١٢٤وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) اذكروا إِذ اابتلى إبراهيم ربه ، ومعنى (فاتمهن) وفَّى بما أمر به فيهن ، وقد اختلفوا في الكلمات : فقال قوم تفسيرها أنه أمره بخمس خلال في الرأس ، وخمس خلال في البدَن ، فأمَّا اللاتِي في الرأس فالفرْق وقَص الشَارِبِ والسواكُ ، والمضْمضَةُ ، والاستنشاق ، وأمَّا التي في البدن فالختان وحلق العانة والاستنجاءُ وتقليم الأظافر ونتف الإبط. فهذا مذهب قوم وعليه كثير من أهل التفسير. وقال قوم : أن الذي ابتلاه به " ما أمره به من ذبح ولده. وما كان من طرحه في النار ، وأمر النجوم التى جرى ذكرها في القرآن في قوله عزَّ وجلَّ : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا) وما جرى بعد الكواكب من ذكر القمر والشمس ، فهذا مذهب قوم . وجميع هذه الخلال قد ابتلِيَ بها إبراهيم ، وقد وفَّى بما أُمِر به وأتى بما يأتي به المؤْمن بل البر المصطفى المختار ، ومعنى ابتلى اختبر. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا). الأم في اللغة القَصْدُ ، تقول : أممْتُ كذا وكذا ، إذا قصدته وكذلك (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) أي فاقصدوا. والِإمام الذي يْؤتم به فيفعل أهلُه وأمته كما فعل ، أي يقصدون - لمَا يقصد. (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). فأَعلم اللّه إبراهيم أن في ذريته الظالم ، وقد قرئت (لا ينال عهدي الظالمُون) والمعنى في الرفع والنصب - واحد ، لأن النَّيْلَ مشتمل على العهد. وعلى الظالمين إلا أنه منفي عنهم ، والقراءَة الجيّدة هي على نصب الظالمين ؛ . لأن المصحف . هكذا فيه ، وتلك القراءَة جيدة (بالغة) إلا أني لا أقرأ بها ، ولا ينبغي أن يُقْرأ بها لأنها خلاف المصحف ، ولأن : أن إبراهيم عليه السلام كأنَّه قال : واجعل الإمامة تنال ذريتي (واجعل) هذا العهد ينال ذريتي ، قال اللّه : (لا ينال عهدي الظالمين). فهو على هذا أقوى أيضاً. * * * |
﴿ ١٢٤ ﴾