سورة المؤمنون

مكية وآياتها    آية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة المؤمنون وهي مكية

١

من ذلك قول اللّه جل وعز { قد أفلح المؤمنون } آية   أي قد نالوا الفلاح وهو دوام البقاء في الجنة

٢

 ثم قال جل وعز { الذين هم في صلاتهم خاشعون } آية 

 قال إبراهيم وقتادة الخشوع في القلب قال إبراهيم وهو السكون

 وقال قتادة وهو الخوف وغض البصر في الصلاة

 قال مجاهد هو السكون

 والخشوع عند بعض أهل اللغة في القلب والبصر كأنه تفريغ القلب للصلاة والتواضع باللسان والفعل

 قال أبو جعفر وقول مجاهد وإبراهيم في هذا حسن وإذا سكن الإنسان تذلل ولم يطمح ببصره ولم يحرك يديه فأما وضع البصر موضع السجود فتحديد شديد

 وقد روى عن علي عليه السلام الخشوع ان لا يلتفت في الصلاة

 وحقيقته المنكسر قلبه إجلالا للّه ورهبة منه ليؤدي ما يجب عليه

٣

 ثم قال جل وعز { والذين هم عن اللغو معرضون } آية 

 قال الحسن عن المعاصي

 قال أبو جعفر واللغو عند أهل اللغة ما يجب أن يلغى

أي يطرح ويترك من اللعب والهزل والمعاصي

 أي شغلهم الجد عن هذا

٤

 ثم قال جل وعز { والذين هم للزكاة فاعلون } آية  أي مؤدون

 ومدح اللّه جل وعز من أخرج من ماله الزكاة وإن لم يخرج منها غيرها

٥

 ثم قال جل وعز { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } آية  

 قال الفراء أي إلا من اللاتي أحل اللّه جل وعز لهم الأربع لا تجاوزه

 { أو ما ملكت أيمانهم } في موضع خفض معطوفه على

أزواجهم وما مصدر أي ينكحون ما شاءوا من الأماء حفظوا فروجهم إلا من هذين

٧

 ثم قال جل وعز { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } آية 

 أي فمن طلب سوى أربع نسوة وما ملكت يمينه { فأولئك هم العادون } أي الجائرون إلى ما لا يحل الذين قد تعدوا

٨

 ثم قال جل وعز { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } آية 

 أي حافظون

 يقال رعيت الشيء أي قمت بصلاحه ومنه فلان يرعى ما بينه وبين فلان

٩

 ثم قال تعالى { والذين هم على صلواتهم يحافظون } آية

 قال مسروق أي يصلونها لوقتها

 وليس من جهة الترك لأن الترك كفر

١٠

 ثم قال جل وعز { أولئك هم الوارثون } آية   

 يقال إنما الوارث من ورث ما كان لغيره فكيف يقال لمن دخل الجنة وارث

 ففي هذا أجوبة

 يستغنى عن ذكرها بما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

 روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى { أولئك هم الوارثون } قال ليس من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإن هو أدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله تعالى { أولئك هم الوارثون }

١١

  ثم قال جل وعز { الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } آية    

 في حديث سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعا والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها

 ثم قال { هم فيها خالدون } فأنث على معنى الجنة

١٢

  ثم قال جل وعز { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } آية   

 قال قتادة استل آدم صلى اللّه عليه وسلم من طين وقال غيره إنما قيل لآدم سلالة لأنه سل من كل تربة

 ويقال للولد سلالة أبيه

 وهو فعالة من انسل وفعالة تاتي للقليل من الشيء

نحو القلامة والنخالة

 وقد قيل إن السلالة إنما هي نطفة آدم صلى اللّه عليه وسلم كذا قال مجاهد

 وهو أصح ما قيل فيه ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم وآدم هو الطين لأنه خلق منه

   ويد لعلى ذلك قوله عز وجل

١٣

{ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين } آية   

 ولم يصر في قرار مكين إلا بعد خلقه في صلب الفحل

 وقوله تعالى

 ثم جعلناه نطفة في قرار مكين } يراد ولده

١٤

{ ثم خلقنا النطفة علقة } وهي واحدة العلق وهو الدم قبل أن ييبس

 { فخلقنا العلقة مضغة } المضغة القطعة الصغيرة من اللحم مقدار ما يمضغ كما يقال غرفة لمقدار ما يغرف وحسوة لمقدار ما يحسى

