سورة الشعراءمكية وآياتها آية بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الشعراء وهي مكية ١من ذلك قوله جل وعز { طسم } آية روى معمر عن قتادة قال { طسم } اسم ٢وقوله جل وعز { تلك آيات الكتاب المبين } آية لأن القرآن مذكور في التوراة والإنجيل فالمعنى هذه تلك آيات الكتاب وقيل { تلك } بمعنى هذه ٣وقوله جل وعز { لعلك باخع نفسك } آية قال مجاهد وقتادة أي قاتل وقال الضحاك أي قاتل نفسك عليهم حرصا قال أبو عبيدة { باخع } أي مهلك قال أبو جعفر وأصل هذا من بخعه أي أذله والمعنى لعلك قاتل نفسك لتركهم الإيمان ٤وقوله جل وعز { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية } آية أي لو شئنا لاضطررناهم إلى الطاعة بأن نهلك كل من عصى ثم قال جل وعز { فظلت أعناقهم لها خاضعين } آية في هذا أقوال قال مجاهد { أعناقهم } كبراؤهم وقال أبو زيد والأخفش { أعناقهم } جماعاتهم يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة وقال عيسى بن عمر { خاضعين } و خاضعة ههنا واحد والكسائي يذهب إلى أن المعنى خاضعيها قال أبو جعفر قول مجاهد { أعناقهم } كبراؤهم معروف في اللغة يقال جاءني عنق من الناس أي رؤساؤهم وكذل يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة ولهذا يقال على فلان عتق رقبة ولا يقال عتق عنق لما يقع فيه من الاشتراك وقول عيسى بن عمر أحسن هذه الأقوال وهو اختيار أبي العباس والمعنى على قوله فظلوا لها خاضعين فأخبر عن المضاف إليه وجاء بالمضاف مقحما توكيدا كما قال الشاعر رأت مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال وكما قال الشاعر وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم قال أبو العباس ومثله سقطت بعض أصابعه قال ومثله يا تيم تيم عدي لا أبا لكم لا يلقينكم في سوءة عمر فجاء بتيم الأول مقحما توكيدا وأما قول الكسائي فخطأ عند البصريين والفراء ومثل هذا الحذف لا يقع في شيء من الكلام ٧وقوله جل وعز { أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم } آية قال مجاهد من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام وروي عن الشعبي أنه قال الناس من نبات الأرض فمن صار منهم إلى الجنة فهو كريم ومن صار إلى النار فهو لئيم والمعنى على قول مجاهد من كل جنس نافع حسن ٨ثم قال جل وعز { إن في ذلك لآية } آية أي لدلالة على اللّه جل وعز وأنه ليس كمثله شيء ثم قال { وما كان أكثرهم مؤمنين } أي قد علم اللّه أنهم لا يؤمنون كما قال سبحانه { لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ١٠وقوله جل وعز { وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين } آية أي واتل عليهم هذا وبعده { واتل عليهم نبأ إبراهيم } ١٢وقوله جل وعز { قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني } آية ١٣قرأ الأعرج وطلحة وعيسى { ويضيق صدري ولا ينطلق لساني } والقراءة الأولى أحسن لأن انطلاق اللسان ليس مما يدخل في الخوف لأنه قد كان ثم قال تعالى { فأرسل إلى هارون } آية في الكلام حذف والمعنى فأرسل إلى هارون ليعينني ويؤازرني كما تقول فأرسل إلي إن إني لأعين ١٤ثم قال جل وعز { ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون } آية قال مجاهد وقتادة يعني قتل النفس { فأخاف أن يقتلون } أي بقتلي رجلا منهم ١٥ثم قال جل وعز { قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون } آية { كلا } ردع وزجر أي انزجر عن هذا الخوف وثق باللّه ثم قال جل وعز { فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون } آية يحتمل أن يكون { معكم } لموسى وهارون عليهما السلام لأن الاثنين جمع كما قال تعالى { فإن كان له إخوة } ويحتمل أن يكون لموسى وهارون والآيات ويحتمل أن يكون لموسى وهارون ومن أرسل إليهم قال أبو جعفر الأول أولاها ليكون المعنى إنا معكم ناصرين ومقوين ١٦ثم قال جل وعز { فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين } آية قال أبو عبيدة { رسول } بمعنى رسالة وأنشد لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسر ولا أرسلتهم رسول والتقدير على قوله إنا ذوا رسالة والأخفش يذهب إلى أنه واحد يدل على اثنين وجمع ١٧ثم قال جل وعز { أن أرسل معنا بني إسرائيل } آية المعنى أرسلنا لأن ترسل معنا بني إسرائي ١٨ثم قال جل وعز { قال ألم نربك فينا وليدا } آية أي مولودا فامتن عليه بتربيته إياه صغيرا إلى أن كبر ثم قال تعالى { ولبثت فينا من عمرك سنين } آية ومن عمرك وعمرك ١٩وقوله جل وعز { وفعلت فعلتك التي فعلت } آية قال مجاهد يعني قتل النفس وقرأ الشعبي { وفعلت فعلتك } بكسر الفاء والفتح للأول لأنها للمرة الواحدة والكسر بمعنى الهيئة والحال أي فعلتك التي تعرف كما قال كأن مشيتها من دار جارتها مر السحابة لا ريث ولا عجل ويقال كان ذلك أيام الردة والردة قال أبو جعفر قال علي بن سليمان واختار ذلك لأن الارتداد لم يكن مرة واحدة والفتح أجود ثم قال جل وعز { وأنت من الكافرين } آية في معناه أقوال أ منها أن المعنى من الكافرين لنعمتي كما قال والكفر مخبثة لنفس المنعم ب والضحاك يذهب إلى أن المعنى وأنت من الكافرين لقتلك القبطي قال فنفى عن نفسه الكفر وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل ج وقال الفراء المعنى وأنت من الكافرين الساعة د قال السدي أي وأنت من الكافرين لأنك كنت تتبعنا على الدين الذي تعيبه الساعة فقد كنت من الكافرين على قولك قال أبو جعفر ومن أحسن ما قال في معناه ما قاله ابن زيد قال { من الكافرين } لنعمتنا أي لنعمة تربيتي لك ٢٠ثم قال وعز وعز { قال فعلتها إذا وأنا من الضالين } آية أي من الجاهلين وقال أبو عبيدة { من الضالين } أي من الناسين كما قال سبحانه { أن تضل إحداهما } وقوله جل وعز { فوهب لي ربي حكما } آية قال السدي يعني النبوة ٢٢وقوله جل وعز { وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } آية في هذه الآية أقوال قيل ألف الاستفهام محذوفة والمعنى أو تلك نعمة كما قال تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضرك لو تنتظر وهذا لا يجوز لأن الاستفهام إذا حذفت منه الألف زال المعنى إلا أن يكون في الكلام أم أو ما أشبهها وقيل المعنى وتلك نعمة تمنها علي أن عبدتني وأنا من بني إسرائيل لأنه يروى أنه كان رباه على أن يستعبده وقيل وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل وتركتني وهذا أحسن الأقوال لأن اللفظ يدل عليه أي إنما صارت هذه نعمة لأنك اتخذت بني إسرائيل عبيدا ولو لم تتخذهم عبيدا لم تكن نعمة ف أن بدل من نعمة ويجوز أن يكون المعنى لأن عبدت بني إسرائيل ٢٣وقوله جل وعز { قال فرعون وما رب العالمين } آية ٢٤فأجابه موسى صلى اللّه عليه وسلم بأن أخبره بصفات اللّه جل وعز التي يعجز عنها المخلوقون { قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين } آية ٢٥فلم يرد فرعون هذه الحجة بأكثر من أن قال { قال لمن حوله ألا تستمعون } أي ألا تستمعون إلى قوله فأجابه موسى لأنه المراد وزاده في البيان ٢٦{ قال ربكم ورب آبائكم الأولين } فلم يحتج فرعون عليه بأكثر من أن نسبه إلى الجنون ٢٧{ قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } آية أي لمغلوب على عقله لأنه يقول قولا لا يعرفه لأنه كان عند قوم فرعون أن الذي يعرفونه ربا لهم في ذلك الوقت هو فرعون وأن الذي يعرفونهم أربابا لآبائهم الأولين ملوك أخر كانوا قبل فرعون ٢٨فزاده موسى في البيان فقال { رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون } آية ٢٩فتهدده فرعون { قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } آية ٣٠فاحتج موسى عليه وعليهم بما يشاهدونه { قال أولو جئتك بشيء مبين } آية أي ببرهان قاطع واضح يدل على صدقي ٣٢وقوله جل وعز { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } آية يقال الثعبان الكبير من الحيات وقد قال في موضع آخر { تهتز كأنها جان } والجان