معاني القرآن وإعرابه – للزَّجَّاجأبو إسحاق إبراهيم السَّرِي بن سَهل الزَّجَّاج (ت ٣١١ هـ ٩٢٤ م) _________________________________ وقام الفقير إلى عفو ربه الكريم القدير بتصويبه والحمد للّه أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً. بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الكتاب : معاني القرآن وإعرابه - للزَّجَّاج المؤلف : أبو إسحاق إبراهيم السَّرِي بن سَهل " المعروف بـ الزَّجَّاج " الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات مصدر الكتاب نسخة مصورة قام الشيخ الجليل نافع - جزاه اللّه خيرا - بتحويلها وقام الفقير إلى عفو ربه الكريم القدير بتصويبه والحمد للّه أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً. * * * * * * * * * * * * تنبيهات مهمة وضرورية أولاً : بخصوص الكتاب فمحاسنه وفوائده وفرائده فاقت الحصر ولكن يؤخذ عليه أمران : أولهما : ذكره لبعض الإسرائيليات دون إقرار إنكار. و الثاني : الطعن في بعض القراءات المتواترة والترجيح بينها ، شأنه في ذلك شأن بعض المفسرين كالإمام الطبري والزمخشري. ثانيا بخصوص تحقيق الكتاب وطباعته وجدت بعض الأمور المخجلة والتي ضاق بها صدري مما يجعلني أجزم بأن تحقيق هذا الكتب وإخراجه بهذه الصورة الرديئة عمل سوقي لا يتناسب مع جلال هذا السفر العظيم وقدره غفر اللّه لنا ولمحقق الكتاب وأصحاب الدار التي تولَّت نشره لكني أحمدُ اللّه أن وفقني لجبر هذا الكسر - قدر طاقتي المحدودة : هذه الأمور تتلخص في الآتي : ١ - تصحيف وأخطاء في الآيات القرآنية وعدم صحة الضبط في كثير من المواضع. ٢ - وضع تفسير بعض الآيات في غير موضعها ٣ - إهمال التشكيل والضبط في المقارنة بين القراءات المتنوعة بل أحيانا يقلب التشكيل فيشكل الأمر على القارئ مما جعل جهدي مضاعفاً ٤ - أخطاءٌ فاقت الحصر في الأبيات الشعرية ٥ - عشرات الكلمات المشتبهة في المخطوط ينقلها المحقق كما هي دون تصويب ولم يكلف نفسه الرجوع إلى كتب اللغة والتفسير والقراءات لتصويبها الوقوف على الحق فيها ، بل من العجيب أنه يحاول أن يفسرها في تعليقاته وفق فهمه ، وأَذكر مثالاً واحداً لذلك فقط في قوله تعالى في سورة النجم (عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) وقرئت (عِنْدَهَا جَنَّهُ الْمَأْوَى) - بالهاء - انتهى نص الكتاب والمراد جَنَّهُ (فعل ماض بمعنى ستره المأوى) لكنه المحقق كتبها هكذا (عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى) وعلق عليها بقوله (أي المهوى) فهل سمعتم بجنة المهوى ٦ - وفقنا اللّه تعالى لتصويب ذلك كله إما من لسان العرب التفاسير - خصوصاً - تفسير (زاد المسير) لابن الجوزي فقد كان كثير النقل عن الزجاج - رحمهما اللّه - ٧ - زَيَّنتُ الكتاب بتعليقاتٍ للعلامة السَّمين الحلبي زيادة في الإيضاح وهو نور يضاف إلى أنوار هذا الكتاب النفيس ٨ - أضفت بعض تعليقات المفسرين كالإمام فخر الدين الرَّازي والإمام زين الدين محمد بن أبى بكر الرَّازى على بعض الآيات المشكلة كقوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) وقوله تعالى في حق أهل الجنة والنار (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ٩ - تمَّ الرد على ما ذكر من إسرائيليات في الكتاب وإن كانت قليله. ١٠ - الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينَ تَمَّ كتابةُ سورة النَّاسِ من مخطوط معاني القرآن وإعرابه للزجاج ، وجزى اللّه أخانا المفضال " محمود الشويحي " خيراً فقد أرشدنا إلى بحث للدكتور حاتم صالح الضامن - كتب اللّه أجره - يحتوي على نسخة فيها تفسير سورة النَّاسِ للزَّجَّاج. ١١ - الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات أخرج الكتاب الآن بصورة مرضية ، ومن وجد خطأ فليصلحه برفقٍ ، وليعلم أنَّ الكمالَ لم يحظَ به كتابٌ قط إلا القرآن * * * أسأل اللّه أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم سورة الفاتحة١بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَال أبو إسحاق إِبراهيمُ بنُ السَّري الزجَّاج : هذا كتاب مختصر في