سورة الأحقاف

مكية وآياتها  آية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الأحقاف وهي مكية

٣

  من ذلك قوله جل وعز { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } آية 

 أي إلاقامة الحق

 ثم قال { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } آية 

 أي أعرضوا بعدما تبين لهم الحق من خلق اللّه عز وجل

٤

 ثم احتج عليهم فيما يعبدون فقال { قل أرأيتم ما تدعون من دون اللّه } آية 

 المعنى ما تدعونه إلها من دون اللّه

 { أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات }

 أي في خلق السموات

 { ائتوني بكتاب من قبل هذا } أي بكتاب فيه برهان على ما قلتم

 { أو أثارة من علم }

 قال مجاهد أحد يأثر علما

 وقال الحسن شيء يثار أو يستخرج

 وقال أبو عبيدة { أثارة } بقية

 قال ابو جعفر وهذه القوال متقاربة لأن البقية هو شيء يؤثر ومعروف في اللغة أن يقال سمنت الناقة على أثارة أي على بقية من سمن

 ويقرأ{ أو أثرة }

 روى أبو سلمة عن ابن عباس{ أو أثرة من علم } قال الخط

 حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجريجي حدثنا بندار أنبأنا يحيي بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أم سلمة عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى{ أو أثرة من علم } قال الخط

 وروى سعيد عن قتادة { أو أثارة من علم } قال خاصة من علم

 قال أبو جعفر يقال لفلان عندي أثرة أو أثرة أي شيء أخصه به ومنه آثرت فلانا على فلان

 ويجوز أن يكون { أثارة } خبرا عن بعض الأنبياء صلى اللّه عليهم من أثرت الحديث وذا قول أبي عبيدة

٨

 وقوله جل وعز { هو أعلم بما تفيضون فيه } آية 

 قال مجاهد أي تقولونه

٩

 وقوله جل وعز { قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } آية 

 قال مجاهد في قوله تعالى { قل ما كنت بدعا من الرسل } أي أول من أرس

 وقوله تعالى { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } وقد قال في موضع آخر { ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر }

 فالجواب في هذا أنه ليس من ذاك وإنما المعنى واللّه أعلم وما أدري ما يفعل بي ولا بكم من جدب أو غيره

 ويبين هذا أنه يروى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رأى رؤيا سرت أصحابه فاستبطأوا تأويلها فأنزل اللّه جل وعز { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم }

١٠

 وقوله جل وعز { قل أرأيتم إن كان من عند اللّه وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم } آية   

 قيل في الكلام حذف لعلم السامع به

 والمعنى أرأيتم إن كان من عند اللّه وشهد شاهد من بني إسرائيل ممن تثقون به وتقفون على صدقه وعلمه على ما شهد النبي صلى اللّه عليه وسلم وكفرتم به أليس قد غررتم وأتيتم أمرا قبيحا واجترأتم عليه

 فأما الشاهد من بني إسرائيل فقيل إنه عبد اللّه بن سلام

 روى مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول لأحد يمشي

على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد اللّه بن سلام وفيه نزلت { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم }

 وقال الحسن ومجاهد والضحاك { وشهد شاهد من بني إسرائيل } عبد اللّه بن سلام

 قال أبو جعفر وفي الآية قولان آخران

 أ قال مسروق ليس هو عبد اللّه بن سلام لأن السورة مكية والمعنى لموسى صلى اللّه عليه وسلم والتوراة وأهل الكتاب أنزل اللّه جل وعز التوراة على موسى فآمن بها أهل الكتاب { وكفرتم به } مخاطبة

لقريش قال { سبقونا إليه } يعني أهل الكتاب

 ب روى ابن عون عن الشعبي في قوله تعالى { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } قال هو رجل من أهل الكتاب وليس بعبد اللّه بن سلام لأن السورة مكية وإنما اسلم عبد اللّه بن سلام قبل وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم بعامين

 قال أبو جعفر هذا الاعتراض لا يلزم وسئل محمد بن سيرين عن هذا بعينه فقال كانت الآية تنزل فيقال لهم ألحقوها في سورة كذا وكذا

 قال أبو جعفر فهذا جواب عن ذاك

 ويجوز أن تكون الآية نزلت بمكة ويكون المعنى أرأيتم إن كان من عند اللّه وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله أتؤمنون

 وقال الحسن نزل هذا بمكة فآمن عبد اللّه بن سلام

بالمدي

١١

 ثم قال جل وعز { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه } آية     قال مسروق هم أهل الكتاب

 وقال الحسن اسلم وغفار فقالت قريش لو كان خيرا ما سبقونا إليه

 وقوله جل وعز { وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين } آية  

فيه جوابان

 أحدهما  أن المعنى مصدق له أي لكتاب موسى صلى اللّه عليه وس

١٢

 ثم حذف لأن قبله { ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة }

 و { عربيا } حال و { لسانا } توطئه للحال أي توكيد كما يقال جاءني زيد رجلا صالحا ويقوي هذا أنه في قراءة عبد اللّه{ وهذا كتاب مصدق لما بين يديه لسانا عربيا }

 والجواب الآخر أن يكون { لسانا } مفعولا يراد به النبي صلى اللّه عليه وسلم ويكون المعنى ذا لسان عربي