الصغير من الحيات ففي هذا دليل على أن الآية كانت عظيمة لأنه وصف عظمها وأنها تهتز اهتزاز الصغير لخفتها ولا يمنعها عظمها من ذلك فهذا أعظم في الآية ٣٣ثم قال جل وعز { ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } آية أي ونزع يده من جيبه فإذا هي بيضاء للناظرين بياضا نوريا من غير برص ٣٤فرد فرعون الآية العظيمة بنسبه إياه إلى السحر { قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم } آية ٣٥ثم تواضع لهم فقال { يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين } آية روى مجاهد عن ابن عباس قال يعني الشرط ويروى أن السحرة كانوا اثني عشر ألفا وأن موسى بعث والسحر كثير وأعطي الآيات العظام كما بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم والبلاغة أكثر ما كانت فأعطي القرآن ودعوا إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا عن ذلك ٤٩قال قتادة { إنه لكبيركم } يعني موسى صلى اللّه عليه وسلم وقوله جل وعز { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } آية يروى أنه أول من قطع وصلب ٥٠{ قالوا لا ضير } فيما يلحقنا من عذاب الدنيا مع أملنا للمغفرة يقال ضرر وضر وضير وضور بمعنى واحد وأنشد أبو عبيده فإنك لا يضورك بعد حول أظبي كان أمك أم حمار ٥١{ أن كنا أول المؤمنين } أي لأن كنا قال الفراء أي أول مؤمني أهل زماننا قال أبو إسحاق هذا كلام من لم يعرف الرواية لأنه يروى أنه معه ستمائة ألف وسبعون ألفا وإنما المعنى أول من آمن عند ظهور هذه الآية ٥٢ثم قال جل وعز { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي } آية يقال سرى وأسرى إذا سار بالليل قال مجاهد خرج موسى صلى اللّه عليه وسلم ليلا قال عمرو بن ميمون قالوا لفرعون إن موسى قد خرج ببني إسرائيل فقال لا تكلموهم حتى يصيح الديك فلم يصيح ديك تلك الليلة فلما أصبح أحضر شاة فذبحت وقال لا يتم سلخها حتى يحضر خمس مائة ألف فارس من القبط فحضروا وروى يونس بن أبي إسحق عن أبي بردة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نزل بأعرابي فأكرمه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تعهدنا فأتنا فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له ما حاجتك فقال ناقة أرتحلها وأعنز يحتلبها أهلي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعجز هذا أن يكون مثل عجوز بني إسرائيل قالوا وما عجوز بني إسرائيل قال إن موسى صلى اللّه عليه وسلم لما أراد الخروج ببني إسرائيل ضل عن الطريق فقال ما هذا فقال له علماء بني إسرائيل إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا ألا نخرج إلا بعظامه فقال أين قبره فقالوا ما يعرفه إلا عجوز بني إسرائيل فسألوها فقالت حتى تعطيني حكمي قال وما حكمك قالت أن أكون معك في الجنة فكره ذلك فأوحى اللّه جل وعز إليه أن أعطها ففعل فأتت بهم إلى بحيرة فقالت أنضبوا هذا الماء فأنضبوه واستخرجوا عظام يوسف صلى اللّه عليه وسلم فتبينت له الطريق كضوء النهار ثم قال جل وعز { إنكم متبعون } آية ٥٤روى عكرمة عن ابن عباس قال اتبعه فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث وكان موسى صلى اللّه عليه في ستمائة ألف من بني إسرائيل فقال فرعون { إن هؤلاء لشرذمة قليلون } وروى سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللّه { إن هؤلاء لشرذمة قليلون } قال ستمائة ألف وسبعون ألفا ٥٦وروى سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود { وإنا لجميع حاذرون } قال مؤدون قال أبو جعفر المؤدون الذين معهم أداة وهي السلاح والسلاح أداة الحرب وأبو عبيدة يذهب إلى أن حاذرين و حذرين و حذرين بضم الذال بمعنى واحد قال أبو جعفر وحقيقة هذا أن الحاذر هو المستعد والحذر المتيقظ كأن ذلك فيه خلقة ولهذا قال أكثر النحويين لا يتعدى حذر وروى حميد الأعرج عن أبي عمار أنه قرأ{ وإنا لجميع حادرون } الدال غير معجمة يقال جمل حادر إذا كان