إِعرَاب القُرآنِ ومَعَانِيه ، وَنَسْألُ اللّه التَّوْفِيق فِي كُل الأمُورِ. قوله عزَّ وجلَّ : (بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) : الجالب للباءِ معنى الابتِدَاء ، كَأنَّك قُلْتَ : بَدَأتُ بِاسْم اللّه الرحمن الرحيم ، إِلا أنَّهُ لم يُحْتَج لذكر " بَدأت " لأن الحال تنبئ أنك مبتدئ. وسقَطت الألف من باسم اللّه في اللفظ وكان الأصلُ : " باسم اللّه " لأنها ألف وصل دخَلتْ ليتَوَصلَ بِهَا إِلى النُطْقِ بالسَّاكِن . والدَّلِيل على ذلِكَ أنَّك إذَا صغرت الاسم قلت سُمَيٌّ والعرب تقول : هَذا اسم ، وهذا اسم ، وهذا سِمٌ. قال الرَّاجزُ : بِاسمِ الذي في كل سُورَةٍ سِمُهُ . وسُمه أيضاً روى ذلِك أبُو زَيد الأنصَارِيّ وَغَيْرُه من النَّحويينَ ، فَسَقَطَت الألف لمَا ذكَرْنَا. وكذلك قولك : " ابن " الألف فيه ألف وصل ، تقول في تصغيره " بُنَى). ومعنى قولنا اسم : إنَّه مشتق من السمو ، والسمو الرفعة ، والأصل فيهِ سَمَو - بالواو - على وزن جَمَل ، وجمعه أسْمَاء ، مثل قِنْو وأقناءٍ ، وحَنْو وأحْنَاء. وَإنَّما جُعِلَ الاسْم تنويهاً باسم اللّه على ؛ لأنَّ تحتَ الِإسْمَ. ومنْ قال : إِنَّ اسْما مأخوذ من " وَسَمْتُ " فهو غلط ، لأنَّا لا نعرف شيئاً دخلته ألف الوصل وحُذفت فاؤُه ، أعني فاءَ الفعل ، نحو قولك " عِدَة " و " زِنَة ". وأصْله " وعْدة " و " وَزْنة). فلو كان " اسم " وسمة لكان تصغيره إذا حذفت منه ألف الوصل " وُسَيْم " ، كما أن تصغيرَ عِدة وَصِلة : وُعَيْدة ، ووُصَيْلة ، ! ولا يقْدِر أحَد أنْ يَرى ألِف الوَصْلَ فيما حذفَتْ فاؤه من الأسماء. وسقطت الألف في الكتاب من " بِسْم اللّه الرحمن الرحيم " ولم تسقط في (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) لأنه اجتمع فيها مع أنها تسقط في اللفظ كثرةُ الاسْتعمَال. وزعم سيبويه أن معنى الباء الإلصاق ، تقول كتبتُ بالقلم والمعنى أن الكتابة ملصقة بالقلم ، وهي مكسورة أبداً لأنه - لا معنى لها إِلا الخفض فوجب أن يكون لفظها مكسوراً ليفصل بين ما يجُر وهو اسم نحو كاف قولك كزيد ، وما يجر وهو حرف نحو بزيد ، لأن أصل الحروف التي يُتَكلم بها وهي على حرف واحد الفتحُ أبداً إلا أن تجِيءَ علة تزيلُه لأن الحرف الواحد لا حظ له في الإِعراب ، ولكن يقع مبتدأ في الكلام ولا يبتدأ بساكن فاختير الفتح لأنه أخف الحركات ، تقول رأيت زيداً وعمراً ، فالواو مفتوحة ، وكذلك فعمراً الفاءُ مفتوحة ، وإِنما كسرت اللام في قولك : " لِزَيد " ليفصل بين لام القسم ولام الِإضافة. ألاترى أنك لوقلت : إِنَّ هذا لِزيدٍ علم أنه ملكه. ولو قلت : " إِن هذا لَزَيدٌ " علم أنَّ المشار إِليه هو زَيد فلذَلكَ كُسِرَت اللام في قولك لِزَيْدٍ ولو قلت : إِنَّ هذا المال لَكَ ، وإِنَ هذا لأنْت فتحت اللام لأنَّ اللبس قد زال . والذي قلناه في اللام هو مذهب سيبويه ويونس والخليل ، وأبي عمرو بن العلاء وجميع النحويين الموثُوقِ بِعلْمِهِمْ. وكذلك تقول : أزَيْد في الدار ؛ فالألف مفتوحة وليْس في الحُروف المبتدأة مما هو على حرفٍ (حرفٌ) مكسور إِلا الباءُ ولام الأمر وحْدهما وإنما كسرتا للعلة التي ذكرنا ، وكذلك لام الِإضافة ، والفتح أصلها. وأما لام كي في قولك : جئتُ لِتَقُومَ يا هذا ، فهي لام الإضافة التي في قولك " المالُ لِزَيدٍ " ، وإنما نُصبت تقوم بإضمار " أنْ " " كَيْ " الًتي في معنى " أنْ " ، فالمعنى : جئتُ لِقيَامِك. وما قلناه في اشتقاق " اسم " قول لا نعلم أحَداً فسره قَبْلنا . وأمَّا قولك : ليضْربْ زيد عمراً ، فإنما كسرت اللام ليُفْرقَ بينها وبين لام التوكيد ، ولا يبالى بشبهها بلام الجر لأنَّ لام الجر لا تقع في الأفعال ، وتقع لام التوكيد في الأفعال ، ألا ترى أنك لو قلت : لَتَضْرِبْ وأنت تأمر لأشبه لام التوكيد إذا قلت : إنك لتَضْرِبُ. فهذا جملة ما في الحروف التي على حرف واحد. فأما اسم اللّه عزَّ وجلَّ فالألف فيه ألفُ وصل ، وأكْرهُ أنْ أذكر جميع ما قال النحويون في اسم اللّه أعني قولنا (اللّه) تنزيهاً للّه عزَّ وجلَّ. ** بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
﴿ ١ ﴾