٧٩

   وقوله جل وعز { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر }

 أهل اللغة جميعا لا نعلم بينهم اختلافا يقولون المسكين الذي لا شيء له والفقير الذي له الشيء اليسير وأكثر الفقهاء على ضد هذا فيهما ويحتجون بهذه الآية قال أبو جعفر قيل وليس قوله { فكانت لمساكين يعملون في البحر }

يدل على أنهم كانوا يملكونها ألا ترى أن النبي ( صلع ) قال من باع عبدا له مال فماله للبائع

 فليس قوله له مال مما يوجب أنه يملكه وهذا كثير جدا منه قول اللّه جل وعز { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت }

 ومنه قولهم باب الدار وجل الدابة والأشياء تضاف الى الأشياء ولا يوجب ذلك ملكا فأضيفت إليهم لأنهم كانوا يعملون فيها كما أضيف المال الى العبد لأنه معه

 والاشتقاق يوجب ما قال أهل اللغة لأن مسكينا مأخوذ من السكون وهو عدم الحركة فكأنه بمنزلة الميت

 والفقير كأنه الذي كسر فقاره فقد بقيت له بقية

ويدل على هذا أيضا حديث النبي ( صلع ) حدثنا أحمد بن منصور الحاسب قال حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا حماد ابن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريره يقول سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكله والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ويسأل الناس إلحافا

   وقوله جل وعز { وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا } روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ{ وكان أمامهم ملك } قال أبو جعفر في وراء ها هنا قولان

أحدهما  أنه بمعنى أمام

والآخر أنه بمعنى خلف على بابه كأنه قال على

طريقهم إذا رجعوا

 والقول الأول أحسن لقراءة ابن عباس رحمه اللّه به وأن اللغة تجيزه لأن ما توارى عنك فهو وراء فهذا يقع لما كان أما

 ثم قال { يأخذ كل سفينة غصبا } وقرأ عثمان رحمه اللّه{ كل سفينه صالحة غصبا }

﴿ ٧٩