  ثم قال جل وعز { فخلقنا المضغة عظاما } آية   

 ويقرأ عظما وهو واحد يدل على جمع لأنه قد علم أن للإنسان عظاما

 { فكسونا العظام لحما } ويجوز العظم على ذلك

  وقوله جل وعز

 ثم أنشأناه خلقا آخر } آية   

 روى عطاء عن ابن عباس والربيع بن أنس عن أبي العالية وسعيد عن قتادة عن الحسن وعلي بن الحكم عن الضحاك في قوله

 ثم أنشأناه خلقا آخر } قالوا نفخ فيه الروح

 وروى هشيم عن منصور عن الحسن

 ثم أنشأناه خلقا آخر }

قال ذكرا وأنثى

 وروي عن الضحاك قال الأسنان وخروج الشعر

 قال أبو جعفر واولى ما قيل فيه أنه نفخ الروح فيه لأنه يتحول عن تلك المعاني إلى أن يصير إنسانا

 والهاء في { أنشأناه } تعود على الإنسان أو على ذكر العظام والمضغة والنطفة أي أنشأنا ذ

 وقوله

١٥

{ ثم إنكم بعد ذلك لميتون }

 ونقول في هذا المعنى لمائتون

١٧

  وقوله جل وعز { ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق } آية   

 قال أبو عبيدة أي سبع سموات

 وحكى غيره أنه يقال طارقت الشيء أي جعلت بعضه فوق بعض فقيل للسموات طرائق لأن بعضها فوق بعض

١٨

  وقوله جل وعز { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض } آية   

 معنى { فأسكناه في الأرض } جعلناه فيها ثابتا

 كما روي أربعة أنهار من الجنة في الدنيا الفرات ودجلة وسيحان وجيحان

 قرىء على أبي يعقوب إسحق بن إبراهيم بن يونس عن جامع بن سوادة قال حدثنا سعيد بن سابق قال حدثنا مسلمة بن علي عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنزل اللّه جل وعز من الجنة خمسة أنهار سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما

نهرا الفرات والنيل وهو نهر مصر أنزلهما اللّه جل وعز من غير واحدة من عيون الجنة في أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل صلى اللّه عليه وسلم فاستودعها الجبال واجراها في الأرض وجعل فيها منافع للناس من أصناف معايشهم وذلك قوله جل وعز { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض } فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل اللّه جل وعز جبريل عليه السلام فرفع من الأرض القرآن والعلم وهذه الأنهار الخمسة فيرفع ذلك إلى السماء وذلك قوله تعالى { وإنا على ذهاب به لقادرون } فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض إلى السماء فقد أهلها خير الدين والدنيا

والآخرة

٢٠

  وقوله جل وعز { وشجرة تخرج من طور سيناء } آية 

 المعنى وأنشأنا شجرة

 قال أبو عبيدة الطور الجبل وسيناء اسم

 وقال الضحاك سيناء الحسن

 قال أبو جعفر والمعروف أن سينا اسم الموضع

  ثم قال جل وعز { تنبت بالدهن } آية 

 ويقرأ تنبت بالدهن

 وفيه ثلاثة أقوال

 أحدها أن الباء زائدة وهذا مذهب أبي عبيدة كما قال الشاعر

  هن الحرائر لا ربات أحمرة  سوء المحاجر لا يقرأن بالسور

 وقيل الباء متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل فقيل نبت وأنبت بمعنى كما قال الشاعر

  رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم  قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل 

 وهذا القول مذهب الفراء وأبي إسحاق ومعنى { تنبت بالدهن } و { تنبت بالدهن } عندهما واحد

 والمعنى تنبت ومعها الدهن كما تقول جاء فلان بالسيف أي ومعه السيف

  ثم قال جل وعز { وصبغ للآكلين } آية 

 وصبغ وصباغ بمعنى واحد

 قال قتادة يعني الزيتون

٢٥

 وقوله جل وعز { إن هو إلا رجل به جنة } آية  جنة أي جنون

 { فتربصوا به حتى حين } قال الفراء ليس يراد بالحين وقت بعينه انما هو كما تقول دعه إلى يوم ما

