان الحمد منه ومن جميع الخلق للّه تعالى والذي ينصب الحمد يخبر ان الحمد منه وحده للّه تعالى

 قال ابن كيسان وهذا كلام حسن جدا لان قولك الحمد للّه مخرجه في الاعراب مخرج قولك المال لزيد ومعناه انك أخبرت به وأنت تعتمد ان تكون حامدا لا مخبرا بشيء ففي أخبار المخبر بهذا إقرار منه بان اللّه تعالى مستجوبه على خلقه فهو احمد من يحمده اذا اقر بان الحمد له فقد آل المعنى المرفوع الى مثل المعنى المنصوب وزاد عليها بان جعل الحمد الذي يكون عن فعله وفعل غيره للّه تعالى

 وقال غير سيبويه إنما يتكلم بهذا تعرضا لعفو اللّه تعالى ومغفرته وتعظيما له وتمجيدا فهو خلاف معنى الخبر وفيه معنى السؤال

 وفي الحديث من شغل بذكري عن مسألتي اعطيته افضل ما أعطى السائلين

 وقيل ان مدحة نفسه جل وعز وثناءه عليه ليعلم ذلك عباده فالمعنى على هذا قولوا الحمد للّه  وإنما عيب مدح الآدمي نفسه لانه ناقص وان قال انا جواد فثم بخل وان قال انا شجاع فثم جبن واللّه تعالى منزه من ذلك فان الآدمي إنما يدح نفسه ليجتلب منفعة ويدفع مضره واللّه تعالى غني عن هذا

 وقوله جل وعز { رب العالمين }

 قال أهل اللغة الرب المالك وانشدو

 وهو الرب والشهيد على يو  م الحيارين والبلاء بلاء

 واصل هذا انه يقال ربه يربه ربا وهو راب ورب اذا قام بصلاحه

 ويقال على التكثير رباه ورببه وربته

 وروى الربع عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { رب العالمين } قال الجن والأنس

 وروى الربيع ابن انس عن ابي العاليه قال الجن عالم والانسان عالم وسوى ذلك للارض أربع زوايا في كل زاوية ألف وخمس مائة عالم خلقهم اللّه لعبادته

 وقال ابو عبيده { رب العالمين } أي المخلوقين

 وانشد العجاج فخندق هامة هذا العالم

 والقول الأول اجل هذه الأقوال واعرفها في اللغة لان هذا الجمع إنما هو جمع ما يعقل خاصة  وعالم مشتق من العلامة

 وقال الخليل العلم والعلامة والمعلم ما دل على شيء فالعالم دال على ان له خالقا مدبرا

﴿ ٢