٤٦

وقوله عزَّ وجلَّ : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)

الظن ههنا في معنى اليقين ، والمعنى : الذين يوقنون بذلك ولو كانوا شاكين

كانوا ضُلالاً كافرين ، والظن : بمعنى اليقين موجود في اللغة ، قال دريد بن

الصمة :

فقُلْت لهم ظُنوا بألْفيْ مُقاتِل . . . سَراتهُمُ في الفارِسيّ المُسَرَّدِ

ومعناه أيقنوا . وقد قال : بعض أهل العلم من المتقدمين :

إِن الظن يقع في معنى العلم الذي لم تشاهده ، وإِن كان قام في نفسك

حقيقتُه وهذا مذهب ، إِلا أن أهل اللغة لم يذكروا هذا.

قال أبو إِسحاق : وهذا سمعته من إِسماعيل بن إِسحاق القاضي رحمه

اللّه رواه عن زيد بن أسلم . .

وقوله (أَنَّهُمْ) ههنا لا يصلح في موضعها إِنهم - بالكسر - لأن الظن

واقع فلا بد مِن أن تكونَ تِليه . أنَّ إلا أن يكون في الخبر لام.

ويصلح في (أَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) الفتح والكسر ، إِلا أن الفتح هو الوجه

الذي عليه القراءَة ، فإذا قلْت : وإنهُّم إِليه راجعون - في الكلام - حملت

الكلام عَلَى  كأنه " وهم إليه راجعون " ودخلت أنْ مَؤكْدة ، ولولا ذلك لما جاز أبطالك الظن مع اللام إذا قلت ظننت إنك لعالم.

ومعنى (مُلَاقُو رَبِّهِمْ) ملاقون ربهمْ لأن اسم الفاعل ههنا نكرة ولكن النون

تحذف استخفافاً ، ولا يجوز في القرآن إثباتها لأنه خلاف المصحف ، ولا يجوز أن يقع شيء في المصحف مجمع عليه فيخالف ، لأن اتباع المصحف أصل تباع السُنة.

* * *

﴿ ٤٦