٢٩

  وقوله جل وعز { وقل رب أنزلني منزلا مباركا } آية 

 منزل وإنزال واحد والمنزل موضع النزول والمنزل بمعنى النزول كما تقول جلس مجلسا والمجلس الموضع الذي يجلس فيه

  وقوله جل وعز { وأترفناهم في الحياة الدنيا } آية

 معناه وسعنا عليهم حتى صاروا يؤتون بالترفه وهي مثل التحفة

٣٥

  وقوله جل وعز { أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون } آية 

 قال سيبويه وهما جاء مبدلا من هذا الباب قوله تعالى { أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون }

 يذهب إلى أن أن الثانية مبدلة من الأولى وأن المعنى عنده أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم

 قال سيبويه وكذلك أريد بها وجئ ب أن الأولى لتدل على وقت الإخراج

 والفراء والجرمي وابو العباس يذهبون إلى أن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام كان تكريرها حسنا

 والأخفش يذهب إلى أن الثانية في موضع رفع بفعل مضمر دل عليه إذا والمعنى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما يحدث إخراجكم كما تقول اليوم القتال والمعنى عنده اليوم يحدث القتال ويقع القتال

 قال الفراء وفي قراءة ابن مسعود{ أيعدكم إذا متم وكنتم تراباوعظاما إنكم مخرجون }

 قال أبو إسحاق ويجوز أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون لأن معنى أيعدكم أيقول لكم

٣٦

  وقوله جل وعز { هيهات هيهات لما توعدون } آية 

 قال قتادة أي للبعث

 قال أبو جعفر العرب تقول هيهات هيهات لما قلت وهيهات ما قلت

 فمن قال هيهات لما قلت فتقديره البعد لما قلت ومن قال هيهات ما قلت فتقديره البعيد ما قلت

 وفي هيهات لغات ليس هذا موضع ذكرها

٣٧

  ثم قال جل وعز { إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا } آية 

 يقال كيف قالوا { نموت ونحيا } وهم لا يقرون بالبعث

 ففي هذا أجوبة

 أ منها في الآية تقديم وتاخير والمعنى ما هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت كما قال تعالى { واسجدي واركعي }

 ب ومنها أن المعنى نموت ويحيا أولادنا

 ج وجواب ثالث وهو ان يكون المعنى نكون مواتا أي نط

 ثم نحيا في الدنيا

٤٠

  وقوله جل وعز { قال عما قليل ليصبحن نادمين } آية 

 والمعنى عن قليل وما زائدة للتوكيد

  وقوله جل وعز { فجعلناهم غثاء } آية   

 والمعنى فأهلكناهم وفرقناهم

 والغثاء ما علا الماء من ورق الشجر والقمش لأنه يتفرق ولا ينتفع به

  وقوله جل وعز

٤٤

{ ثم أرسلنا رسلنا تترا } آية 

 قال أبو عبيدة أي بعضها في إثر بعض

 قال أبو جعفر وهذا قول أكثر أهل اللغة إلا الأصمعي فإنه قال { تترا } من واترت عليه الكتب أي بينها مهلة

 وتترى الأصل فيه من الوتر وهو الفرد فمن قال { تترا } بالتنوين فالأصل عنده وت

 ثم أبدل من الواو تاء كما يقال تاللّه بمعنى واللّه

 ومن قرأ{ تترى } بلا تنوين فالمعنى عنده كهذا إلا أنه جعلها ألف تأنيث

 ويقال تتر كما يقال وتر

 والمعنى أرسلناهم فردا فردا إلا أنه قد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس

 ثم أرسلنا رسلنا تترا } قال يقول يتبع بعضها بعضا

  وقوله جل وعز { وجعلناهم أحاديث } آية

 قال أبو عبيدة أي مثلنا بهم ولا يقال في الخير جعلته حديثا

٥٠

  وقوله جل وعز { وجعلنا ابن مريم وأمه آية } آية 

 قال قتادة ولدته من غير أب

 قال أبو جعفر ولم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة

 ويجوز أن يكون مثل قوله تعالى { واللّه ورسوله أحق أن يرضوه }

  وقوله تعالى { وآويناهما إلى ربوة } آية

 روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في قوله جل وعز { وآويناهما إلى ربوة } قال نبئت أنها دمشق

