سورة الأحزاب

مدنية وآيا تها  آية

بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الأحزاب مدنية

١

قال ابن عباس وهي مدنية من ذلك قوله جل وعز { يا أيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكافرين والمنافقين }

 معناه اثبت على تقوى اللّه كما قال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا آمنوا

 ثم قال جل وعز { إن اللّه كان عليما حكيما } أية  آية 

 أي { عليما } بما يكون قبل أن يكون { حكيما } فيما يخلقه قبل أن يخلقه

٤

وقوله جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه } آية 

 قال أبو جعفر في معنى هذا ونزوله ثلاث أقوال

 فمن ذلك ما حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال قال قتادة كان رجل لا يسمع شيئا إلا وعاه فقال الناس ما يعي هذا إلا أن له قلبين فكان يسمى ذا القلبين فقال اللّه عز وجل { ما جعل اللّه لرجل من قلبين }

 قال معمر وقال الحسن كان رجل يقول إن نفسا تأمرني بكذا ونفسا تأمرني بكذا فقال اللّه جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه }

 وروى أبو هلال عن عبد اللّه بن بريدة قال كان في الجاهلية رجل يقال له ذو قلبين فأنزل اللّه جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه }

 وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قال رجل من بني فهر إن في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد صلى اللّه عليه وسلم وكذب

 قال أبو جعفر وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو أن

الآية نزلت في رجل بعينه ويقال إن الرجل عبداللّه بن خطل

 والقول الثاني قول ضعيف لا يصح في اللغة وهو من منقطعات الزهري رواه معمر عنه في قوله جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه } قال بلغنا أن ذلك في شأن زيد بن حارثة ضرب له مثلا يقول ليس ابن رجل آخر ابنك

 والقول الثالث أصحها وأعلاها إسنادا وهو جيد الإسناد قرئ على محمد بن عمرو بن خالد عن أبيه قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال قلنا لابن عباس أرأيت قول اللّه جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه }

ما عني بذلك قال كان نبي اللّه يوما يصلي فخطر خطرة فقال النافقون الذين يصلون معه ألا ترون أن له قلبين قلبا معكم وقلبا معهم فأنزل اللّه جل وعز { ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه }

 قال أبو جعفر وهذا أولى الأقوال في الآية لما قلنا

 والمعنى ما جعل اللّه لرجل قلبا يحب به وقلبا يبغض به وقلبا يؤمن به وقلبا يكفر به

 ثم قرن بهذا ما كان المشركون يطلقون به مما لا يكون فقال { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم }

 وهو لفظ مشتق من الظهر

 وقرأ الحسن { تظاهرون } وأنكر هذه القراءة أبو عمرو بن العلاء وقال إنما يكون هذا من المعاونة

 قال أبو جعفر وليس يمتنع شيء من هذا لاتفاق اللفظين ويدل على صحته الظه

 ثم قال جل وعز { وما جعل أدعياءكم أبناءكم }

 أي ما جعل من تبنيتموه واتخذتموه ولدا بمنزلة الولد في الميراث

 قال مجاهد نزل هذا في زيد بن حارثة

ثم قال جل وعز { ذلكم قولكم بأفواهكم واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل } آية 

 أي هو شيء تقولونه على التشبيه وليس بحقيقة

 { واللّه يقول الحق } أي لا يجعل غير الولد ولدا

 { وهو يهدي السبيل } أي سبيل ال

٥

 ثم قال جل وعز { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه } آية 

 روى سالم عن ابن عمر قال ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت { ادعوهم لآبائهم }

 ثم قال جل وعز { هو أقسط عند اللّه } أي أع

 وقوله جل وعز { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم }

 أي فقولوا يا أخي في الدين

 { ومواليكم } أي بنو عمكم أو أولياؤكم في الد

 ثم قال جل وعز { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم }

 في معناه ثلاثة أقوال

 قال مجاهد { فيما أخطأتم به } قبل النهي في هذا وفي غيره

 { ولكن ما تعمدت قلوبكم } بعد النهي في هذا وفي غيره

 وقيل { فيما أخطأتم به } أن يقول له يا بني في المخاطبة على غير تبن

 وقال قتادة هو أن تنسب الرجل إلى غير أبيه وأنت ترى أنه أبوه

 وهذا أولاها وأبين

٦

 وقوله جل وعز { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم }

 روى جابر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما رجل مات وترك دينا فإلي وإن ترك مالا فلورثته

 وحقيقة معنى الآية واللّه جل وعز أعلم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا أمر بشيء أو نهى ع

 ثم خالفته النفس كان أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ونهيه أولى بالاتباع من الناس

