٢٧٢وقوله عزَّ وجلَّ : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللّه وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) معناه إِنما عليك الِإبلاغ كما قال - جلَّ وعزَّ - (وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩). ومعنى : (وَلَكنَّ اللّه يَهْدي مَنْ يَشَاءُ). أي يوفق من يشاءُ للّهداية ، وقال قوم : لَوْ شاءَ اللّه لهداهم أي لاضطرهم إِلى أن يهتدوا - كما قال : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤). وكما قال - عزَّ وجلَّ - (ولَوْ شَاءَ اللّه لجَمَعهُم عَلَى الهُدى) وهذا ليس كذلك . هذا فيه : (وَلَكِنَّ اللّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ). فَلاَ مُهتديَ إِلا بتَوفيق اللّه - كما قال : (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ باللّه). ومعنى : (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللّه). هذا خاص لِلْمُؤْمِنِينَ ، أعْلمهم أنه قد عَلِم أنهم يريدون بِنَفقتهم ما عند اللّه جلَّ وعزَّ ، لأنه إِذا أعلمهم ذلك فقد علموا أنهم مثابون عليه ، كما قال : (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ). * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ). الرفع في (يُكَفِّرُ) والجزمْ جائزان ، ويقرأ - ونُكفر عنكم - بالنون والياءِ. وزعم سيبويه أنه يَخْتَار الرفعَ في وُيكَفَرُ ، قال لأن ما بعد الفاءِ قد صار بمنزلتِه في غير الجزاءِ ، وأجاز الجزم على موضع فهو خير لكم لأن يكن خيراً لكم ، وذكر أن بعضهم قرأ : (مَنْ يُضْلِلِ اللّه فَلا هَادِيَ لَهُ ويَذَرْهم) بجزم الراءِ ، والاختيار عنده الرفع في قوله (ويذرهُم) وفي (ونُكَفِّر) قال : فأمَّا النصب فضعيف جداً ، لا يجيزُ (ونُكَفِّرَ عَنْكم) إلا على جهة الاضطرار ، وزعم أنه نحو قول الشاعر : سَأتركُ مَنزِلي لبَنِي تَمِيم . . . وألحقَ بالحجاز فأستريحَا إلا أن النصب أقوى قليلاً لأنه إنَّمَا يَجبُ به الشًيءُ بوجُوبِ غيره فضارع الاستفهامَ وما أشبَههُ. هذا قول جميع البصريين وهو بين واضح. * * * |
﴿ ٢٧٢ ﴾