غليظا ممتليا ومنه قول الشاعر وعين لها حدرة بدرة شقت مآقيهما من أخر ٥٧ثم قال جل وعز { فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم } آية حدثنا محمد بن سلمة الأسواني قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا عبداللّه بن صالح قال حدثني ابن لهيعة عن واهب بن عبداللّه المعافري عن عبداللّه بن عمرو أنه نيل مصر سيد الأنهار سخر اللّه له كل نهر بين المشرق والمغرب وذللّه له فإذا أراد اللّه أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فمدته الأنهار بمائها وفجر اللّه له من الأرض عيونا فإذا انتهى جريه إلى ما أراد اللّه أوحى اللّه إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره وقال ٥٨وقوله اللّه جل وعز { فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم } قال كانت الجنات بحافتي هذا النيل من أوله إلى آخره في الشقين جميعا من أسوان إلى رشيد وكان له سبعة خلج خليج الاسكندرية وخليج دمياط وخليج سردوس وخليج منف وخليج الفيوم وخليج المنهى متصلة لا ينقطع منها شيء من شيء وزروع ما بين الجبلين كله من أول مصر إلى آخرها ما يبلغه الماء فكانت جميع أرض مصر كلها تروى من ست عشرة ذراعا بما قدروا ودبروا من قناطرها وجسورها وخلجها قال { ومقام كريم } المنابر كان بها ألف منبر قال أبو جعفر المقام في اللغة الموضع من قولك قام يقوم وكذلك المقامات واحدها مقامة كما قال الشاعر وفيهم مقامات حسان وجوهها وأندية ينتابها القول والفعل والمقام أيضا المصدر والمقام بالضم الموضع من أقام يقيم والمصدر أيضا من أقام يقيم إلا أن ابن لهيعة قال سمعت أن المقام الكريم الفيوم ٦٠وقوله جل وعز { فأتبعوهم مشرقين } آية أكثر أهل التفسير على أن المعنى وقت الشروق وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى ناحية الشرق والأول أولى يقال أشرقنا أي دخلنا في الشروق كما يقال أصبحنا أي دخلنا في الصباح وإنما يقال في ذلك شرقنا وغربنا ٦١وقوله جل وعز { فلما تراءى الجمعان } آية أي رأى بعضهم بعضا { قال أصحاب موسى إنا لمدركون } آية وقرىء { لمدركون } والمعنى واحد أي سيدركنا هذا الجمع الكثير ولا طاقة لنا به ٦٢وقوله جل وعز { قال كلا إن معي ربي سيهدين } آية { كلا } أي ارتدعوا وانزجروا عن هذا القول { إن معي ربي سيهدين } وقوله جل وعز { فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } آية ٦٣قال الضحاك { كالطود العظيم } أي كالجبل كما قال الأسود بن يعفر نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ماء الفرات يجيء من أطواد جمع طود أي جب ٦٤وقوله جل وعز { وأزلف ثم الآخرين } آية قال الحسن { وأزلفنا } أهلكنا وقال أبو عبيدة { وأزلفنا } جمعنا ومنه ليلة المزدلفة وقال قتادة { وأزلفنا } قربناهم من البحر فأغرقناهم قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة لأنه إنما جمعهم للّهلاك وقول قتادة أصحها ومنه { وأزلفت الجنة للمتقين } أي قربت ومنه مر الليالي زلفا فزلفا وروي عن أبي بن كعب أنه قرأ وأزلقنا بالقاف ٦٩وقوله جل وعز { واتل عليهم نبأ إبراهيم } آية أي خبر إبراهي ٧١وقوله جل وعز { قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين } آية أي مقيمين على عبادتها ٧٢{ قال هل يسمعونكم إذ تدعون } قال أبو عبيدة أي هل يسمعون لكم قال أبو حاتم أي هل يسمعون أصواتكم وقرأ قتادة { هل يسمعونكم } بضم الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم وكلامهم ٧٧وقوله جل وعز { فإنهم عدو لي إلا رب العالمين } آية يجوز أن يكون استثناء ليس من الأول ويجوز أن يكون المعنى كل ما تعبدونه عدو لي يوم القيامة إلا اللّه جل وعز ومن أصح ما قيل فيه أن المعنى فإنهم عدو لي لو عبدتهم يوم القيامة ٧٨وقوله جل وعز { الذي خلقني فهو يهدين } آية ٨٢وقرأ بن أبي أسحق فهو يهديني بإثبات الياء فيها كلها وقرأ { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } وقال ليست