 قال أبو جعفر وكذا المعروف من قراءة ابن عباس { إلى ربوة } ويقال ربوة بفتح الراء ويقال رباوة بفتح الراء والألف وقرأ بها الأشهب العقيلي ويقال رباوة بالألف وضم الراء ويقال رباوة بكسر الراء ومعناه المرتفع من كل شيء

 ومعنى الربوة ما ارتفع من الأرض يقال ربا إذا ارتفع وزاد ومنه الربا في البيع

 وقد اختلف في معنى هذا الحرف

 فقال ابن عباس ما ذكرناه

 وكذلك روى يحيي بن سعيد عن سعيد بن بن المسيب

 { وآويناهما إلى ربوة } قال دمشق

 وروى معمر عن قتادة قال بيت المقدس

 وقال كعب الأحبار بيت المقدس أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلا

 وقال وهب بن منبه مصر

 وروى سالم الأفطس عن سعيد بن جبير { وآويناهما إلى ربوة } قال النشز من الأرض

 وقال الضحاك ما ارتفع من الأرض

 وقد روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أن الربوة ههنا الرملة

 فاما ابن زيد فقال إلى ربوة من ربى مصر قال وليس الربى إلا بمصر والماء حين يرسل تكون الربى عليها القرى ولولا

الربى غرقت تلك القرى

 قال أبو جعفر والصواب أن يقال إنها مكان مرتفع ذو استواء وماء ظاهر

  ثم قال تعالى { ذات قرار ومعين } آية 

 قال قتادة ذات ماء وثمار

 وروى سالم عن سعيد بن جبير { ذات قرار } مستوية { معين } ماء ظاهر

 وروى علي بن الحكم عن الضحاك { ومعين } قال الماء الجاري

 قال أبو جعفر معنى { ذات قرار } في اللغة يستقر فيها والذي قال سعيد بن جبير حسن

 { ومعين } فيه ثلاث تقديرات

 إحداهن أن يكون مفعولا

 قال أبو إسحاق هو الماء الجاري في العيون

 فالميم على هذا زائدة كزيادتها في مبيع

 وكذلك الميم زائدة في قول من قال إنه الماء الذي يرى بالعين

  وقيل إنه فعيل بمعنى مفعول

 قال علي بن سليمان يقال معن الماء إذا جرى وكثر فهو معين وممعون قال وأنشدني محمد بن يزيد بيتا لم يحفظ منه إلا قوله وماء ممعون

 قال ويقول معين ومعن كما يقال رغيف ورغف

  والقول الثالث حدثناه محمد بن الوليد عن أحمد بن يحيي عن ابن الأعرابي قال معن الماء يمعن معونا جرى وسهل وأمعن أيضا وأمعنته أنا ومياه معنان

٥١

  وقوله جل وعز { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } آية   

 قال أبو إسحق هذا مخاطبة للنبي صلى اللّه عليه وسلم ودل الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا أي كلوا من الحلال

٥٢

  وقوله جل وعز { وإن هذه أمتكم أمة واحدة } آية 

 المعنى ولأن أي ولأن دينكم دين واحد وهو الإسلام فاتقون

٥٣

  ثم خبر أن قوما فرقوا أديانهم فقال جل وعز { فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا } آية 

 قال قتادة أي كتبا

 قال الفراء أي صاروا يهود ونصارى

 وقرأ الأعمش { فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا } وهو جمع زبرة أي قطعا وفرقا

  ثم قال جل وعز { كل حزب بما لديهم فرحون } آية  أي معجبون

٥٤

  ثم قال تعالى { فذرهم في غمرتهم حتى حين } آية

 قال قتادة { في غمرتهم } أي في جهالتهم

 { حتى حين } قال مجاهد حتى الموت

٥٥

  ثم قال تعالى { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات } آية  

 الخبر محذوف والمعنى نسارع لهم به وهذا قول أبي إسحق

 ولهشام الضرير فيه قول وهو أن ما هي الخيرات فصار المعنى نسارع لهم فيه بغير حذف { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين } مجازاة لهم وخير

 وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة{ يسارع لهم في الخيرات }

بالياء وكسر الراء  وهذا يجوز أن يكون على غير حذف أي يسارع لهم الأمداد

 ويجوز أن يكون فيه حذف ويكون المعنى يسارع اللّه لهم به في الخيرات

٥٦

  وقوله جل وعز { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون } إلى قوله جل وعز { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } آية  

