١٨٦

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)

 إذا قال قائل : اينَ اللّه . فاللّه عزَّ وجلَّ قريب لا يخلو منه مكان -

كما قال : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ)

وكما قال : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ).

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)

وقوله عزَّ وجلَّ : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).

إن شئت قلت إذا دعاني بياء وإن شئت بغير ياء إلا أن المصحف يتبع

فيوقف على الحرف كما هو فيه.

ومعنى الدعاءِ للّه عزَّ وجلَّ على ثلاثة أضرب.

فضرب منها توحيده والثناءُ عليه كقولك يا اللّه لا إله إلا أنت

وقَولك : رَبَّنَا لَك الحَمْدُ ، فقد دعوتَه بقولك ربنا ، ثم أتيت بالثناءِ والتوحيد

ومثله : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠).

أي يستكبرون عن توحيدي والثناءِ عليَّ ، فهذا ضرب من الدعاءِ.

وضرب ثانٍ هو مَسْألة اللّه العفوَ والرحمة ، وما يقرب منه

كقولك اللّهم اغفر لنا.

وضرب ثالث هو مسألته من الدنيا كقولك :

اللّهم ارزقني مالًا وولداً وما أشبه ذلك.

وإنما سمي هذا أجمعُ دعاء لأن الِإنسان يصدر في هذه الأشياءِ بقوله يا اللّه ، ويا رب ، ويَا حَي . فكذلك سمي دعاءُ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)

أي فليُجِيبُوني.

قال الشاعر :

وداع دعا يا من يجيب إلى الندا . . . فلم يَسْتَجِبْه عند ذاك مجيب

أي فلم يجبه أحد.

* * *

﴿ ١٨٦