خطيئة واحدة قال أبو جعفر والتوحيد جيد على أن تكون خطيئة بمعنى خطايا كما قرئ { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } قال مجاهد في قوله { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي } قال هو قوله { بل فعله كبيرهم هذا وقوله { إني سقيم وقوله حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذ سارة قال هي أختي ٨٤قال مجاهد في قوله جل وعز { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } آية قال الثناء الحسن وروي عن ابن عباس قال اجتماع الأمم عليه ٨٩وقوله جل وعز { إلا من أتى اللّه بقلب سليم } آية قال قتادة أي سليم من الشرك وقال عروة لم يلعن شيئا ق ٩٠ثم قال تعالى { وأزلفت الجنة للمتقين } آية أي قربت بمعنى قرب دخولهم إياها ٩٤وقوله جل وعز { فكبكبوا فيها هم والغاوون } آية كبكبوا أي قلبوا على رءوسهم وقيل طرح بعضهم على بعض هذا قول أبي عبيدة والأصل كببوا فأبدل من الباء كاف استثقالا للتضعيف وقيل معنى { فكبكبوا } فجمعوا مشتق من كوكب الشيء أي معظمه والجماعة من الخيل كوكب وكبكبه قال قتادة { والغاوون } الشياطين وقال السدي { فكبكبوا } أي مشركو العرب و { الغاوون } الآلهة و ٩٥{ وجنود إبليس } من كان من ذريته ٩٨قال أبو جعفر ومعنى { إذ نسويكم برب العالمين } نعبدكم كما نعبده ١٠٠وقوله جل وعز { فما لنا من شافعين ولا صديق حميم } آية { حميم } أي خاص ومنه حامة الرجل وأصل هذا من الحميم وهو الماء الحار ومنه الحمام والحمى فحامة الرجل الذين يحرقهم ما أحرقه كما يقال هم حزانتهم أي يحزنهم ما يحزنه ١١١وقرأ يعقوب وغيره { قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } آية وهي قراءة حسنة وهذه الواو أكثر ما يتبعها الأسماء والأفعال بعد و { اتباع } جمع تبع وتبع يكون للواحد والجميع قال الشاعر له تبع قد يعلم الناس أنه على من تدانى صيف وربيع وقيل إنما أرادوا أن أتباعك الحجامون والحاكة والصناعات ليست بضارة في الدين وروى عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وسعيد عن قتادة { واتبعك الأرذلون } قال الحاكة ١١٩وقوله تعالى { فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون } آية المشحون المملوء ١٢٨وقوله جل وعز { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } آية قال قتادة والضحاك الريع الطريق وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد { بكل ريع } بكل فج قال أبو جعفر والفج الطريق في الجبل وقال جماعة من أهل اللغة الريع ما ارتفع من الأرض جمع ريعة وكم ريع أرضك أي كم ارتفاعها ومعروف في اللغة أن يقال لما ارتفع من الأرض ريع وللطريق ريع واللّه أعلم بما أراد وروى عبد اللّه بن كثير عن مجاهد { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } آية قال بروج الحمامات ١٢٩ثم قال جل وعز { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } آية روى ابن أبي نجيح عن مجاهد { مصانع } قال قصورا وحصونا وقال سفيان هي مصانع الماء قال أبو إسحاق واحدها مصنع ومصنعة قال أبو جعفر والذي قاله مجاهد من أن المصانع القصور والحصون معروف في اللغة قال أبو عبيدة يقال لكل بناء مصنع ومصنعة وروى عبداللّه بن كثير عن مجاهد { وتتخذون مصانع } قال بالآجر والطين وفي بعض القراءات{ كأنكم تخلدون } والمعنيان متقاربان لأن معنى { لعلكم تخلدون } أنكم على رجاء من الخلود ١٣٠وقوله جل وعز { وإذا بطشتم بطشتم جبارين } آية قال مجاهد بالسيف والسوط ١٣٧وقوله جل وعز { إن هذا إلا خلق الأولين } آية قال قتادة { خلق الأولين } بالضم يعيشون كما عاشوا أي نحيا ونموت كما حيوا وماتوا قال عبداللّه بن مسعود { خلق الأولين } أي اختلاقهم قال أبو جعفر خلق الشيء واختلقه بمعنى ١٤٨وقوله جل وعز { وزروع ونخل طلعها هضيم } آية قال الضحاك أي يركب بعضه بعضا قال أبو جعفر وقيل { هضيم } أي هاضم مرىء لطيف أول ما طلع وقال مجاهد حين يطلع يقبض عليه فيهضمه قال أبو جعفر