٤٩وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) موضع إذ نصب ، كأنه قال : واذكروا إذ نجيناكم مِنْ آل فرعون ، وآلُ فرعَون أتْبَاعُه ومن كان على دينه ، وكذلك آلُ الأنبياءِ صلوات اللّه عليهم من كان على دينهم ، وكذلك قولنا : صلى اللّه على محمد وآله : معنى آله من اتبعه من أهل بيته وغيرهم ، ومعنى خِطابِهمْ هَهنَا تذكيرهم بالنعمة عليهم في أسلَافِهِمْ كما وصفنا. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (يَسُومُونكُمْ سُوءَ العَذابِ). معنى (يَسُومُونكُمْ) في اللغة . يولونكم ، ومعنى سوءَ العذابِ ، شديد العذاب ، وإن كان العذاب كله سوءًا ، فإنما نُكرَ في هذا الموضع لأنه أبلغ ما يعامل به مَرْعِيٌّ. فلذلك قيل سوءَ العذاب ، أي ما يبلغ في الإساءَة ما لا غاية بعده. وفسره ب (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) والقراءَة المجمع عليها - يُذَبِّحُونَ - بالتشديد - ورواية شاذة يَذْبَحُون أبناءَكم ، والقراءَة المجمع عليها أبلغ ، لأن (يُذَبِّحُونَ) للتكثير ، ويَذْبَحُونَ يصلح أن يكون للقليل وللكثير فمعنى التكثير ههنا أبلغ ، و (أبناءَكم) جمع ابن ، والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو ويقال : ابن بيَّن البنوة ، فهي تصلح أن تكون "فعَل" و " فِعْل" كأنه أصله بناية ، والذين قالوا بنون كأنَّهم جمعوا "بَنا" وبنون ، فأبناءُ جمع " فعَل وَفِعْل ". و "بِنْتٌ" يدل على أنه يَستقيم أن يكون فِعْلًا ، ويجوز أن يكون " فَعَل " نقلت إلى " فِعْل " كما نقلت أخت من فَعَل إلى فُعْل ، فأمَّا بنات فهو ليس بجمع بنت على لفظها ، إنما ردت إلى أصلها فجمعت بنات على أن الأصل في بنت "فِعْله" كأنَّها مما حذفت لامه ، وَالأخفش : يختار أن يكون المحذوف من ابن الواو قال : لأن أكثر ما تحذف الواو بثقلها . والياءُ تحذف أيضاً للثقل. قال أبو إِسحاق : والدليل على ذلك أن يداً قد أجمعوا على أن المحذوف منه الياءُ ولهم دليل قاطع على الإِجماع قال : يديت إِليه يداً ، ودم محذوف منه الياءُ ، يقال دم ودميان. قال الشاعر : فلو أنَّا على حَجَر ذبِخنا . . . جَرى الدَّميَانِ بالخَبَر اليقينِ والبنوًة ليست بشاهد قاطع في الواو ، لأنهم يقولون الفتوة والفتيان في التثنية - قال عزَّ وجلَّ : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِجْنَ فَتَيانِ). فابْن يجوز أن يكون المحذوف منه الواو الياءُ . وهما عندي متساويان. وقوله عزَّ وجل : (وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ). يعني : في النجاة من آل فرعون . والبلاءُ ههنا النعمة ، يروي عن الأحنف أنه قال : البلاءُ ثم الثناءُ ، أي الأنعام ثُمَّ الشكرُ. قال زهير : جزى اللّه بالِإحْسَان مَا فعَلا بِنَا . . . وأبلاهما خير البلاءِ الذي يبلو وقال اللّه عزَّ وجلَّ : (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا). * * * |
﴿ ٤٩ ﴾