ثم قال جل وعز { وأزواجه أمهاتهم } آية 

 أي هن في الحرمة بمنزلة الأمهات في الإجلال ولا يتزوجن بعده صلى اللّه عليه وسلم

 وروي أنه إنما فعل هذا لأنهن أزواجه في الج

 ثم قال جل وعز { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا }

 قال مجاهد أي إلا أن توصوا لمن حالفتموه من المهاجرين والأنصار وكان رسول اللّه آخى بين المهاجرين وهذا قول بين لأنه بعيد أن يقال للمشرك ولي

 وقال ابن الحنفية والحسن وعطاء في قوله تعالى

{ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } أن يوصي لذي قرابته من المشركين

 قال الحسن هو وليك في النسب وليس بوليك في الد

 ثم قال جل وعز { كان ذلك في الكتاب مسطورا }

 قال قتادة أي مكتوبا عند اللّه جل وعز لا يرث كافر مسلما

 قال أبو جعفر يجوز أن يكون المعنى حل ذلك في الكتاب أي في القرآن

 ويجوز أن يكون ذلك قوله { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض

٧

 وقوله جل وعز { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم }

 قال مجاهد هذا في ظهر آدم صلى اللّه عليه وسلم

 وقال قتادة أخذنا ميثاقهم أن يصدق بعضهم بع

٨

 وقوله جل وعز { ليسأل الصادقين عن صدقهم }

 أي ليسأل الصادقين من الرسل توبيخا لمن كذبهم كما قال جل وعز { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون اللّه }

 وقيل ليسأل الصادقين عن صدقهم هل كان للّه جل وعز

 وقيل ليثابوا عل

٩

 وقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جاءتكم جنود } آية 

 قال مجاهد جاءهم أبو سفيان وعيينة بن بدر وبنو قريظة وهم الأحزاب

ثم قال جل وعز { فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها }

 روى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال هي الصبا كفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم

 وروى ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدب

 ثم قال جل وعز { وجنودا لم تروها } آية   

 قال مجاهد الملائكة ولم تقاتل يومئذ يوم الأحز

١٠

 وقوله جل وعز { إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم }

 قال محمد بن إسحق الذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة

والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطف

 ثم قال جل وعز { وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر } آية   

 روى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال بلغ فزعها

 وقال قتادة شخصت عن مواضعها فلولا أن الحلوق ضاقت عنها لخرجت

 وقيل كادت تبلغ قال أبو جعفر وأحسن هذه الأقوال القول الأول أي بلغ وجيفها من شدة الفزع الحلوق فكأنها بلغت الحلوق بالوج

١١

 وقوله جل وعز { هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } أية   

 قال مجاهد أي محصوا

 ثم قال { وزلزلوا زلزالا شديدا } أي أزعجوا وحرك

١٢

 ثم قال جل وعز { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا اللّه ورسوله إلا غرورا } آية   

 قال قتادة قال قوم من المنافقين وعدنا محمد أن نفتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يقدر أن يجاوز رحله { ما وعدنا اللّه ورسوله إلا غرورا }

١٣

ثم قال جل وعز { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا }

 وقرأ أبو عبد الرحمن والأعرج { لا مقام لكم } بضم الميم

 قال أبو جعفر المقام بالفتح الموضع الذي يقام فيه والمصدر من قام يقوم

 والمقام بالضم بمعنى الإقامة والموضع من أقام هو وأقامه غي

 ثم قال جل وعز { ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة }

 قال ابن اسحق هو أوس بن قيظي الذي قال إن بيوتنا عورة عن ملأ من قومه

 وقرأ يحيى بن يعمر وأبو رجاء { عورة } بكسر الواو

 يقال أعور المنزل إذا ضاع أو لم يكن له ما يستره أو سقط جداره

 فالمعنى إن بيوتنا ضائعة متهتكة ليس لها من يحفظها فأعلم اللّه جل وعز أنها ليست كذلك وأن العدو لا يصل إليها لأن اللّه جل وعز يحفظها

 قال مجاهد أي نخاف أن تسرق

 ويقال للمرأة عورة فيجوز أن يكون المعنى إن بيوتنا ذات عورة فأكذبهم اللّه جل وعز

 قال قتادة قال قوم من المنافقين إن بيوتنا عورة وإنا نخاف على أهلينا فأرسل النبي صلى اللّه عليه وسلم إليها فلم يوجد فيها أحد

 ويجوز أن يكون { عورة } مسكنا من عورة

ثم قال جل وعز { إن يريدون إلا فرارا } آية   

 أي عن نصرة الن

١٤

 ثم قال جل وعز { ولو دخلت عليهم من أقطار

 ثم سئلوا الفتنة لآتوها } آية   

 قال الحسن { من أقطارها } أي من نواحيها

 قال غيره نواحي البيوت

 ثم سئلوا الفتنة لآتوها } أي لقصدوها وجاءوها

 قال الحسن الفتنة ههنا الشرك

 وقرئ { لآتوها }

 قال الحسن أي لأعطوها من أنفسهم

 قال غيره كما روي في الذين عذبوا أنهم أعطوا ما سئلوا في النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا بلا

