٣وقوله عزَّ وجلَّ : (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ) أيْ من قَبْل الْقُرآنِ. وقد اخْتَلَفَ النَحْوُّيونَ في " تَوْرَاة " فَقَالَ الكوفِيُّونَ تَوْرَاة يصلُحُ أنْ يكونَ " تَفْعَلَةَ " مِن وَرَيْتُ بِك زِنَادِي ، فالأصل عندهم توْرَيَة إلا أن الياء قلبت ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها . " وتفْعَلة " لا تكاد تُوجد في الكلام ، إِنما قالوا في تتْفلَة " تتفَلَة. وقال بعضهم يصلح أن يكون تَفْعِلة مثل تَوْصِيَة ولكن قلبت من تَفْعِلة إلي تَفْعَلَة . وكأنَّه يجيز في تَوْصِية تَوْصَاةَ ، وهذا رَديءَ ولم يَثْبُتْ في تَوفيَة توفاة ، ولا في توقية توقاه. وقال البصريون : أصلها فَوْعلَة ، وفوعلة كثير في الكلَامَ مثل الحوقلة. وَدَوْخَلة وما أشبه ذلك. وكل ما قلت فيه فَوْعَلْتُ فمصْدرُهُ فَوْعلَة ، فأصلها عندهم " وَوْريَة " ولكن الواو الأولى قلبت تاء كما في " تَوْلَج " وإنما هو فَوْعَل من ولجت ، وكما قلبت في تراث . الياءُ الأخيرة ، قلبت أيضاً لتحركها وانفتاح ما قبلها بإجماع. وَإنْجِيل : إفْعيل مِن النجْل وهو الأصلِ : هكذا يَقُول جميع أهل اللغة في إنْجِيل. ومعنى : (مِن قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ) : أي من قبلِ القُرآن. ومعنى (وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ). أي ما فُرق بِه بين الحَق والباطِل ورُوي عَنْ بَعْض المفسرين أن كل كتاب للّه فُرْقَان. ومعنى : (وَاللّه عَزِيز ذُو انتِقَام) أي قد ذل له كل شيءٍ بأثر صنعته فيه. ومعنى (ذُو انْتِقَام) أي ذُو أنْقَامٍ ممن كَفر به ، لأن ذكر الكافرين ههنا جرى. |
﴿ ٣ ﴾