١٤

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)

أنْبَأ اللّه الْمؤمِنِينَ بِمَا يُسِره المنافقونَ مِنَ الكُفْرِ ومعنى شَيَاطِييهمْ في

اللغة : مَرَدَتُهُمْ ، وعُتَاتُهُمْ في الكفر ، ويقال خلوت إِليه ومعه ، ويقال خلوت

به ، وهو على ضربين : أحدهما جعلت خَلْوتي معه ، كما قال : خَلَوْتُ إِليه

(أي جعلت خلوتي معه) ، وكذلك يقال خَلَوْتُ إِليهِ ، ويصلح أن يكون

خلوت بِهِ سخرت منه.

ونصب (معكم) كنصب الظروف ، تقول : إِنا معكم وإِنا

خَلْفَكم معناه إِنا مستقرون معكم ومستقرون خلفكم.

والقراءَة المجمَعُ عليها فتح العَين وقد يجوز في الاضطرار إسكان العين ، ولا يجوز أن يقرأ بها.

ويجوز إِنَّا مَعْكُمْ للشاعر إِذا اضطر قال الشاعر :

قَرِيشي منكمو وهواي مَعْكُمْ . . . وَإِن كانت زِيَارَتُكُمْ لِمَاما

وفي قوله عزَّ وجلَّ : (خَلَوْا إلَى). وجهان إن شئت أسْكَنْتَ الوَاو

وخففت الهمزة وكسرتها فقلت : (خلوْا إلَى) وإن شئت ألقيت الهمزة وكسرت الواو فقلت : " خَلَوِ ليى " وكذلك يقرأ أهل الحجاز وهو جيد بالغ ، و (إِنا) الأصل فيه "إننا" ، كما قال اللّه عزَّ وجلَّ : (إنَّنِي معَكُما) ولكن النون حذفت لكثرة النونات ، والمحذوف النون الثانية من إِن ، لأن في " إن " نونين الأولى ساكنة والثانية متحركة.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (إنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ).

نحن مبنية عفى الضم ، لأن نحن يدل على الجماعة ، وجماعة

المُضْمَرينَ يدل عليهم - إذا ثَنيتَ الواحدَ من لفظه - الميم والواو ، نحو

فعلوا ، وأنتم ، فالواو من جنس الضمة ، فلم " يكن بذ من حركة (نَحْنُ)

فحركت بالضم لأن الضم من الواو ؛ ألا ترى أن واو - الجماعة إذا حركت

لالتقاء السَّاكنين ضمت ، نحو (اشْتَرَوُا الضلاَلَةَ) ، وقد حركها بعضهم إلى

الكسر فقال : (اشتروِا الضلالة) ، لأن اجتماع السَّاكنين يوجب كسر الأولى إذا كانا من كلمتين ، والقراءة المجمع عليها : (اشتروُا الضلالةَ) بالضم ، وقد

رُويت : (اشْترَوَا الضلالة) ، بالفتح ، وهو شاذ جِدًّا.

و (مستهزئون) ؛ القراءَة الجَيدَةُ فيه ، تحقيق الهمزة فإذا خَففْتَ الهمزةَ

جعلْتَ الهمزةَ بين الواو ، والهمزة فقلت "مستهزؤون).

فهذا الاختيار بعد التحقيق .

ويجوز أنْ تُبْدِلَ من الهمزَةِ ياءً فتقول : " مستهزِيُونَ " فأما " مستَهْزون "

فضعيف لا وجه لَه إلا شاذًّا على لغة ، . من أبدل الهمزة ياء فقال في

استهزأت : استهزيت . فيجب على لغة ، استهزيت أن يقال ، مستهزون.

* * *

﴿ ١٤