 ثم قال جل وعز { وما تلبثوا بها إلا يسيرا }

 قال القتبي أي بالمدي

١٦

 وقوله جل وعز { وإذا لا تمتعون إلا قليلا }

 قال مجاهد والربيع بن خيثم في قوله { وإذا لا تمتعون إلا قليلا } ما بينهم وبين الأ

١٨

 وقوله جل وعز { قد يعلم اللّه المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا } آية  

 قال قتادة هم قوم من المنافقين قالوا ما أصحاب محمد عندنا إلا أكلة رأس ولن يطيقوا أبا سفيان وأصحابه فهلم إلي

 ثم قال جل وعز { ولا يأتون البأس إلا قليلا }

 أي إلا تعذي

١٩

 ثم قال جل وعز { أشحة عليكم } فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أي { أشحة عليكم } بالنفقة على فقرائكم ومساكينكم

 { فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد } أي بالغوا في الاحتجاج عليكم

 وقال قتادة سلقوكم بطلب الغنيمة

 وهذا قول حسن لأن بعده { أشحة على الخير }

 وعن ابن عباس استقبلوكم بالأذى

 وقال يزيد بن رومان سلقوكم بما تحبون نفاقا منهم

 يقال خطيب مسلاق وسلاق أي بل

 ثم قال جل وعز { أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا } آية   

 أي أشحة على الغنيمة

 { أولئك لم يؤمنوا } وإن كانوا قد أظهروا الإيمان فإن اعتقادهم غير ذ

٢٠

 وقوله جل وعز { يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب } آية

 أي يحسبون الأحزاب لم يذهبوا لجبنهم

 { وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب } المعنى إنهم لفزعهم ورعبهم إذا جاء من يقاتلهم ودوا أنهم بادون في الأعراب

 وقرأ طلحة بن مصرف{ يودوا لو أنهم بذا في الأعراب } بدا

 والمعنى واحد وهو جمع باد كما يقال غزا وغ

٢٢

 ثم خبر تعالى بما يقول المؤمنون فقال { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا اللّه ورسوله }

 وقيل الذي وعدهم في قوله { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء }

كذا قال قتادة

 وقال يزيد بن رومان الأحزاب قريش وغطف

٢٣

 وقوله جل وعز { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه }

 يقال صدقت العهد أي وفي

 ثم قال جل وعز { فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } آية 

 روى سعيد بن مسروق عن مجاهد قال { نحبه } عهده

 وروى خصيف عن عكرمة عن ابن عباس { فمنهم من قضى نحبه }

 قال مات على ما عاهد عليه { ومنهم من ينتظر } ذلك

 قال أبو جعفر حكى أهل اللغة أن النحب العهد والنفس والخطر العظيم

 وأشهرها أن النحب العهد كما قال مجاهد

 ويصححه أنه يروى أن قوما جعلوا على أنفسهم إن لاقوا العدو أن يصدقوا القتال حتى تقبلوا أو يفتح اللّه جل وعز عليهم

 فالمعنى فمنهم من قضى أجله وسمي الأجل عهدا لأنه على العهد كان أو قضى عهد

 ثم قال تعالى { وما بدلوا تبديلا }

 أي وما بدلوا دينهم تبدي

٢٥

 ثم قال جل وعز { ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا }

 قال مجاهد أبا سفيان وأصحا

٢٦

 ثم قال جل وعز { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم }

 أي أعاونهم من أهل الكتاب

 قال مجاهد بني قريظة من صياصهم من قصورهم

 وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة { من صياصيهم } من حصونهم

 قال أبو جعفر والقصور قد يتحصن بها وأصل الصيصية

في اللغة ما يمتنع به ومنه قيل لقرون البقر صياصي ومنه قوله

  كوقع الصياصي في النسيج الممدد 

 يقال جذ اللّه صيصته أي أص

٢٧

 وقوله جل وعز { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤوها } آية 

 قال الحسن فارس والروم

 وقال قتادة مكة

 وقال ابن اسحق خيبر

 وقال أبو جعفر وهذه كلها قد أورثها اللّه جل وعز المسلمين

 إلا أن الأشبه بالمعنى أن تكون خيبر واللّه أعلم

 روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة في قوله تعالى { وأرضا لم تطؤوها } قال ما يفتح على المسلمين إلى يوم القيامة

٢٨

 وقوله جل وعز { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } آية  ث 

 روى يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ومعمر عن عروة عن عائشة قالت لما أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قال وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفرا

 ثم تلا { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } فقلت أو في هذا استأمر أبوي فإني أختار اللّه جل وعز ورسوله والدار الأخرة