 ثم قال { لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين } آية  

 يجوز أن يكون المعنى وهو بشرى

 وأن يكون المعنى وتبشر المحسنين بشرى

١٣

 وقوله جل وعز { إن الذين قالوا ربنا الل

 ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } آية   

 قد بينا معنى

 ثم استقاموا } فيما تقدم

١٥

 وقوله جل وعز { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا } آية   { إحسانا } أي يحسن إليهما إحسانا

  ثم قال تعالى { حملته أمه كرها ووضعته كرها } آية   

 ويقرأ { كرها } بفتح الكاف وهو عند بعض العربية لحن لأنه يفرق بينهما

 قال الحسن ومجاهد وقتادة الكره المشقة

 والفراء وجماعة من أهل العربية يذهبون إلى أن الكره بفتح

الكاف القهر والغصب فعلى هذا القول يكون لحنا

 وقال الكسائي الكره والكره بمعنى واحد و كذلك هو عند البصريين جميعا لا اعلم بينهم اختلافا لأن الكره المصدر والكره اسم بمعناه

  وقوله جل وعز { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } آية   

 قال مجاهد سالت ابن عباس عن قوله تعالى { حتى إذا بلغ أشده } فقال بضعا وثلاثين سنة

 قال مجاهد ثلاثا وثلاثين

 قال أبو جعفر وقيل الأ

 ثماني عشرة سنة

 والأول أشبه لاتساق الكلام الا ترى أن بعده { وبلغ أربعين سنة }

 وأيضا فإن البالغ ثلاثا وثلاثين سنة أولى بهذا الاسم لأنه أكمل

  وقوله جل وعز { قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي } آية   

 روى أحمد بن عبد اللّه بن يونس عن أبي بكر بن عياش في قوله تعالى { أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي } قال هو أبو بكر الصديق فلم يكفر له أب ولا

أم قال { أوزعني } ألهمني

١٧

  وقوله جل وعز { والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي } آية   

 قال الفراء { أف لكما } أي قذرا لكما { أتعدانني أن أخرج }

 روى سعيد عن قتادة قال هذا عبد سوء نعته اللّه جل وعز قال لوالديه أتعدانني أن أبعث

٢٠

  وقوله جل وعز { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } ) ( آية  )

 وقرأ يزيد بن القعقاع { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا }

بالاستفهام

 قال أبو جعفر العرب تقرر وتوبخ بالاستفهام وغير الاستفهام

 ويروى ان عمر رضي اللّه عنه رأى جابر بن عبد اللّه ومعه إنسان يحمل شيئا فقال ما هذا فقال لحم اشتريته بدرهم فقال أكلما قام أحدكم اشترى لحما بدرهم واللّه لو شئت أن أكون أطيبكم طعاما والينكم ثوبا لفعلت ولكن اللّه يقول { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } فأنا اترك طيباتي

  وقوله جل وعز { فاليوم تجزون عذاب الهون } آية 

 قال مجاهد الهون الهوان

٢١

  وقوله جل وعز { واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } آية  

 قال قتادة كانت عاد أحياء من اليمن منازلهم عند الرمال والدكاوات

 قال أبو جعفر الحقف عند أهل اللغة الرمل المنحني وجمعه حقفة وأحقاف وفي الحديث أن النبي صلى اللّه عليه وسلم مر بظبي حاقف أي منحن متثن

٢٢

  وقوله جل وعز { قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا } آية 

 معنى { لتأفكنا } لتصرفنا

٢٤

  وقوله جل وعز { فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا } آية

 أي فلما رأوا الذي أوعدوا كسحاب عارض قد اعترض فيه عذاب ولم يعلموا أن فيه عذابا قالوا هذا عارض ممطرنا

 روى طاووس عن ابن عباس قال كان لعاد واد إذا جاء المطر أو الغيم من ناحيته كان غيثا فأرسل اللّه عليهم العذاب من ناحيته فلما وعدهم هود صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب ورأوا العارض قالوا { هذا عارض ممطرنا } قال لهم هود عليه السلام { بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم } فقالوا كذبت كذبت فقال اللّه جل وعز { فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم }

٢٦

  وقوله جل وعز { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة } آية 

 قال قتادة أنبأنا اللّه أنه قد مكنهم في شيء لم يمكنا فيه

قال أبو جعفر فإن على هذا القول بمعنى ما

 وقد قيل انها زائدة والأول أولى لأنه لا يعرف زيادتها إلا في النفي وفي الإيجاب أن بالفتح

٢٩

  وقوله جل وعز { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن } آية  قال زر بن حبيش كانوا تسعة نفر

٣٥

  وقوله جل وعز { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } آية 

 قال قتادة هم أربعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلى اللّه عليهم

 وقال مجاهد وعطاء الخرساني أولو العزم من الرسل خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى اللّه عليهم

  وقوله جل وعز { بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } آية 

 أي ذلك بلاغ

 وقرأ عيسى بن عمر { بلاغا } وقرأ أبو مجلز { بلغ } على الأمر

  ثم قال جل وعز { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } آية 

 أي فهل يهلك مع رحمة اللّه وتفضله إلا القوم الفاسقون

 تم تفسير سورة الأحقاف

﴿ ٠