٦٠

 قال عبد الرحمن بن سعيد الهمذاني عن عائشة رضي اللّه عنها قالت سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } أهو الرجل يزني أو يسرق أو يشرب الخمر فقال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي

ويصوم ويتصدق ويخاف ألا يتقبل منه

 وروى ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله جل وعز { والذين يؤتون ما آتوا } قال يعطون ما أعطوا

 قال أبو جعفر هكذا روي هذا وهكذا معنى { يؤتون } يعطون ولكن المعروف من قراءة ابن عباس{ والذين يأتون ما أتوا } وهي القراءة المروية عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعن عائشة

 ومعناها يعملون ما عملوا كما روي في الحديث

  وقوله جل وعز { أنهم إلى ربهم راجعون } آية

 قال الفراء المعنى من أنهم

 وقال أبو حاتم المعنى لأنهم إلى ربهم راجعون

٦١

  ثم قال تعالى { أولئك يسارعون في الخيرات } آية   

 قال أبو جعفر سارع وأسرع بمعنىواحد

  ثم قال جل وعز { وهم لها سابقون } آية   

 فيه ثلاثة أقوال

   المعنى وهم إليها سابقون كما قال { بأن ربك أوحى لها } أي أوحى إليها وأنشد سيبويه

 تجانف عن جو اليمامة ناقتي

  وما قصدت من أهلها لسوائكا 

  وقيل معنى { وهم لها } من أجلها أي من أجل

اكتسابها كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك

  وقيل لما قال { وهم لها سابقون } دل على السبق كأنه قال سبقهم لها

٦٣

  وقوله جل وعز { بل قلوبهم في غمرة من هذا } آية 

 أي في غفلة وغطاء متحيرة

 ويقال غمره الماء إذا غطاه ونهر غمر يغطي من دخله ورجل غمر تغمره آراء الناس

 وقيل غمرة لأنها تغطي الوجه ومنه دخل في غمار الناس في قول من قاله معناه فيما يغطيه من الجمع

 وقوله { من هذا } فيه قولان

   أحدهما  أن مجاهد قال بل قلوبهم في عماية من القرآن فعلى قول مجاهد { هذا } إشارة إلى القرآن

 وقال قتادة وصف أهل البر فقال { الذين هم من خشية ربهم مشفقون } والذين والذين

 ثم وصف أهل الكفر فقال { بل قلوبهم في غمرة من هذا } فالمعنى على قول قتادة من هذا البر

  ثم قال تعالى { ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون } آية 

 فيه قولان

 أحدهما  أن الحسن قال ولهم أعمال ردية لم يعملوها وسيعملونها

 قال مجاهد أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها

 ب وقال قتادة رجع إلى أهل البر فقال { ولهم أعمال من دون ذلك } قال أي سوى ما عدد

٦٤

  وقوله جل وعز { حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون } آية 

 قال قتادة أي يجزعون

 وحكى أهل اللغة جأر يجأر إذا رفع صوته

 قال مجاهد والضحاك العذاب الذي أخذوا به السيف

 قال مجاهد يوم بدر

٦٦

  وقوله جل وعز { قد كانت آياتي تتلى عليكم } آية 

 قال الضحاك قبل أن تعذبوا بالقتل

  ثم قال تعالى { فكنتم على أعقابكم تنكصون } آية 

 قال مجاهد تستأخرون

٦٧

  ثم قال تعالى { مستكبرين به } آية 

 قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبومالك مستكبرين بالحرم

 قال أبو مالك لأمنهم والناس يتخطفون حولهم

 قال أبو جعفر وقيل مستكبرين بالقرآن أي يحضرهم عند قراءته استكبار

 والقول الأول أولى

 والمعنى إنهم يفتخرون بالحرم فيقولون نحن أهل حرم اللّه عز وجل

  ثم قال تعالى { سامرا تهجرون } آية 

 قال أبو العباس يقال للجماعة يجتمعون للحديث سامر وسمار فسامر كما تقول باقر لجماعة البقر وجامل لجماعة الجمال

