١٥٧

وقوله عزَّ وجلَّ : (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)

والصلاة في اللغة على ضرببن : أحدهما الركوع والسجود ، والآخر الرحْمَةُ

والثناءُ والدعاءُ - فصلاةٌ الناس على الميت إِنما معناها الدعَاءُ والثناء على اللّه

صلاة ، والصلاة من اللّه عزَّ وجلَّ على أنبيائه وعباده معناها الرحمة - لهم ، والثناء عليهم ، وصلاتنا الركوع والسجود كما وصفنا.

والدعاءُ صلاة قال الأعشى :

عليك مثل الذي صليتِ فاغتَمِضِي . . . نَوماً فإِن لجنب المرءِ مضطجعاً

ويروى مثل الذي صليت ، فمن قال عليك مثل الذي صليت ، فمعناه

أنه يأمرها بأن تدعو له مثل الذي دعا لها . أي تعيد الدعاءَ له

ومن روى عليك مثل الذي صليتِ فهو رَد عليها.

كأنه قال عليك مثل دعائك ، أن ينالك من

الخير مثلُ الذي أرَدْتِ لِي بهذه ودعوتِ به لي -

وقال الشاعر :

صَلى على يحيى وأشْيَاعِه . . . رَبٌّ كَرِيمٌ وَشَفِيعٌ مُطَاع

 عليه الرحمة من اللّه والثناءُ الجميل.

وأصل هذا كله عندي من اللزوم يقال صَلِيَ وأصْلَى واصْطَلى ، إذَا لَزِم . ومن هذا ما يُصْلى في النار ، أىِ أنه يلزَم.

وقال : أهل اللغة في الصلاة هي من الصَّلْوينِ ، وهما مُكتَنفَا ذَنب الناقة.

وأول موصل الفخذ من الإنسان ، وكأنهما في الحقيقة مُكتنف العُصْعُص.

والأصل عندي القول الأول.

ألا ترى أن الاسم للصيام هو الِإمساك عن الطعام والشراب ، وأصل

الصيام الثبوت على الإمساك عن الطعام ، وكذلك الصلاة إنما هي لزوم ما

فرض اللّه ، والصلاة من أعظم الفَرْضِ الذي أمَرَ بلزومه وأما المصلي الذي يأتي في أثر السابق منَ الخَيْل فهو مسمى من الصلوين لا محالة ، وهما مكتنفا ذنب الفرس ، فكأنة يأتي مع ذلك المكان.

- قال الشاعر في الصيام الذي هو ثبوت على القيام :

خَيْل صيام وخيل غير صائمة . . . تحت العجاج وخيل تعلك اللجما

وقوله تعالى : (وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

الأكثرون في  (إِنَّا للّه) - تفخيم الألف ولزوم الفتح - وقد قيل وهو

كثير في كلام العرب إِنَّ اللّه بإِمالة الألف إلى الكسر ، وكان ذلك في هذا

الحرف بكثرة الاستعمال ، وزعم بعض النحوين أن النون كسرت ، ولم يفهم ما قاله القوم . إنما الألف ممالة إِلى الكسرة.

وزعم أن هذا مثل قولهم :

" الحمدِ للّه " ، فهذا صواب أعني قولهم (إِنَّا للّه) بالكسر وقولهم " الحمدِ للّه من أعظم الخطأ ، فكيف يكون ما هو صواب بإجماع كالخطأ.

* * *

﴿ ١٥٧