 قال يونس في حديثه وفعل أزواجه كما فعلت فلم يكن ذلك طلاقا لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيرهن فاختر

٣٠

 وقوله جل وعز { يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين }

 فرق أبو عمرو بين{ يضعف } و { يضاعف } قال يضاعف للمرار الكثيرة ويضعف مرتين وقرأ{ يضعف } لهذا

 وقال أبو عبيدة { يضاعف لها العذاب } يجعل ثلاثة أعذبة

 قال أبو جعفر التفريق الذي جاء به أبو عمرو لا يعرفه أحد من أهل اللغة علمته والمعنى في { يضاعف } و{ يضعف } واحد أي يجعل ضعفين أي مثلين كما تقول إن دفعت إلي درهما دفعت إليك ضعفيه أي مثليه يعني درهمين ويدل على هذا { نؤتها أجرها مرتين } فلا يكون العذاب أكثر من الأجر

 وقال في موضع آخر { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } أي مثلين

 وروى معمر عن قتادة { يضاعف لها العذاب ضعفين }

 قال عذاب الدنيا وعذاب الآخرة

٣١

وقوله جل وعز { ومن يقنت منكن للّه ورسوله }

 ومعناه من يطع

 قال قتادة كل قنوت في القرآن طاعة

 وقال { وأعتدنا لها رزقا كريما } الج

٣٢

 وقوله جل وعز { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } آية 

 يقال خضع في قوله إذا لان ولم يبين

 ويبينه قوله تعالى ي { وقلن قولا معروفا } أي بينا ظاهرا

 قال قتادة والسدي { فيطمع الذي في قلبه مرض } أي شك ونفاق

 قال عكرمة هو شهوة الزنى

٣٣

وقوله جل وعز { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }

 هو من وقر يقر وقارا في المكان إذا ثبت فيه وفيه قول آخر

 قال محمد بن يزيد هو من قررت في المكان أقر والأصل واقررن جاء على لغة من قال في مسست مست حذفت الراء الأولى وألقيت حركتها على القاف فصار { وقرن }

 قال ومن قرأ { وقرن } فقد لحن

 قال أبو جعفر يجوز أن يكون { وقرن } من قررت به عينا أقر فيكون المعنى واقررن به عينا في بيوتكن

ثم قال جل وعز { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } آية 

 روى علي بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قال { الجاهلية الأولى } ما بين إدريس ونوح صلى اللّه عليهما

 وروى عبد اللّه بن عمرو عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال ستكون جاهلية أخرى

 وروى هشيم عن زكريا عن الشعبي قال { الجاهلية الأولى } ما بين عيسى ومحمد صلى اللّه عليهما

 قال مجاهد كان النساء يتمشين بين الرجال فذلك التبرج

 وقال ابن أبي نجيح هو التبختر

 قال أبو جعفر التبرج في اللغة هو إظهار الزينة وما تستدعى به الشهوة وكان هذا ظاهرا بين عيسى ومحمد صلى اللّه عليهما وك

 ثم بغايا يقص

 وقوله جل وعز { إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت }

 قال عطية حدثني أبو سعيد الخدري قال حدثتني أم سلمة قالت نزلت هذه الآية في بيت وكنت جالسة على الباب فقلت يا رسول اللّه ألست من أهل البيت قال إنك إلى خير وأنت من أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم وكان في البيت النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم

٣٤

وقوله جل وعز { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات اللّه والحكمة }

 قال قتادة أي القرآن والسنة

 وروى محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت

٣٥

 قلت يا رسول اللّه أرى اللّه جل وعز يذكر الرجال ولا يذكر النساء فنزلت { إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات

 وقوله جل وعز { والحافظين فروجهم والحافظات } آية

 أي والحافظاتها ونظيره

  وكمتا مدماة كأن متونها  جرى فوقها واستشعرت لون المذهب 

مذهب

 وروى سيبويه لوت مذهب بالنصب وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء كأنه قال فاستشعرته فيمن رفع لو

٣٦

 وقوله جل وعز { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمرا }

 قال قتادة لما خطب النبي صلى اللّه عليه وسلم زينب بنت جحش وهي ابنة عمته وهو يريدها لزيد ظنت أنه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت وامتنعت فأنزل اللّه عز وجل { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } فأطاعت وسلمت

٣٧

وقوله جل وعز { وإذ تقول للذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه }

 قال قتادة هو زيد بن حارثة أنعم اللّه عليه بالإسلام وأنعم عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم بالع

 ثم قال { أمسك عليك زوجك واتق اللّه وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى الناس واللّه أحق أن تخشاه }

 روى ثابت عن أنس قال جاء زيد يشكو زينب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له { أمسك عليك زوجك واتق اللّه } فأنزل اللّه جل وعز { وإذ تقول للذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه } إلى آخر الآية

 قال ولو كتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئا من القرآن لكتمها

