٢١٩

 وقوله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس }

 روى علي بن ابي طلحة عن ابن عباس { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس

 ثم انزل { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } فكانوا يدعونها فإذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون حتى يذهب عنهم السكر فإذا صلوا الغداة شربوها فما يأتي الظهر حتى يذهب عنهم الس

 ثم ان ناسا شربوها فقاتل بعضهم بعضا وتكلموا بما لا يرضي اللّه فأنزل اللّه تعالى { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه }

 فحرم اللّه الخمر ونهى عنها وأمر باجتنابها كما أمر باجتناب الأوثان

 وروى ابو توبة عن ابن عمر أنزلت إنما الخمر إلى قوله فهل انتم منتهون فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حرمت

 وقال عمرو بن شرحبيل فقال عمر انتهينا فأنها تذهب المال والعقل

 وأهل التفسير يذهبون الى ان المحرم لها هذا

 وقال بعض الفقهاء المحرم لها آيتان

 احداهما { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم }

 قال ابو اسحق الخمر هذه المجمع عليها وقياس كل ما تحمل عملها ان يقال له خمر وان يكون بمنزلتها في التحريم لان

إجماع العلماء ان القمار كله حرام وإنما ذكر الميسر من بينه فجعل كله قياسا على الميسر والميسر إنما يكون قمارا في الجزر خاصة وكذلك كل ما كان كالخمر فهو بمنزلتها

 وتأويل الخمر في اللغة انه ما ستر على العقل يقال لكل ما ستر الإنسان من شجر وغيره خمر وما ستر من شجر خاصة الضرا مقصور

 ودخل في خمار الناس أي الكثير الذي يستتر فيه

 وخمار المرأة قناعها لانه يغطي الرأس والخمرة التي سجد عليها لانها تستر الوجه عن الارض وكل مسكر خمر لانه يخالط العقل ويغطيه وفلان مخمور من كل مسكر

 قال سعيد بن جبير ومجاهد الميسر القمار كله

 فأما الإثم الذي في الخمر فالعداوة والبغضاء وتحول بين الإنسان وبين عقله الذي يميز به ويعرف به ما يجب لخالقه

 والقمار يورث العداوة لان مال الإنسان يصير الى غيره بغير جزاء يأخذه عليه

 والمنافع لذة الخمر والربح فيها ومصير الشيء الى الإنسان في القمار بغير كد

 وقال الضحاك منافعهما قبل التحريم وأثمهما بعد التحريم

 وقوله تعالى { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو }

 قال طاووس اليسير من كل شيء

 وقال خالد بن ابي عمران سالت القاسم وسالما فقالا فضل المال ما يصدق به عن ظهر غنى

 وقال قتادة هو الفضل

 قال ابو جعفر وهذه الأقوال ترجع الى شيء واحد لان العفو في اللغة ما سهل

 يقال خذ ما عفا لك صلى اللّه عليه وسلم أي ما سهل لك وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم افضل الصدقة ما تصدق به عن ظهر غنى

 فعلى هذا تأويل قول القاسم وسالم وفي المعنى قول آخر

 قال مجاهد هي الصدقة المفروضة والظاهر يدل على

القول الأول

 ثم قال تعالى { كذلك يبين اللّه لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا

والآخرة }

 قال ابو جعفر حدثنا احمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قول اللّه تعالى { لعلكم تتفكرون في الدنيا

والآخرة }

 قال يقول لعلكم تتفكرون في الدنيا

والآخرة فتعرفون فضل الآخرة على الدنيا

 قال ابو جعفر والتقدير على قول قتادة لعلكم تتفكرون في أمر الدنيا

والآخرة

 وقيل هو على التقديم أي كذلك يبين اللّه لكم الآيات في أمر الدنيا

والآخرة لعلكم تتفكرو

﴿ ٢١٩