٣

وقوله عزَّ وجلَّ : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

هذه الصفات للّه عزَّ وجلَّ ، معناه فيما ذكر أبو عبيدة : ذو الرحمة.

ولا يجوز أنْ يُقَال " الرحْمَنُ " إلَّا للّه ، وإنما كان ذَلك لأن بناءَ فَعْلان من أبنية

ما يُبالغُ في وَصْفِهِ ، ألا ترى أنك إذَا قُلْت غضْبانَ فمعناه الْمُمْتلئ غَضَباً.

فَرحْمنُ الَّذي وَسِعَتْ رحْمَتُهُ كل شي فلاَ يَجوزُ أنْ يُقَال لغير اللّه رحمن.

وخُفِضَتْ هذه الصفَاتُ لأنها ثَناء على اللّه - عزَّ وجلَّ - فكان إعرابُها إعراب اسْمه ، ولو قلت فِي غَيْرِ القُرآنِ : بسم اللّه الكريمَ والكريمُ ، والحمد للّه رب العالمين ، ورب العالَمينَ : جاز ذلك ، فمن نصب ربَّ العالمين فإنما ينْصبُ

لأنَّهُ ثَنَاء على اللّه ، كأنه لَمَّا قَال : الحمدُ للّه اسْتدل بهذَا إللفْظِ أنه ذاكر اللّه ، ف رَبِّ الْعَالَمِينَ - كأنه قال أذْكُرُ ربَّ العالمين ، وإِذا قال ربُّ العالمين فهو على قولك : هو ربُّ العالمين : قال الشاعر :

وكل قوم أطاعوا أمْرَ مُرْشِدهم . . . إِلا نُمَيرا أطاعتْ أمر غَاوِيهَا

الطاعِنِينَ ولما يُظْعِنُوا أحَداً . . . والقائِلِينَ لِمنْ دارٌ نخَلِّيهَا

فيجِوز أن يُنْصب " الظأعنين " على ضربين : على إنَّه تابع نُميْرا ، وعلى

الذمِ ، كأنَّه قال : أذْكُر الظاعِنِينَ ، ولك أَن تَرْفَعَ تريدُ هم الظاعنون ، وكذلك لك في " الْقَائِلينَ " النصبُ والرفعُ ، ولك أنْ ترفَعهُما جميعاً ، ولك أنْ تنْصِبهما جمِيعاً ، ولك أن ترفَع الأول وتنصب الثانِي ، ولك أن تنْصِبَ الأولَ وترفَعَ الثاني . لا خلاف بين النحويين فيما وَصَفْنا .

﴿ ٣