 قال قتادة جاء زيد فقال يا رسول اللّه إني أشكو إليك لسان زينب وإني أريد أن أطلقها فقال له { أمسك عليك زوجك واتق اللّه }

وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يحب أن يطلقها زيد فكره أن يقول له طلقها فيسمع الناس بذلك

 قال أبو جعفر أي فيفتتنوا

 وسئل علي بن الحسين عليه السلام عن هذه الآية فقال أعلم اللّه جل وعز النبي صلى اللّه عليه وسلم أن زيدا سيطلق زي

 ثم يتزوجها النبي صلى اللّه عليه وسلم بعده

 أي فقد أعلمتك أنه يطلقها قبل أن يطلق

 وقوله جل وعز { فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } آية 

 قال الخليل معنى الوطر كل حاجة يهتم بها فإذا قضاها قيل قضى وطره وأر

 ثم خبر جل وعز بالعلة التي من أجلها كان من أمر زيد ما كان فقال { لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا }

 أي زوجناك زينب وكانت امرأة زيد وأنت متبن له لئلا

يتوهم أن تحريم التبني كتحريم الولادة كما كانت الجاهلية تق

٣٨

 وقوله جل وعز { ما كان على النبي من حرج فيما فرض اللّه له } آية 

 قال قتادة أي فيما أحل اللّه له

 قال أبو جعفر وفيه معنى المدح كما قال جل وعز { ما على المحسنين من سبيل

 ثم قال جل وعز { سنة اللّه في الذين خلوا من قبل }

 أي لا يؤاخذون بما لم يحرم عليهم

٣٩

وقوله جل وعز { وكفى باللّه حسيبا } آية 

 يجوز أن يكون بمعنى محاسب كما تقول أكيل وشريب

 ويجوز أن يكون بمعنى محسب أي كاف يقال أحسبني الشيء كفا

٤٠

 وقوله جل وعز { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } آية 

 قال علي بن الحسين عليه السلام نزلت في زيد بن حارثة

 قال أبو جعفر أي ليس هو أباهم بالولادة وإن كان كذلك في التبجيل والتعظيم

ثم قال جل وعز { ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين }

 قال قتادة أي آخرهم

 قال أبو جعفر من قرأ{ خاتم } بفتح التاء فمعناه عنده آخرهم ومن قرأ بالكسر{ خاتم } فمعناه عندهم أنه ختمهم

٤٢

 قال قتادة { وسبحوه بكرة وأصيلا }

 صلاة الصبح والع

٤٣

 وقوله جل وعز { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } آية 

 قال الحسن سألت بنو إسرائيل موسى صلى اللّه عليه أيصلي ربك فكأنه أعظم ذلك فأوحى اللّه جل وعز إليه إن صلاتي أن رحمتي تسبق غضبي

 والأصيل العشي

 قال الفراء معنى { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } هو الذي يغفر لكم وتستغفر لكم ملائك

٤٤

 وقوله جل وعز { تحيتهم يوم يلقونه سلام }

 هو كما قال { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم }

 أي تحيتهم في الجنة سل

٤٥

 وقوله جل وعز { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } آية

 { شاهدا } أي شاهدا بالإبلاغ

 { ومبشرا } بالجنة

 { ونذيرا } من النار

٤٦

 { وداعيا إلى اللّه بإذنه } أي بأمره

 { وسراجا منيرا } أي وذا سراج وهو القرآن

 ويجوز أن يكون المعنى ومبينا وتاليا

 حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن شيبان النحوي قال حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال لما نزلت { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى اللّه بإذنه وسراجا منيرا } دعا رسول اللّه عليا ومعاذا فقال انطلقا فيسرا ولا تعسرا فإنه قد نزل علي الليلة آية { إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا }

من النار { وداعيا إلى اللّه } قال شهادة أن لا إله إلا اللّه { بإذنه } بأمره { وسراجا منيرا } قال بالقر

٤٨

 وقوله جل وعز { ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم } آية 

 قال مجاهد { ودع أذاهم } أي أعرض عن

٤٩

 وقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمن

 ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها }

 قال حبيب بن أبي ثابت سئل علي بن الحسين عليه السلام عن رجل قال لامرأته إن تزوجتك فأنت طالق فقال ليس بشيء

ذكر اللّه جل وعز النكاح قبل الطلاق فقال { إذا نكحتم المؤمن

 ثم طلقتموهن

 وقوله جل وعز { فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا }

 قال سعيد بن المسيب هي منسوخة بالتي في البقرة يعني قوله جل وعز { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } أي فلم يذكر المت

٥٠

 وقوله جل وعز { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } آية

 قال مجاهد أي صداقهن

 وروى أبو صالح عن أم هانئ قالت خطبني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاعتذرت منه فعذرني فأنزل اللّه جل وعز { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } إلى قوله { اللاتي هاجرن معك } ولم أكن هاجرت إنما كنت من الطلقاء فكنت لا أحل

