١١٥

وقوله عزْ وجل : (وَللّه الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)

يرتفعان كما وصفنا من جهتين ، ومعنى (للّه) أي هو خالقهما.

و (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه).

(تُوَلُّوا) جزم بـ (أيْنَمَا) ، والجوإبُ (فَثَمَّ وَجْهُ اللّه) ، وعلامة الجزم في (تُوَلُّوا)

سقوط النون.

و (ثَمَّ) موضع نصب ولكن مبني على الفتح لا يجوز أن تقول ثَمًّا

زيد . وإنما بني على الفتح لالتقاءِ السَّاكنين ، وثم في المكان أشارة بمنزلة هنا

زيد ؛ فإذا أردت المكان القريب قلت هنا زيد ، وإذا أردت المكان المتراخي

عنك قلت (ثَمَّ) زيد ، وهناك زيد ، فإنما منعت (ثَمَّ) الإعراب لإبهامها.

ولا أعلم أحداً شرح هذا الشرح لأن هذا غير موجود في كتبهم.

ومعنى الآية أنه قيل فيها أنه يعني به البيت الحرام ، فقيل أينَما تولوا فثم

وجه اللّه أي فاقصدوا وجه اللّه بِتَيَمُّمِكم القبلة ، ودليل من قال هذا القول

 (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).

فقد قيل : إن قوماً كانوا في سفر فأدركتهم ظلمة ومطر فلم يعرفوا القبلة فقيل : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه).

وقال بعض أهل اللغة إنما  معنى  (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)

فالمعنى على قوله هذا : أن اللّه معكم أينما تولوا - كأنه أينما تولوا

فثم اللّه (وهو معَكم) وإنَّما حكينا في هذا ما قال الناس : وليس عندنا قطع

في هذا ، واللّه عزَّ وجلَّ أعلم بحقيقته -

ولكن قوله (إِنَّ اللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ) يدل على تَوْسيعه على الناس

في شيءِ رخص لهم به.

* * *

﴿ ١١٥