١٥وقوله عزَّ وجلَّ : (اللّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) فيه أوجه من الجواب : فمعنى استهزاء اللّه بهم أنْ أظْهرَ لَهُمْ منْ أحْكامِهِ في الدنْيَا خلافَ مَا لهمْ في الآخرة ، كما أظهروا من الِإسلام خلاف ما أسَرُّوا. ويجوز أن يكون استهزاؤُه بهم : أخذه إِياهم من حيث لا يعلمون ، كما قال عزَّ وجلَّ : (سَنَسْتَدْرجُهمْ منْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُون). ويجوز - واللّه أعلم - وهوَ (الوجه) المختار عند أهل اللغة أن يكون معنى يستهزئُ بهم يُجازيهِمْ على هُزئِهِمْ بالعَذاب ، فسمَّى جزاءَ الذَنْب باسْمِه كما قال عزَّ وجلَّ : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) فالثانية ليست سيئة في الحقيقة ، ولكنها سميت سيئة لازدواج الكلام. وكذلك قوله عزَّ وجلَّ : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) فالأول ظلم والثاني ليس بظلم ولكنه جيءَ في اللغة باسم الذنب ليعلم أنَّه عقاب عليه وجزاء به. فهذه ثلاثة أوجه واللّه أعلم. وكذلك يجري هذا المجرى قوله عزَّ وجلَّ : (يُخَادِعُونَ اللّه وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (وَيَمْكرُونَ وَيَمْكرُ اللّه). * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ). معنى (وَيَمُدُّهُمْ) يُمْهِلْهم ، وهو يدل على الجواب الأول. و (في طغيانهم) (معناه) في غُلوِّهِمْ وكفرهم ، ومعنى يعمهون في اللغة يتحيرون ، يقال رجل عَمِهٌ وعَامِه ، أي متحير ، قال الراجز : وَمَهْمَه أطرافه في مَهْمَهِ . . . أعمَى الهُدَى بالجَاهِلِينَ العُمَّهِ * * * |
﴿ ١٥ ﴾