 ثم قال جل وعز { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } آية 

 قال علي بن الحسين رضي اللّه عنه وعروة والشعبي هي أم شريك

 وقال الزهري وعكرمة ومحمد بن كعب هي ميمونة ابنة الحارث وهبت نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم

 قال الزهري ووهبت سودة يومها لعائشة

 وقرأ الحسن { إن وهبت }

 وقرأ الأعمش{ وامرأة مؤمنة وهبت }

 وكسر إن أجمع للمعاني لأنه قيل إنهن نساء وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها لأن الفتح على البدل من امرأة وبمعنى لأن

 وقال مجاهد لم تهب نفسها

 فعلى هذا القول لا تكون إن إلا مكسورة

 وقيل ومعنى { وهبت نفسها } إن تزوجت بلا صداق

 وقيل هو أن تجعل الهبة صداقا وأن هذا لا يحل لأحد بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم

 قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن معنى الهبة في اللغة دفع شيء بلا ع

 وقوله جل وعز { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم }

 أي قد علمنا ما في ذلك من الصلاح وهذه كلمة مستعملة يقال أنا أعلم مالك في ذا

 وروى زياد بن عبد اللّه عن أبي بن كعب في قوله تعالى { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم } قال مثنى وثلاث ورباع

 وقال قتادة فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدي

عدل وصداق وأن لا يتزوج الرجل أكثر من أر

 وقوله جل وعز { لكيلا يكون عليك حرج } آية 

 متعلق بقوله { إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن

٥١

 وقوله جل وعز { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } آية   

 روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى

{ ترجي من تشاء منهن } قال هذا في الواهبات أنفسهن

 قال الشعبي هن الواهبات أنفسهن تزوج رسول اللّه منهن وترك منهن

 وقال الزهري ما علمنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه بل آواهن كلهن

 وقال قتادة أطلق لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يقسم بينهن كيف شاء ولم يقسم بينهن إلا بالقسط

 حدثنا أحمد بن محمد بن نافع حدثنا سلمة حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن منصور عن أبي رزين قال المرجآت ميمونة وسودة وصفية وجويرية وأم حبيبة وكانت عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب سواء في قسم النبي صلى اللّه عليه وسلم يساوي بينهن في القسم

 وقال مجاهد هو أن يعتزلهن بلا طلاق

 قال أبو جعفر قول قتادة وأبي رزين ومجاهد يرجع إلى معنى واحد أن ذلك في القسم

 وقد روى منصور عن أبي رزين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أراد أن يخلي اللواتي أرجأهن فقلن له اقسم لنا كيف شئت واتركنا على حالنا فتركهن

 وقال قتادة في قوله تعالى { ذلك أدنى أن تقر أعينهن }

 إذا علمن أن ذلك من اللّه جل وعز قرت أعينهن ولم يحزن ورضين

٥٢

وقوله جل وعز { لا يحل لك النساء من بعد } آية 

 في هذه الآية أقوال

 فمنها ما روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عائشة قالت ما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أحل له النساء

 وقال الحسن لما خير النبي صلى اللّه عليه وسلم أزواجه فاخترنه شكر اللّه جل وعز لهن ذلك فحرم على النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يتزوج غيرهن أي فامتحنه بذلك كما امتحنهن

 وقال علي بن الحسين قد كان له أن يتزوج

 قال أبو جعفر هذه الثلاثة الأقوال غير متناقضة

 تقول عائشة ما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أحل له النساء إسناده جيد ويتأول على أنه ناسخ للحظر ويحتج به في أن السنة تنسخ القرآن كما قال جل وعز { إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لا وصية لوارث

 ومذهب الضحاك أن الناسخ لها قوله { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء }

 وهذا لا يصح لأن بعده { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن }

 وقول علي بن الحسين عليه السلام يجوز أن يكون يرجع إلى قول عائشة وإن كان قد أنكر قول الحسن فإن الحسن لم يذكر أن الآية منسوخة فيجوز أن يكون أنكره من هذه الجهة وتكون الآية عنده منسوخة

 وعوض اللّه جل وعز نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم من ذلك أن جعلهن أزواجه في الجنة

 وفي الآية غير هذا قال زياد بن عبداللّه سألت أبي بن كعب عن قول اللّه جل وعز { لا يحل لك النساء من بعد } فقلت أكان يحل له أن يتزوج فقال نعم ما بأس بذلك قال اللّه جل وعز { إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } إلى قوله { وامرأة مؤمنة

 ثم قال جل وعز { لا يحل لك النساء من بعد } أي لا يحل لك الأمهات ولا الأخوات ولا البنات فهذا قول آخر