 أي يجتمعون للسمر وأكثر ما يستعمل سامر للذين يسمرون ليلا

 قال أبو العباس وأصل هذا من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار

 وقال الثوري يقال لظل القمر السمر

 قال أبو إسحق ومنه السمرة في اللون ويقال له الفخت ومنه فاخته

 قال أبو جعفر وفي قوله { تهجرون } قولان

   قال الحسن تهجرون نبي وكتابي

  وقال غيره { تهجرون } تهذون يقال هجر المريض يهجر هجر إذا هذى

 وقرأ ابن عباس { تهجرون } بضم التاء وكسر الجيم

 وقال يسمورن برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويقولون الهجر

 وقال عكرمة { تهجرون } تشركون

 وقال الحسن تسبون النبي صلى اللّه عليه وسلم

 وقال مجاهد تقولون القول السيئ في القرآن

 قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة يقال أهجر يهجر إذا نطق بالفحش وقال الخني والإسم منه الهجر ومعناه أنه تجاوز ومنه قيل الهاجرة إنما هو تجاوز الشمس من المشرق إلى المغرب

 وقرأ أبو رجاء سمارا وهو جمع سامر كما قال الشاعر

  فقالت سباك اللّه إنك فاضحي  ألست ترى السمار والناس أحوالي 

٦٨

  ثم قال جل وعز { أفلم يدبروا القول } آية  أي القرآن

٧١

  وقوله جل وعز { ولو اتبع الحق أهواءهم } آية   

 روى سفيان عن إسماعيل عن أبي صالح { ولو اتبع الحق } قال اللّه عز وجل

 وقيل المعنى بل جاءهم بالقرآن ولو اتبع القرآن أهواءهم أي لو نزل بما يحبون لفسدت السموات والأرض ومن فيهن

  ثم قال اللّه تعالى { بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون } آية   

 روى معمر عن قتادة { بذكرهم } قال بالقرآن

 قال أبو جعفر والمعنى على قوله بل آتيناهم بما لهم فيه ذكر ما يوجب الجنة لو اتبعوه

وقيل الذكر ههنا الشرف

٧٢

  وقوله جل وعز { أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير } آية 

 قال الحسن خرجا أي أجزأ

 قال أبو حاتم الخراج الجعل والخراج العطاء إن شاء اللّه أو نحو ذلك

٧٤

  وقوله جل وعز { وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون } آية 

 روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول { عن الصراط لناكبون } عن الحق لعادولون

 قال أبو جعفر والصراط في اللغة الطريق المستقيم

ويقال نكب عن الحق إذا عدل عنه

 والمعنى إنهم عن القصد لعادلون

٧٦

  وقوله جل وعز { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } آية 

 { ولقد أخذناهم بالعذاب } أي بالخوف ونقص الأموال والأنفس

 { فما استكانوا لربهم } أي فما خضعوا

٧٧

  وقوله جل وعز { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد } آية 

 قيل يعني الجوع وقيل السيف

 { إذا هم فيه مبلسون } أي متحيرون يائسون من الخير

٨٠

  قوله تعالى { وله اختلاف الليل والنهار } آية

 قال الفراء معنى { وله اختلاف الليل والنهار } هو خالقها كما تقول لك الأجر والصلة

٨٤

  وقوله جل وعز { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون للّه } آية 

٨٥

 هذه الآية لا اختلاف فيها واللتان بعدها يقرؤهما أبو عمرو { سيقولون للّه }

 وأكثر القراء يقرءون { سيقولون للّه }

 فمن قرأ { سيقولون للّه } جاء بالجواب على اللفظ

 ومن قرأ { سيقولون للّه } جاء به على المعنى كما يقال لمن هذه الدار فيقول لزيد على اللفظ وصاحبها زيد على المعنى

 ومن صاحب هذه الدار فيقول زيد على اللفظ ولزيد فيجزئك عن ذلك

 ويجوز في الأولى { سيقولون للّه } في العربية

٨٦

  وقوله جل وعز { وهو يجير ولا يجار عليه } آية  أي وهو يجير من عذابه ومن خلقه ولا يجير عليه أحد من خلقه

  وقوله جل وعز { قل فأنى تسحرون } آية  معنى { فأنى تسحرون } فأنى تصرفون عن الحق

٩١

  وقوله جل وعز { ما اتخذ اللّه من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق } آية   

