٢قوله عزَّ وجلَّ : (الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) (معنى الْحمْد الشُّكْرُ والثناءُ على اللّه تعالى . . الحمدُ رفع بالابتداءِ ، و (للّه) إِخباز عَنِ الْحمْدِ والاختيارُ في الكلَامِ الرفْعُ ، فَأمَّا القُرآنُ فلا يُقْرأ فِيه (الحمدُ) إِلا بالرفع ، لأن السُّنة تتبع فِي القرآن ، ولَا يُلْتَفَتُ فِيَه إِلى غَير الرِّوايةِ الصحِيحَةِ ائَتي قدْ قرأ بها القُراءُ المشْهُورُونَْ بالضَبطِ والثِّقةِ ، والرفعُ القَرَاءَةُ ، ويجوز ُ في الكلام أن تقول " الحَمْدَ " تريد أحْمَد اللّه الْحَمْدَ فاستغنيْت عن ذِكْرِ " أحْمَد " لأن حَالَ الحَمدُ يجب أن يكونَ عليها الْخَلْقُ ، إلا أنَّ الرفْعَ أحْسَنُ وأبلغ في الثناءِ على اللّه عزَّ وجلَّ. وقد رُوي عن قوم من العرب : " الحمدَ للّه " و " الحمدِ للّه " ، وهذه لغة من لا يُلْتَفَتُ إِليه ولا يتشاغل بالرواية عنه. وإِنَما تشاغلْنَا نحنُ بِرِواية هذا الحرف لِنُحَذِّرَ الناس من أنْ يَسْتعْمِلُوه ، يَظن - جاهل أنه يجوز ُ في كِتاب اللّه عزَّ وجلَّ ، فِي كَلَامٍ ، وَلَمْ يأتِ لهذَا نظير في كَلام العَرب . ولا وَجْه لَه. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (رَبِّ الْعَالَمِينَ) قد فسرنا أنه لا يجوز ُ في القرآن إِلا (رَبِّ الْعَالَمِينَ الرحمَنِ الرحيمِ) وَإِنْ كان المرفع والنصب جائزين " في الكلام ، ولا يتخَير لكتاب اللّه عزَّ وجلَّ إلا اللفظ الأفْضل الأجْزَل. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (العالمين) معناه كلُ مَا خلق اللّه ، كَمَا قَال ؛ (وَهوَ ربُّ كل شيءٍ) وَهُوَ جَمْع عَالَم ، تَقول : هُؤلاءِ عَالَمونَ ، ورأيتُ عالَمِين ، ولا واحدَ لعَالَمٍ منْ لَفْظه لأن عالَماً جمع لأشياء مختلفة ، وأنْ جُعل " عَالَم " لواحد منها صار جمعاً لأشْياء مُتَفِقَة. والنُونُ فُتِحَت في العَالمين لأنَّها نُونُ الْجَمَاعَة وزعم سيبويه أنَّها فتحت ليفرق بينَها وبينَ نون الِإثْنين ، تقول : هذان عالمانِ ، يا هذا ، فتكسر نونَ الِإثنين لالتقاء السَّاكنين ، وهذا يُشْرح في موضِعه إِنْ شاءَ اللّه ، وكذلك نون الجماعة فتحت لالتقاء السَّاكنين ، ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الواو والياء ألا ترى أنك تقول " سَوْفَ " أفعل فتفتح الفَاءَ من " سوْف " لالتقاء السَّاكنين ، ولم تَكْسِر لثقل الكسرة بعد الواو وكذلك تقول : أيْنَ زيد فتفتح النون لالتقاء السَّاكنين بعد الياءِ. |
﴿ ٢ ﴾