٥٨

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)

الرغد : الواسع الذي لا يُعَنِّي.

و (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) أُمِرُوا بأن يدخلوا سَاجِدين.

(وَقُولُوا حِطَّةٌ) : ، هناه وقولوا مسألتنا حطة ، أي حط ذنوبنا عنا ، وكذلك

القراءَة ، ولو قرئ حطةً كان وجهها في العربية كأنهم قيل لهم ، قولوا

احْطُطْ عَنَّا ذنوبنا حطة . فحرَّفوا هذا القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي

أُمروا بها ، وجملة ما قالوا أنه أمْرٌ عظيم سماهم اللّه به فاسقين.

و (نغْفِرْ لَكُمْ) جزم جواب الأمر ،  أن تقولوا ما أمرتم به

نغْفرْ لكم خطاياكم ، وقرأ بعضهم " نغْفرْ لكم خطِيئَاتِكمْ " والقراءة الأولى أكثر ، فمن قال خطيئاتكمْ ، فهو جمع خَطِيئة بالألف والتاءِ ، نحو سفينة وسفينات ، وصحيفة وصحيفات ، والقرَاءَة كما وصفنا (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) ، والأصل في خطايا - خطائِئ فتجمع همزتان تقلب الثانية ياء فتصير خطائي ، فأعِلِّ - مثل " حظاعي " ثم يجب أن تقلب الياءُ والكسرة إلى الفتحة والألف - فتصير خطاءَاً ، مثل حظاعاً ، فيجب بأن تبدل الهمزة ياءً ، لوقوعها بين ألفين ، لأن الهمزة مجانسة للألفات فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد ، وهذا الذي ذكرناه مذهب سيبويه ولسيبويه مذهب آخر أصله للخليل ، وهو أنه زعم أن

خطايا أصلها فعائل ، فقلبت إلى فعَالى فكان الأصل عنده خطائى مثل

خطائع - فاعلم - ثم قدمت الهمزة فصارت خطائي مثل خطاعي ، ثم قلبت

بعد ذلك على المذهب الأول - وهذا المذهب ينقص في الإعلال مرتبه

واحدة ، واللفظ يَؤول في اللفظين خطايا.

* * *

﴿ ٥٨