 في الكلام حذف أي لو كانت معه آلهة لانفرد كل إله

 { ولعلا بعضهم على بعض } أي لغالب بعضهم بعضا

٩٣

  وقوله جل وعز { قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } آية   النداء معترض والمعنى إما تريني ما يوعدون فلا تجعلني في القوم الظالمين

٩٦

  وقوله جل وعز { ادفع بالتي هي أحسن السيئة } آية 

 قال مجاهد وعطاء وقتادة يعني السلام إذا لقيته فسلم علي

٩٧

 وقوله جل وعز { وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين } آية 

 أصل الهمز النخس والدفع وقيل فلان همزة كأنه ينخس من عابه فهمز الشيطان مسه ووسوسته

٩٩

  وقوله جل وعز { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون } آية 

 يعني المذكورين الذين لا يؤمنون بالبعث

 { قال رب ارجعون } ولم يقل ارجعن فخاطب على ما يخبر اللّه جل وعز به عن نفسه كما قال { إنا نحن نحيي الموتى } وفيه معنى التوكيد والتكرير

١٠٠

  وقوله جل وعز { كلا إنها كلمة هو قائلها } آية  

{ كلا } ردع وزجر وتنبيه

  ثم قال جل وعز { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } آية   

 قال أبو عبيدة أي من أمامهم

 قال مجاهد البرزخ حجاب بين الموت والرجوع إلى الدنيا

 قال الضحاك هو ما بين الدنيا

والآخرة

 قال أبو جعفر والعرب تسمي كل حاجز بين شيئين برزخا كما قاله سبحانه { بينهما برزخ لا يبغيان }

١٠١

  وقوله جل وعز { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون }

 قال أبو عبيدة هو جمع صورة

 قال أبو جعفر يذهب إلى ان المعنى فإذا نفخ في صور الناس الأرواح وهذا غلط عند أهل التفسير واللغة

 روى أبو الزعراء عن عبد اللّه بن مسعود { فإذا نفخ في الصور } قال في القرن

 روى عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر قال المسلمون يا رسول اللّه فما نقول قال قولوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل عليه توكلنا

 لا يعرف أهل اللغة في جمع صورة إلا صورا ولو كان جمع صورة لك

 ثم نفخ فيها إلا على بعد من الكلام

١٠٢

 قال أبو جعفر وهذه الاية مشكلة لأنه قال جل وعز { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } وقال في موضع آخر { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون }

 والجواب عن هذا وهو معنى قول عبد اللّه بن عباس وان خالف بعض لفظه والمعنى واحد أنه إذا نفخ في الصور أول نفخة تقطعت الأرحام وصعق من في السموات ومن في الأرض وشغل بعض الناس عن بعض بأنفسهم فعند ذلك لا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون

 قال أبو جعفر ومعنى { يومئذ } في قوله { فلا أنساب بينهم يومئذ } كما تقول أنا اليوم كذا أي في هذا الوقت لا تريد وقتا بعينه

١٠٤

  وقوله جل وعز { تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون } آية  

 روى أبو الأحوص عن عبد اللّه بن مسعود قال الكالح الذي قد بدت أسنانه وتقلصت شفته كالرأس المشيط بالنار

١٠٦

  وقوله جل وعز { قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا } آية   

 قال مجاهد أي التي كتبت علينا

١٠٧

  وقوله جل وعز { قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون } آية   

 يقال خسأته إذا باعدته بانتهار

١١٠

  وقوله جل وعز { فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري } آية    

 قال الحسن وقتادة وأبو عمرو بن العلاء وهذا معنى ما قالو السخري بالضم ما كان من جهة السخرة والسخري

  بالكسر ما كان من الهزؤ

١١١

 وقوله جل وعز { إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون } آية     أي لأنهم ويجوز أن يكون المعنى إني جزيتهم الفوز

١١٣

  وقوله جل وعز { قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين } آية    

 قال مجاهد { فاسأل العادين } الملائكة

 وقال قتادة أي الحساب

١١٧

  وقوله جل وعز { ومن يدع مع اللّه إلها آخر لا برهان له به } آية    

 قال مجاهد أي لا بينة له به

 انتهت سورة المؤمنون

﴿ ٠