أصل الهضم انضمام الشيء ومنه هضيم الكشح ريا المخلخل ومنه فلان أهضم الكشح أي ضامره فيقال للطلع هضيم قبل أن يتفتح وروى إسحاق عن بريد { ونخل طلعها هضيم } قال منه ما قد أرطب ومنه مذنب ١٤٩ثم قال جل وعز { وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين } آية قال أبو صالح أي حاذقين بنحتها وقال منصور بن المعتمر { فارهين } أي حاذقين وقال الحسن{ فرهين } أي آمنين وقال عبداللّه بن شداد { فارهين } بألف أي متجبرين وقال قتادة{ فرهين } أي معجبين وقال مجاهد{ فرهين } أي أشرين بطرين قال أبو جعفر وهذا أعرفها في اللغة وهو قول أبي عمرو وأبي عبيدة فكأن الهاء مبدلة من حاء لأنهما من حروف الحلق وأبو عبيدة يذهب إلى أن { فارهين } و{ فرهين } بمعنى واحد ١٥٣وقوله جل وعز { قالوا إنما أنت من المسحرين } آية أي من المسحورين قاله مجاهد وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى إنما أنت بشر لك سحر والسحر الرئة وقيل { من المسحرين } أي من المعللين بالطعام والشراب كما قال الشاعر أرانا موضعين لحتم غيب ونسحر بالطعام وبالشراب ١٥٥وقوله جل وعز { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } آية والشرب الحظ من الماء ١٦٦وقوله جل وعز { وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم } آية قال إبراهيم بن المهاجر قال لي مجاهد كيف يقرأ عبداللّه بن مسعود { وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم } قلت وتذرون ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم قال الفرج كما قال تعالى { فأتوهن من حيث أمركم اللّه } وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد { وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم } قال القبل الفرج إلى أدبار النساء والرجال ثم قال جل وعز { بل أنتم قوم عادون } آية يقال عدا إذا تجاوز في الظلم ١٦٨وقوله جل وعز { قال إني لعملكم من القالين } آية أي المبغضين الكارهين وقد قلاه يقليه قلى وقلاء كما قال عليك السلام لا مللك قريبة ومالك عندي إن نأيت قلاء ١٧١وقوله جل وعز { إلا عجوزا في الغابرين } آية قال أبو عبيدة والفراء أي الباقين قال أبو جعفر يقال للذاهب غابر وللباقي غابر كما قال لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج وكما قال فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر أي وما بقي والأغبار بقيات الألبان والشول الإبل التي قد شالت بأذنابها ١٧٦وقوله جل وعز { كذب أصحاب الأيكة المرسلين } آية الأيكة عند أهل اللغة الشجر الملتف والجمع أيك ويروى أنهم كانوا أصحاب شجر ملتف وقد قيل إن الأيكة اسم موضع ولا يصح ذلك ولا يعر ١٧٧وقوله جل وعز { إذ قال لهم شعيب ألا تتقون } آية قرئ على أحمد بن شعيب عن عبد الحميد بن محمد قال حدثنا مخلد قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة نوح وصالح وهود وشعيب وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى اللّه عليهم وزعم الشرقي بن قطامي أن شعيبا هو ابن عيفا بن نويب بن مدين بن إبراهيم وزعم ابن سمعان أن شعيبا بن جزي بن يشجر بن لاوي بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم صلى اللّه عليهم ١٨٢وقوله جل وعز { وزنوا بالقسطاس المستقيم } آية قال عبداللّه بن عباس ومجاهد { بالقسطاس } العد ١٨٣ثم قال جل وعز { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } آية أي ولا تظلموا ومنه قول العرب تحسبها حمقاء وهي باخس ١٨٤وقوله جل وعز { واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين } آية روى ابن أبي نجيح عن مجاهد { والجبلة } الخليقة قال أبو جعفر يقال جبل فلان على كذا أي خلق وقوله جبلة ١٨٧وقوله جل وعز { فأسقط علينا كسفا من السماء } آية روى علي بن الحكم عن الضحاك { فأسقط علينا كسفا } قال جانبا قال أبو جعفر ويقرأ { كسفا } وهو جمع كسفة وهي القطعة ١٨٩ثم قال جل وعز { فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة } آية قال عبداللّه بن عباس أصابهم حر شديد فدخلوا البيوت فأخذ بأنفاسهم فخرجوا إلى البرية لا يسترهم شيء فأرسل اللّه إليهم سحابة فهربوا إليها ليستظلوا بها ونادى بعضهم بعضا فلما اجتمعوا تحتها أهلكهم اللّه جل وعز وقال مجاهد فلما اجتمعوا تحتها صيح بهم فهلكوا ١٩٣وقوله جل وعز { نزل به الروح الأمين } آية يعني جبريل صلى اللّه عليه ١٩٤{ على قلبك } أي يتلوه فيعيه قلب ١٩٦وقوله جل وعز { وإنه لفي زبر الأولين } آية أي إن إنزاله وذكره ١٩٧ثم قال جل وعز { أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل } آية وفي قراءة عبد اللّه { أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل } قال مجاهد هو عبداللّه بن سلام وقال غيره هو عبداللّه وغيره ممن أسلم ١٩٨ثم قال جل وعز { ولو نزلناه على بعض الأعجمين } آية الأعجم الذي لا يفصح وإن كان عربيا والعجمي الذي أصله من العجم وإن كان فصيحا ٢٠٠وقد ذكرنا قوله { كذلك سلكناه في قلوب المجرمين } في سورة الحج ٢١٢وقوله جل وعز { إنهم عن السمع لمعزولون } آية أي عن استماع الوحي لممنوعون بالرجم وروى عروة عن عائشة قالت قلت يا رسول اللّه إن الكهان كانوا يحدثوننا بالشيء فنجده كما يقولون فقال تلك الكلمة يخطفها أحدهم فيكذب معها مائة كذبة وذكر الحديث ٢١٤ثم قال جل وعز { وأنذر عشيرتك الأقربين } آية قال عبداللّه بن عباس لما نزلت صعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصفا فصاح يا صباحاه فاجتمعوا إليه من بين رجل يجيء وبين رجل يبعث برسول فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن رجلا جاء من هذا الفج ليغير عليكم أصدقتموني قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب ألهذا دعوتنا تبا لك فأنزل اللّه جل وعز { تبت يدا أبي لهب وتب } وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية قال يا صفية عمة رسول اللّه يا فاطمة ابنة محمد يا بني عبدالمطلب إني لا أملك لكم من اللّه شيئا سلوني من مالي ما شئت ٢١٨وقوله جل وعز { الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين } آية قال مجاهد وقتادة { في الساجدين } في المصلين قال مجاهد وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه قال عكرمة أي قائما وراكعا وساجدا وروي عن ابن عباس أنه قال تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا ٢٢٢وقوله جل وعز { تنزل على كل أفاك أثيم } آية قال مجاهد { على كل أفاك } على كل كذاب ٢٢٤وقوله جل وعز { والشعراء يتبعهم الغاوون } آية قال ابن عباس الرواة وقال الضحاك هما اثنان تهاجيا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أحدهما من الأنصار وكان مع كل واحد منهما جماعة وهم الغواة أي السفهاء وقال عكرمة هم الذين يتبعون الشاعر وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد { يتبعهم الغاوون } قال الشياطين وروى خصيف عن مجاهد قال هم الذين يتبعونهم ويروون شعرهم ٢٢٥ثم قال جل وعز { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } آية قال مجاهد أي في كل فن يفتنون قال أبو جعفر والتقدير في اللغة في كل واد من القول يهيمون قال أبو عبيدة الهائم المخالف للقصد في كل شي ٢٢٧وقوله جل وعز { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } آية قال عبداللّه بن عباس يعني عبداللّه بن رواحة وحسانا وفي غير هذا الحديث لما نزلت هذه الآية قال عبداللّه قد علم اللّه جل وعز أنا نقول الشعر وأنزل هذا فأنزل اللّه عز وجل { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا اللّه كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا } أي ناضلوا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعن المؤمنين من هجاه ثم قال جل وعز { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } آية روي في الحديث أنه يراد به من بين يدي اللّه جل وعز إلى النار |
﴿ ٠ ﴾