٥

وقوله عزَّ وجلَّ : (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)

موضع (أولئك) رفع بالابتداء ، والخبر : (عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ).

إلا أن أُولَئِكَ لا يعرب لأنه اسم للِإشارة ، وكسرت الهمزة فيه لالتقاءِ السَّاكنين.

وكذلك قوله (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، إلا أنَّ (هُمْ) دخلت فصلاً ، وإن

شئت كانت تكريراً للاسم ، كما تقول زيد هو العالمُ ، فترفع زيداً بالابتداء.

وترفع (هو ابتداءً ثانياً ، وترفع العالم خبراً " لهو " ، والعالم خبراً لزيد.

فكذلك قوله أُولَئِكَ هم المفلحون) وإن شئت جعلت (هو) فصلاً وترفع

زيداً والعالم على الابتداءِ وخبره ، والفصل هو الذي يسميه الكوفيون عماداً.

و " سيبويه " يقول إن الفصل لا يصلح إلا مع الأفعال التي لا تتم

نحو كان زيد هو العالم ، وظنتت زيداً هو العالِمَ".

وقال سيبويه دخل الفصل في قوله عزَّ وجلَّ : (. . تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّه هُوَ خَيْرًا) وفي  (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّه مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ) - وفي  (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ). وفي  (وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ).

وما أشبه هذا مما ذكر اللّه عزَّ وجلَّ.

وكذلك (لك) في الكلام في الابتداء والخبر ، وفي قولك كان زيد هو

العالم ذكرُ هو ، وأنت ، وأنا . ونحن ، دخلت إعْلاماً بأن الخبر مضمون وأن

الكلام لمْ يتم ، وموضع دخولها إذا كان الخبر معرفة  ما أشبه المعرفة.

وأن " هو " بمنزلة " ما " اللغْوِ في قوله عزَّ وجلَّ :

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّه لِنْتَ لَهُمْ) فإنما دخول كا مؤَكدة.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (المفْلحون).

يقال لكل من أصاب خيراً مفْلح -

وقال عَزَّ وجَل : (قَدْ أفلح المؤمنون) - وقال ، : (قدْ أفْلح مَن زكَاها). والفلاح البقاء

قل لبيد بن ربيعة :

نحُل بلاداً كلها حُل قبْلنا . . . ونرجُو الفلاح بعد عادٍ وتبَّعا

أي نرجو البقاءَ.

وقال عبيد :

أفْلِح بما شئْت فَقَدْ يد . . . ركِ بالضعْف وقد يُخْدع الأريب

أي أصب خيراً بما شئت.

والفَلاح : الأكار ، والفِلَاحَة صنَاعَتُه ، وإنِما قيل له الفَلاح لأنه يَشُق الأرض ويقالَ فلحت الحديد إذا قطعته.

قال الشاعر :

قد علمت خيلك انِي الصَّحْصَحُ . . . إن الحَدِيد بالحديد يُفْلَح

ويقال للمكاري الفلاح ، وإنما قيل له فلاح تشبيهاً بالأكار.

قال الشاعر

لها رطل تكيل الزيت فيه . . . وفَلاح يسُوق لهَا حِمَارا

* * *

﴿ ٥