 أي لا يحل لك النساء من بعد من أحللنا إلا ما ملكت يمينك

 وقال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحكم قولا آخر

 قالوا { لا يحل لك النساء من بعد } أي لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات

 قال مجاهد أي لا يحل أن تتزوج كافرة فتكون أما للمؤمنين ولو أعجبك حسنها إلا ما ملكت يمينك فإن له أن يتسرى ب

٥٣

 وقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم }

 قال أنس بن مالك أنا أعلم الناس بهذه الآية لما تزوج النبي صلى اللّه عليه وسلم زينب ابنة جحش أمرني أن أدعو كل من لقيت ودعا النبي صلى اللّه عليه وسلم فجعل اللّه جل وعز في الطعام البركة فأكل قوم وانصرفوا وبقيت طائفة وكانت زينب في البيت فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم وخرج وهم جلوس فأنزل اللّه جل وعز { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم } إلى آخر الآية فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحجاب وانصرفوا

 قال مجاهد في قوله تعالى { إلى طعام غير ناظرين إناه } آية 

 غير متحينين نضجه

 { ولا مستأنسين لحديث } قال بعد الأكل

 وقوله جل وعز { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب }

 فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما ولا غيره ولا ينظر إليهن متنقبات ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب

 وكانت عائشة إذا طافت بالبيت سترت

 وفي الحديث لما ماتت زينب قال عمر لا يخرج في جنازتها إلا ذو محرم منها فوصف له النعش فاستحسنه وأمر به وقال اخرجوا فصلوا على أمكم

 قال أنس كنت أدخل على أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم فلما نزلت هذه الآية جئت لأدخل فقال لي النبي صلى اللّه عليه وسلم وراءك يا بني

وقوله عزو جل { وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا } آية 

 قال قتادة قال رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تزوجت فلانة

 قال معمر قال هذا طلحة لعائشة

٥٥

 وقوله جل وعز { لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن }

 يعني في الاستئذان

 وقيل معنى { ولا نسائهن } ولا أهل دينهن

 وقد قيل بل هو لجميع النساء أي اللواتي من جنسهن

 وقيل { ولا ما ملكت أيمانهن } من النساء خاصة

 وقيل عام إذا لم تعرف ري

٥٦

 وقوله جل وعز { إن اللّه وملائكته يصلون على النبي } آية 

 قال أبو مسعود الأنصاري أتانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا اللّه جل وعز أن نصلي عليك يارسول اللّه فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأ

 ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم قولوا اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين

إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم

 وروى المسعودي عن عون بن عبداللّه عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد اللّه أنه قال إذا صليتم على النبي صلى اللّه عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل اللّه يعرض ذلك عليه قالوا فعلمنا قال قولوا

 اللّهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة

 اللّهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون

والآخرون

 اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم آل إبراهيم إنك حميد مجيد

 اللّهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مج

٥٧

 وقوله جل وعز { إن الذين يؤذون اللّه ورسوله لعنهم اللّه في الدنيا

والآخرة } آية 

 قيل المعنى يؤذون أولياء اللّه

 وروى همام عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه عز وجل

 شتمني عبدي ولم يكن له أن يشتمني

 وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني

 فأما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا وأنا الأحد الصمد

 وأما تكذيبه إياي فإنه زعم أن لن يبعث

 يعني بعد الم

٥٨

 وقوله جل وعز { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا } لأية 

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يقعون في المؤمنين والمؤمنات بغير ما عمل

٥٩

 وقوله جل وعز { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } آية 

 قال أبو مالك والحسن كان النساء يخرجن بالليل في حاجاتهن فيؤذيهن المنافقون ويتوهمون إنهن إماء فأنزل اللّه جل وعز

{ يا أيها النبي قل لأزواجك } إلى آخر الآية

 قال الحسن ذلك أدني أن يعرف أنهن حرائر فلا يؤذين

 قال الحسن تغطي نصف وجهها

 وكان عمر إذا رأى أمة قد تقنعت علاها بالدرة

 قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن قوله تعالى { يدنين عليهن من جلابيبهن } فقال تغطي حاجبها بالرد

 ثم ترده على أنفها حتى تغطي رأسها ووجهها وإحدى عينيها

 قال مجاهد يتجلببن حتى يعرفن فلا يؤذين بالق

٦٠

 وقوله جل وعز { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم } آية 

 قال قتادة كان ناس من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم فأنزل اللّه جل وعز { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم } أي لنحرشنك عليهم

 وقال مالك بن دينار سألت عكرمة عن قوله { والذين في قلوبهم مرض } فقال الزنى وكذلك شهر بن حوشب

 وقال طاووس نزلت هذه الآية في أمر النساء

 وقال سلمة بن كهيل نزلت في أصحاب الفوا

 ثم قال جل وعز

 ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } آية 

 يجوز أن يكون المعنى إلا وهم قليل

 ويجوز أن يكون المعنى إلا وقتا قلي

٦٩

 وقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه اللّه مما قالوا وكان عند اللّه وجيها } آية 

 حدثنا محمد بن إدريس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة في هذه الآية { لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه اللّه مما قالوا } قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن موسى صلى اللّه عليه وسلم كان رجلا حييا ستيرا لا يكاد يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل وقالوا ما يستتر هذا التستر

إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة وإما آفة وإن اللّه عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا وإن موسى خلا يوما وحده فوضع ثوبه على ح

 ثم اغتسل فلما فرغ من غسله أقبل إلى ثوبه ليأخذه وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر وجعل يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأوه مما قالوا له وإن الحجر قام فأخذ ثوبه فلبسه قال فطفق بالحجر ضربا قال فواللّه إن في الحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا

 وروى سفيان بن حسين عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن علي عليه السلام في قوله جل وعز { لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه اللّه مما قالوا } قال صعد موسى وهارون صلى اللّه عليهما وسلم إلى الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو إسرائيل لموسى أنت قتلته كان ألين لنا منك وأشد حبا فأوذي في ذلك فأمر اللّه جل وعز الملائكة فحملته

فمروا به على مجالس بني إسرائيل فتكلمت الملائكة بموته حتى علمت بنو إسرائيل أنه مات فدفنوه فلم يعلم موضع قبره إلا الرخم فإن اللّه قد جعله أصم أبكم

 قال أبو جعفر والمعنى لا تؤذوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم كما آذى قوم موسى موسى فبرأه اللّه مما قالوا مما رموه به من الأمرين جميعا

 { وكان عند اللّه وجيها } أي كلمه تكلي

٧٠

 وقوله جل وعز { يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وقولوا قولا سديدا } آية 

 قال مجاهد { وقولوا قولا سديدا } أي سدادا

 وقال الحسن أي صد

٧٢

 وقوله جل وعز { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها }

آية   

 في هذه الآية أقوال

 منها أن المعنى على أهل السموات

 ويكون معنى { عرضنا } أظهرنا كما تقول عرضت المتاع

 ويكون { فأبين } على لفظ الأول لأنهم لم يحملوها كلهم ويكون المعنى فأبوا أن يقبلوها

 { وحملها الإنسان } أي تكلفها وكلهم قد كلفها

 وقيل لما حضرت آدم صلى اللّه عليه وسلم الوفاة أمر أن يعرض الأمانة على الخلق فعرضها فلم يقبلها إلا بنوه

 وقول ثالث هو الذي عليه أهل التفسير

 حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال قوله تعالى { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال } قال الأمانة الفرائض عرضها اللّه على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين اللّه جل وعز ألا يقوموا

 ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } غرا بأمر اللّه جل وعز

 وقال مجاهد عرض اللّه الثواب والعقاب على السموات والأرض والجبال فأبين ذلك وأشفقن منه وقيل لأدم فقبله فما أقام في الجنة إلا ساعتين

 وقال سعيد بن جبير عرضت الفرائض على السموات والأرض والجبال فأشفقن منها وامتنعن وقبلها آدم صلى اللّه عليه وسلم

 وقال عبد اللّه بن عمر عرض على آدم الثواب والعقاب

 وقال الضحاك الأمانة الطاعة عرضت على السموات والأرض والجبال إن خالفنها عذبن فأبين وحملها الإنسان

 وقال قتادة عرضت الفرائض على الخلق فأبين إلا آدم صلى اللّه عليه وسلم

 قال أبو جعفر وهذ الأقوال وهي أقوال الأئمة من أهل التفسير تتأول على معنيين

 أحدهما  أن اللّه جل وعز جعل في هذه الأشياء ما تميز

 ثم عرض عليها الفرائض والطاعة والمعصية

 والمعنى الآخر أن اللّه جل وعز ائتمن ابن آدم على الطاعة وائتمن هذه الأشياء على الطاعة والخضوع فخبرنا أن هذه الأشياء لم تحتمل الأمانة أي لم تخنها يقال حمل الأمانة واحتملها أي خانها وحمل إثمها

 وقيل المعنى وحملها الإنسان ولم يقم بها فحذف لعلم المخاطب بذلك فقال جل وعز { قالتا أتينا طائعين } وقال { وإن منها لما يهبط من خشية اللّه }

 { وحملها الإنسان } أي خانها وحمل إثمها

 قال الحسن { وحملها الإنسان } أي الكافر والمنافق

٧٣

 قال أبو جعفر وقول الحسن يدل على التأويل الثاني ويدل عليه أيضا قوله { ليعذب اللّه المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب اللّه على المؤمنين والمؤمنات وكان اللّه غفورا رحيما }   تمت بعونه تعالى سورة الأحزاب

﴿ ٠